وقال قوم : الازدهاف التزيُّد في الكلام. فإن كان صحيحاً فلأنّه ذَهابٌ عن الحقّ ومجاوزةٌ لـه.
زهق : الزاء والهاء والقاف أصلٌ واحدٌ يدلُّ على تقدَّم ومضيّ وتجاوز. من ذلك : زَهَقَتْ نفسه. ومن ذلك : زهَق الباطل؛ أَي مضى. ويقال : زَهَق الفرسُ أمامَ الخيل ، وذلك إذا سَبَقَها وتقدَّمَها. ويقال : زَهق السّهم ، إذا جَاوَزَ الهدَف. ويقالُ : فرسٌ ذات أزَاهيقَ؛ أَي ذاتُ جَرْي وسَبْق وتقدّم.
ومن الباب الزَّهْق ، وهو قَعْرُ الشَّيء؛ لأنّ الشَّيء يزهق فيه إذا سقط. قال رؤبة :
كأنَّ أيديَهنَّ تَهْوِي بالزَّهَق
فأمّا قولهم : أزْهَقَ إناءَه ، إذا ملأه ، فإن كان صحيحاً فهو من الباب؛ لأنَّه إذا امتلأ سَبَقَ وفاض ومَرَّ. ومن الباب الزَّاهق ، وهو السَّمِين؛ لأنَّه جاوز حدّ الاقتصاد إلى أن اكتَنز من اللحم . ويقولون : زَهَقَ مخُّه : اكتنز. قال زُهير في الزَّاهق :
ومن الباب الزَّهُوق ، وهو البئر البعيدة القعر.
فامَّا قولهم : النَّاسُ زُهاقُ مئة ، فممكن إن كان صحيحاً أنْ يكون من الأصل الذي ذكرنا ، كأنَّ عددَهم تقدَّمَ حتَّى بلغ ذلك. وممكن أن يكون من الإبدال ، كأنَّ الهمزةَ أُبْدِلَت قافاً. ويمكن أن يكون شاذّاً.
زهك : الزاء والهاء والكاف ليس فيه شيء إلاّ أنّ ابنَ دريد ذكر أنَّهم يقولون : زَهَكت الرِّيح التُّرابَ ، مثل سَهَكَتْ.
زهل : الزاء والهاء واللام كلمةٌ تدلُّ على ملاسةِ الشَّيء. يقال : فرس زُهْلول؛ أَي أملس.
زهلق : ممّا جاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف من المشتقّ الظاهرِ اشتقاقُه الزُّهلُوق ، وهو الخفيف ، وهو منحوت من زلق وزهق ، وذلك إذا تهارى سِفْلاه.
زهم : الزاء والهاء والميم أصلٌ واحد يدلُّ على سَمِن وشحم وما أشبه ذلك. من ذلك الزَّهَم ، وهو أن تَزْهَم اليدُ من اللّحم. وذكر ناسٌ أنَّ الزُّهْم شَحم الوحش ، وأنَّه اسمٌ لذلك خاصَّة ، ويقولون للسَّمين زَهِمٌ. فأمّا قولُهم في الحكاية على أبي زيد أنّ المزَاهَمة القُرب ، ويقال : زَاهَمَ فلانٌ الأربعينَ؛ أَي داناها ، فممكنٌ أن يُحمَل على الأصل الذي ذكرناه؛ لأنَّه كأنّه أراد التلطُّخ بها ومُماسَّتها. ويمكن أنْ يكون من الإبدال ، وتكون الميم بدلاً من القاف؛ لأنّ الزاهق عَيْنُ السمين . وقد ذكرناه.
زهمق : ممّا جاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف من المشتقّ الظاهرِ اشتقاقُه الزَّهْمَقة وهي الزَّهَم ، أو رائحة الزُّهُومة. فالقاف فيه زائدة.
زهو : الزاء والهاء والحرف المعتلّ أصلان : أحدهما يدلُّ على كِبْر وفَخر ، والآخر على حُسْن.
فالأوَّل الزَّهو ، وهو الفخر. قال الشّاعر :
ومن الباب : زُهِيَ الرجلَ فهو مزْهُوٌّ ، إذا تفخَّر وتعظّم.
ومن الباب : زَهَتِ الريح النباتَ ، إذا هَزَّتْه ، تَزْهاه. والقياس فيه أنّ المعْجَب ذَهَب بنفسه متمايلاً .
