4. و قال أبوالفداء: ثمّ إنّ أبابكر بعث عمر بن الخطّاب إلى عليّ و مَن معه ليخرجهم من بيت فاطمة و قال: إن أبى عليك فقاتلهم، فأقبل عمر بشي ء من نار على أن يضرم الدار فلقيته فاطمة و قالت: «إلى أين يابن الخطّاب أجئت لتحرق دارنا»؟! قال: نعم، أو يدخلوا فيما دخل فيه الأمّة...
[المختصر في تاريخ البشر، ج 1، ص 156.]
5. و أشار ابن أبي الحديد إلى إحضار النار إلى باب بيت فاطمة لحرق الدار عليهم بقوله: كما فعل عمر بن الخطّاب ببني هاشم لمّا تأخّروا عن بيعة أبي بكر فإنّه أحضر الحطب ليحرق عليهم الدار.
[شرح نهج البلاغة، ج 2، ص 147.]
وردت هذه القضية في كثير من المصادر الشيعيّة قديماً و حديثاً ككتاب سُليم و إثبات الوصية و غير ذلك، و إليك تفصيل ماورد.
1. قال المسعودي: فأقام أميرالمؤمنين و من معه من شيعته في منزله بما عهد اليه رسول الله صلى اللَّه عليه و آله فوجّهوا إلى منزله فهجموا عليه و أحرقوا بابه و استخرجوه منه كرهاً...
[إثبات الوصية، ص 124.]
2. روى سليم عن عليّ في حديث له: «فأحرق الباب ثمّ دفعه عمر...».
[كتاب سليم بن قيس، ج 2، ص 25، بحارالأنوار، ج 43، ص 197.]
3. و نقل الديلمي الحديث الذي دار بين علي و عمر بن الخطّاب و قال فيه مخاطباً لعمر بن الخطّاب: «ثمّ يؤمر بالنار التي أضر متموها على باب داري لتحرقوني و فاطمة بنت رسول الله صلى اللَّه عليه و آله و ابنيّ الحسن و الحسين و ابنتيّ زينب و أم كلثوم حتّى تحرقا به...».
[إرشاد القلوب، ج 2، ص 78؛ الكوكب الدّري، ص 191.]
4. و روى المفضّل عن الصادق في حديث قال فيه: «و لا كيوم محنتنا في كربلاء إن كان يوم السقيفة و إحراق النار على باب أميرالمؤمنين و الحسن و الحسين و فاطمة و زينب و أمّ كلثوم و فضّة و قتل محسّن بالرفسة أعظم و أدهى و أمرّ...».
[فاطمة الزهراء بهجة قلب المصطفى، ص 532.]
5. و روى عنه أيضاً قال عليه السلام «و إشعال النار على باب أميرالمؤمنين و فاطمة و الحسن و الحسين لإحراقهم بها و ضرب يد الصدّيقة فاطمة بالسوط...».
[بحارالأنوار، ج 53، ص 14.]
6. و روى أنّ النبيّ قال لعليّ في وصيته: «و ويل لمن هتك حرمتها و ويل لمن أحرق بابها...».
[بحارالأنوار، ج 22، ص 485؛ خصائص الأئمة، ص 72.]
7. و قالت فاطمة: «و ركل الباب برجله فردّه عليّ و أنا حامل فسقطت لوجهي و النار تسعر و تسفع وجهي، فضربني بيده حتّى انتثر قرطي من أذني، و جاءني المخاض فأسقطت محسناً قتيلاً بغير جرم...».
[بحارالأنوار، ج 8، ص 231، الطبعة الحجرية.]
8. و جاء في الإمامة و الخلافة: إنّ أبابكر بعد ما أخذ البيعه لنفسه من الناس بالإرهاب والسيف و القوة أرسل عمر و قنفذاً و جماعة إلى دار عليّ و فاطمة عليهاالسلام و جمع عمر الحطب على دار فاطمة و أحرق الدار، و لمّا جاءت فاطمة خلف الباب لتردّ عمر و أصحابه، عصر عمر فاطمة خلف الباب حتّى أسقطت جنينها و نبت مسمار الباب في صدرها و سقطت مريضة حتّى ماتت سلام الله عليها.
[فاطمة الزهراء بهجة قلب المصطفى، ص 756.]
قلت: ألم يثبت الإحراق من قول هؤلاء الأعلام قديماً و حديثاً كالسمعودي و غيره، فإذا لم يثبت هذا الأمر مع وجود كثرة من نقل ذلك فأيّ أمر يثبت و أيّ حجر يستقر؟
ربما ادّعى بعض من لاخبرة له بالتاريخ الإسلامي بأن بيوت المدينة و خصوصاً بيت فاطمة عليهاالسلام ما كان لها باب حتّى ينكر كثير من المسائل و الأحداث التي جرت في بيت فاطمة، و منها حرق بابها و ضغطها وراء الباب و كسر ضلعها و إسقاط جنينها.