والأصل الآخر : الزَّهو ، وهو المنظر الحسَن. من ذلك الزَّهْو ، وهو احمرار ثمر النخل واصفرارُه. وحكَى بعضهم زَهَى وأَزْهَى. وكان الأصمعيّ يقول : ليس إلاّ زَهَا. فأمّا قول ابن مُقْبِل :
فقال قوم : الزَّهو : الباطل والكَذِب. والمعنى فيه أنَّه من الباب الأوّل ، وهو من الفخر والخُيَلاء.
وأمّا الزُّهَاء فهو القَدْر في العَدد ، وهو ممّا شذّ عن الأصلين جميعاً.
زوج : الزاء والواو والجيم أصلٌ يدلُّ على مقارنَة شيء لشيء. من ذلك الزوج زوج المرأة. والمرأةُ زوج بعلِها ، وهو الفصيح. قال الله جلّ ثناؤُه : ) اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ( البقرة : 35 . ويقال : لفلان زوجانِ من الحمام ، يعني ذكراً وأُنثى. فأمّا قولُه جلّ وعزّ في ذِكْر النبات : ) مِنْ كُلِّ زَوْج بَهِيج ( الحج : 5 ، فيقال : أراد به اللَّون ، كأنَّه قال : من كلّ لون بهيج. وهذا لا يبعد أن يكون مِن الذي ذكرناه؛ لأنَّه يزوَّج غَيْرَه ممّا يقاربه. وكذلك قولهم للنَّمَط الذي يُطرَح على الهودج : زَوج؛ لأنَّه زوجٌ لما يُلْقَى عليه. قال لبيد :
زوح : الزاء والواو والحاء أصلٌ يدلُّ على تَنحٍّ وزوال. يقول : زاح عن مكانه يزُوح ، إذا تنحَّى ، وأزحتُه أنا. وربَّما قالوا : أزاح يُزِيح.
زود : الزاء والواو والدال أصلٌ يدلُّ على انتقال بخير ، من عمل أو كسب. هذا تحديدٌ حَدَّه الخليل. قال : كلُّ مَن انتقل معه بخير مِن عمل أو كسب فقد تزوَّد. قال غيره : الزَّود : تأسيس الزاد ، وهو الطعام يُتَّخَذ للسَّفر. والمِزْوَد : الوعاء يُجعَل للزاد. وتلقَّب العَجمُ برِقاب المَزاوِدِ.
زور : الزاء والواو والراء أصلٌ واحد يدلُّ على المَيْل والعدول. من ذلك الزُّور : الكذب؛ لأنَّه مائلٌ عن طريقَةِ الحقّ. ويقال : زوَّرَ فلانٌ الشَّيء تزويراً. حتَّى يقولون زوَّر الشَّيءَ في نفْسه : هيّأه؛ لأنَّه يَعدِل به عن طريقة تكون أقربَ إلى قَبول السامع. فأمَّا قولهم للصَّنم زُور فهو القياس الصحيح. قال :
جاؤوا بزُورَيْهِمْ وجئنا بالأَصَمّْ
والزَّوَر : الميل. يقال : ازورَّ عن كذا؛ أَي مال عنه.
ومن الباب : الزائر؛ لأنَّه إذا زارَك فقد عدَل عن غيرك.
ثمّ يُحمل على هذا فيقال لرئيس القوم وصاحِب أمرهم : الزُّوَيْر ، وذلك أنّهم يعدِلون عن كلّ أحد إليه. قال :
ويقولون : هذا رجلٌ ليس له زَوْرٌ؛ أَي ليس له صَيُّورٌ يرجِع إليه. والتزوير : كرامة الزَّائر. والزَّوْرُ : القوم الزُّوَّار ، يقال ذلك في الواحد والاثنين والجماعة والنِّساء. قال الشّاعر :
فأمّا قولهم : إنّ الزِّوَرَّ القويّ الشديد ، فإنّما هو من الزَّوْر ، وهو أعلى الصَّدر شاذٌّ عن الأصل الذي أصّلناه.
زوع : الزاء والواو والعين كلمةٌ واحدة. يقال : زَاعَ النّاقة بزمامها زَوْعاً ، إذا جذبها. قال ذو الرُّمّة :
زُعْ بالزّمام وجَوْزُ الليل مركومُ
زوف : الزاء والواو والفاء ليس بشيء ، إلاّ أنّهم يقولون موتٌ زُوَاف : وحِيٌّ.