و يا ليته راجع الاختصاص و تفسير العياشي و إثبات الوصية و تثبيت الإمامة و معاني الأخبار و نوادر الأخبار و الصراط المستقيم و سليم بن قيس و غير ذلك من الكتب المصرّح فيها بأنّه كان لبيت فاطمة باب و كسره عمر و دفعه برجله.
ففي تفسير العياشي- كما مرّ عليك:- فرأتهم فاطمة صلوات الله عليها غلقت الباب في وجوههم... فضرب عمر الباب برجله فكسره و كان من سعف...
[تفسير العياشي، ج 2، ص 67.]
و في البحار أيضاً: إن النبيّ صلى اللَّه عليه و آله: قرع الباب، و كان إذا قرع النبيّ صلى اللَّه عليه و آله لا يفتح له الباب إلّا فاطمة.
[بحارالأنوار، ج 43، ص 73.]
و أضاف اليماني واصفاً باب بيتها: و كانت الأبواب من خشب العرعر أو الساج.
[إنّها فاطمة الزهراء، ص 178.]
فلو لم يكن للبيت باب فكيف يتصوّر معنى للإغلاق و كيف يتصوّر للباب الذي لم يكن من خشب أو حديد، الكسر و الضرب بالرجل و كيف يتصوّر إذن القرع و الدقّ للإخبار أو المدافعة للدخول، حيث رواه لنا الإمام الزيدي: من أنّهم نهضوا إلى باب عليّ عليه السلام فدقّوا الباب، فدافعته فاطمة صلوات الله عليها، فدفعها و طرحها...
[تثبيت الإمامة، ص 16.] و غير ذلك ممّا مرّ عليك أو سيمرّ عليك، فراجع ليتّضح لك خلاف ما ادّعى.
لقد مرّ علينا أنّهم جاؤوا بالحطب أو بقبس من نار و أحرقوا باب بيت فاطمة، ولكن هل كسروا الباب للدخول إلى الدار أولم يبق من الباب شي ء بسبب الإحراق، و من كسر الباب إذن؟
فنقول- كما تشير إليه المصادر: إنّهم كسروا الباب و كان المتولّي لكسر الباب هو عمر بن الخطّاب كما أشار بذلك المفيد قائلاً: لما انتهوا إلى الباب ضرب عمر برجله فكسره- و كان من سعف النخل و دخلوا على عليّ و أخرجوه ملبّباً...».
[الاختصاص، ص 181.]
و جاء في كتاب سليم: «فأحرق الباب ثمّ دفعه عمر...
[كتاب سليم بن قيس، ص 250؛ بحارالأنوار، ج 43، ص 197.]
و في تفسير العياشي: فرأتهم فاطمة صلوات الله عليها أغلقت الباب في وجوههم و هي لا تشكّ أن لا يدخل عليها أحد إلّا بإذنها، فضر عمر الباب برجله فكسره و كان من سعف،
ثمّ دخلوا فاخرجوا عليّاً.
[تفسير العياشي، ج 2، ص 67؛ تفسير البرهان، ج 2، ص 93.]
و من المسائل المهمة في هذا المقطع هو حتمية الهجوم على دار فاطمة بعد الإحراق و كسر الباب، لأنّهم بعد لم يصلوا إلى هدفهم و لم تتمّ العملية إلّا بإخراج عليّ مكرهاً من البيت للبيعة؛ و لذلك واصلوا عملهم بعد كسر الباب بالدخول قهراً و بلا إذن من عليّ و فاطمة عليهاالسلام و كان أبوبكر فيما بعد يتذكّر كيفية الهجوم على بيت فاطمة و على ما نقل أنّه كان يتأسّف و يقول: و ليتني لم أُفتّش بيت فاطمة بنت رسول الله و أدخله الرجال و لو كان أغلق على حرب.
[تاريخ اليعقوبي، ج 2، ص 137؛ ميزان الاعتدال، ج 3، ص 108.]
و ما معنى «أفتّش؟» و هل معناه إلّا الدخول القهري بدون رضا صاحب البيت.
و لقد أورد هذه القضية كثير من المؤرّخين في تواريخهم منهم:
1. اليعقوبي قال: و بلغ أبابكر و عمر أنّ جماعة من المهاجرين و الأنصار قد اجتمعوا مع عليّ بن أبي طالب في منزل فاطمة بنت رسول الله، فأتوا في جماعة حتّى هجموا الدار... فخرجت فاطمة فقالت: «والله لتخرجنّ أو لأكشفنّ شعري و لأعجنّ إلى الله...».
[نفس المصدر، ص 126.]
2. و قال المسعودي، فأقام أميرالمؤمنين و مَن معه من شيعته في منزله بما عهد إليه رسول الله صلى اللَّه عليه و آله فوجّهوا إلى منزله فهجموا عليه و أحرقوا بابه و استخرجوه منه كرهاً...