زوق : الزاء والواو والقاف ليس بشيء. وقولهم : زَوَّقْتُ الشَّيءَ إذا زيّنته وموّهتَه ، ليس بأصل ، يقولون : إنّه من الزَّاوُوق ، وهو الزِّئبق. وكلُّ هذا كلام.
زوك : الزاء والواو والكاف كلمةٌ إن صحّت. يقولون : إنّ الزَّوْكَ مِشية الغُراب. وينشدون :
في فُحْشِ زانية وزَوْكِ غُرَاب
ويقولون : من هذا زَوْزَكَت المرأة ، إذا أسرعت في المشي. وهذا باب قريبٌ من الذي قبلَه.
زول : الزاء والواو واللام أصلٌ واحدٌ يدلُّ على تنحّي الشَّيء عن مكانه. يقولون : زال الشَّيءُ زَوَالاً ، وزالت الشمس عن كبد السماء تَزُول. ويقال : أزَلْتُهُ عن المكان وزوّلته عنه. قال ذو الرُّمّة :
ويقال : إنّ الزّائلة كلُّ شيء يتحرّك. وأنشد :
وممّا شذّ عن الباب قولُهم : شيءٌ زوْل؛ أَي عَجَب. وامرأةٌ زَولة؛ أَي خفيفة. وقال الطرِمّاح :
زون : الزاء والواو والنون ليس هو عندي أصلاً على أنّهم يقولون : الزَّون : الصّنَم. ومرّة يقولون : الزَّوْن بيت الأصنام. وربّما قالوا زانَه يَزُونه بمعنى يَزِينه .
ومن الباب الزِّوَنَّة : القصيرة من النِّساء. والرجل زِوَنّ. وربّما قالوا : الزَّوَنْزَى : القصير. وكلّه كلام.
زوى : الزاء والواو والياء أصلٌ يدلُّ على انضمام وتجمُّع. يقال : زوَيت الشَّيءَ : جمعته. قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : « زُوِيتِ الأرضُ فأُرِيتُ مَشارِقَها ومغارِبَها ، وسيبلغُ مُلْكُ أُمَّتي ما زُوِيَ لي منها ». يقول : جِمِعت إليَّ الأرضُ. ويقال : زَوَى الرجلُ ما بين عينيه ، إذا قبضَه. قال الأعشى :
ويقال : انْزَوتِ الجِلدةُ في النّار ، إذا تَقَبَّضت. وزَاوية البيت لاجتماع الحائِطَين . ومن الباب الزِّيّ : حُسْن الهيئة. ويقال : زوى الإرثَ عن وارثِه يَزوِيه زَيّاً.
وممّا شذَّ عن هذا الأصل ولا يُعلم له قياسٌ ولا اشتقاق : الزّوْزَاة : حُسن الطرد ، يقال : زَوْزَيْتُ به.
ويقال : الزِّيزَاء : أطراف الرِّيش. والزِّيزاةُ : الأكَمة ، والجمع الزِّيزاء ، والزَّيازِي ، في شعر الهذليّ :
ويوفِي زَيازِيَ حُدْبَ التّلالِ
ومن هذا قدرٌ زُوَزِيَةٌ؛ أَي ضخمة .
وممَّا لا اشتقاقَ له الزَّوْء ، وهي المَنِيّة .
زيب : الزاي والياء والباء أصلٌ يدلُّ على خفّة ونشاط وما يشبه ذلك. والأصلُ الخِفّة. يقولون : الأَزْيَبُ النشاط. ويقولون : مَرّ فلانٌ وله أزْيَب إذا مَرَّ مَرّاً سريعاً. ومن ذلك قولهم للأمر المنكَر : أَزْيَبٌ. وهو القياس ، وذلك أنّه يُستخفّ لمن رآه أو سمعه. قال :
ومن الباب قولهم للرجل الذّليل والدّعِيِّ : أَزْيَب. ويقولون لمن قارَبَ خَطْوَه : أَزْيَب. وقد أعلمْتُكَ أنَّ مرجع البابِ كلِّه إلى الخِفّة وما قاربها.
وممّا يصلُح أن يقال إنّه شذّ عن الباب ، قولهم للجَنُوب من الرِّياح : أَزْيَب.
زيت : الزاء والياء والتاء كلمةٌ واحدة ، وهي الزّيت ، معروف. ويقال : زِتُّه ، إذا دهنْتَه بالزّيت. وهو مَزْيوت.
زيج : الزاء والياء والجيم ليس بشيء. على أنّهم يسمُّون خيطَ البنّاء زِيجاً. فما أدري أعربيٌّ هو أم لا.
زيح : الزاء والياء والحاء أصلٌ واحد ، وهو زَوال الشَّيء وتنحِّيه. يقال : زاح الشَّيءُ يَزِيحُ ، إذا ذهَب؛ وقد أزَحْتُ عِلَّته فزاحت ، وهي تَزِيح.
زيد : الزاء والياء والدال أصلٌ يدلُّ على الفَضْل. يقولون زاد الشَّيء يزيد فهو زائد. وهؤلاء قومٌ زَيْد على كذا؛ أَي يزيدون. قال :
ويقال : شيءٌ كثير الزَّيايد؛ أَي الزّيادات ، وربّما قالوا : زوائد. ويقولون للأسد : ذو زوائد. قالوا : وهو الذي يتزيَّد في زَئِيرِه وصَولته. والناقة تَتَزيَّد في مِشيتها ، إذا تكلفَتْ فوقَ طاقتِها. ويروون :
فقل مثل ما قالُوا ولا تتزَيَّد
بالياء ، كأنّه أراد التزيّد في الكلام.
زير : الزاء والياء والراء ليس بأصل. يقولون : رجل زِيرٌ : يحبُّ مجالَسة النّساء ومحادثَتهنّ. وهذا عندي أصلُه الواو. من زَارَ يزور ، فقلبت الواو ياءً للكسرة التي قبلها. كما يقال : هو حِدْثُ نِساء. قال في الزِّير :
زيغ : الزاء والياء والغين أصلٌ يدلّ على مَيَل الشَّيء. يقال : زاغ يَزيغُ زَيْغاً. والتَّزَيُّغ : التَّمايُل ، وقوم زاغَةٌ؛ أَي زائغون. وزاغَت الشمس ، وذلك إذا مالت وفاء الفيء . وقال الله جلّ ثناؤه : ) فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللهُ قُلُوبَهمْ ( الصف : 5 . فأمّا قولهم : تزيّغت المرأةُ ، فهذا من باب الإبدال ، وهي نونٌ أبدلت غَيناً.
زيف : الزاء والياء والفاء فيه كلام ، وما أظنُّ شيئاً منه صحيحاً. يقولون : درهم زائِف وزَيْف. ومن الباب زَافَ الجملُ في مَشيه يزيف ، وذلك إذا أسرع. والمرأة تَزِيف في مَشيها ، كأنّها تستدير. والحمامة تَزِيف عند الحَمَام. فأمّا الذي يُروَى في قول عديّ :
فيقولون : إنّ الزَّيف الطُّنُف الذي يقي الحائط : ويقال : « لزيْفهن ». وكلُّ هذا كلام. والله أعلم.
زيل : الزاء والياء واللام ليس أصلاً ، لكنّ الياء فيه مبدلةٌ من واو ، وقد مضى ذِكره ، وذُكرتْ هنالك كلماتُ اللَّفظ. فالتَّزايل : التباين. يقال : زَيَّلْتُ بينه؛ أَي فرّقْت، قال الله تعالى: ) فَزَيّلْنَا بَيْنَهُمْ (يونس : 28. ويقال : إنّ الزَّيَل تباعُد ما بين الفَخِذين ، كالفَحَج. وذُكر عن الشيبانيّ ـ إن كان صحيحاً ـ تزايلَ فلانٌ عن فلان : إذا احتَشَمَه. وهو ذاك القياسُ إن صحّ.
زيم : الزاء والياء والميم أصلٌ يدلُّ على تجمّع. يقال : لحم زِيَمٌ؛ أَي مُكتنِز. ويقال : اجتمع الناسُ فصارُوا زِيَماً. قال الخليل :
والخيل تعدُو زِيَماً حولنا
زين : الزاء والياء والنون أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على حُسن الشَّيء وتحسينه. فالزَّيْن نَقيضُ الشَّيْن. يقال : زيَّنتْ الشَّيء تزييناً. وازْيَنتِ الأرضُ وازَّيَّنتْ وازدانت إذا حَسَّنَها عُشْبُها. ويقال ـ إن كان صحيحاً ـ : إنّ الزَّين : عُرف الدِّيك. ويُنشدون :