[إثبات الوصيّة، ص 124.]
3. و قال المفيد: فدخلوا على عليّ و أخرجوه ملبّباً...
[الاختصاص، ص 181.]
4. و قال الطبرسي: فانطلق قنفذ فاقتحم هو و أصحابه بغير إذن...
[الاحتجاج، ج 1، ص 108.]
5. و نقل الطبري عن عمار قائلاً: فلم قبض رسول الله و جرى ما جرى في يوم دخول القوم عليها دارها...
[دلائل الإمامة: ص 26.]
6. و قال الدينوري: و بقي عمر و معه قوم فأخرجوا علياً فمضوا به إلى أبي بكر...
[الإمامة و السياسة، ص 20.]
7. و قال الفيض: و اجتمعوا عليه حتّى أخرجوه سحباً من داره ملبّباً بثوبه يجرّونه إلى المسجد.
[نوادر الأخبار، ص 183.]
8. و قال الزيدي في حديثه عن كيفية أخذ البيعة من الإمام عليّ: فقال أبوبكر لعمر انهض في جماعة و اكسر باب هذا الرجل، و جئنا به يدخل فيما دخل فيه الناس، فنهض عمر و مَن معه إلى باب عليّ، فدقّوا لباب فدافعته فاطمة عليهاالسلام فدفعها و طرحها، فصاحت: «يا عمر أحرجك بحرج الله أن لا تدخل عليّ بيتي فإنّي مشكوفة الشعر مبتذلة»، فقال لها: خذي ثوبك فقالت: «مالي ولك » ثمّ قال لها: خذي ثوبك فإنّي داخل، فأعادت عليه البتول فدفعها و دخل هو و أصحابه، فحالت بينهم و بين البيت الذي فيه عليّ عليه السلام، و هي ترى أنّها أوجب عليهم حقّاً من عليّ لضعفها و قرابتها من رسول الله صلى اللَّه عليه و آله فوثب إليها خالد بن الوليد و ضربها بالسوط على عضدها حتّى كان أثره في عضدها مثل الدملج و صاحت عند ذلك...
[تثبيت الإمامة، ص 16.]
فلا ريب أنّ القارئ الكريم لو أعاد النظر على ما مرّ عليه من قضية الهجوم من قول المؤرّخين لعلم يقيناً أنّ الهجوم قد اتّفق بأعنف شكل و أبشعه.
و من المسائل المهمّة أيضاً أن يقف القارئ على هذه الحقيقة، و هي هل الزهراء فاطمة عليهاالسلام أصيبت في تلك الحادثة أم لا؟
فنقول: روى المؤرّخون بهذا الصدد ممّا يشجي القلب فضغطوها وراء الباب و لطموا وجهها، و كسروا ضلعها، و ضربوا يديها بنعل السيف و أدموها.
إنّ القوم لما جاؤوا إلى بيت فاطمة لإخراج عليّ من البيت للبيعة ظنّت فاطمة عليهاالسلام أنّهم
لن يدخلوا البيت من دون إذنها؛ فلذلك جائت خلف الباب تكلّم القوم و تحذّرهم من مخالفة الرسول الله صلى اللَّه عليه و آله و إيذاء أهل بيته، فهي كانت تكلّم القوم و تشكو إلى أبيها ظلم الحاقدين حتّى فوجئت بحرق الباب و كسره و دفعه في صدرها.
قال المسعودي: و ضغطوا سيّدة النساء بالباب....
[إثبات الوصية، ص 124.]
و قال الفيض الكاشاني: فاختبت فاطمة عليهاالسلام وراء الباب فدفعها عمر حتّى ضغطها بين الباب و الحائط.
[نوادر الأخبار، ص 183.]
و أشار الصدوق في ذيل حديث النبيّ لعليّ: «يا عليّ لك كنز في الجنّة و أنت ذو قرنيها» إلى ما سمعه من بعض المشايخ قائلاً: إنّ هذا الكنز هو ولده المحسن، و هو السقط الذي ألقته فاطمة عليهاالسلام لمّا ضغطت بين البابين....
[معاني الأخبار، ص 206.]
و أخبر النبيّ صلى اللَّه عليه و آله قبل موته بذلك ضمن حديث طويل قال فيه: «و إنّي لمّا رأيتها ذكرت ما يصنع بها بعدي، كأنّي بها و قد دخل الذلّ بيتها و انتهكت حرمتها و غصبت حقّها و منعت إرثها و كسر جنبها».
[أمالي الصدوق، ص 101؛ إرشاد القلوب، ج 2، ص 88؛ بشارة المصطفى، ص 198؛ نوادر الأخبار، ص 161؛ فرائد السمطين، ج 2، ص 35.]
و أمّا الطبرسي قدس سره: فينسب ذلك إلى قنفذ حينما حالت فاطمة بين القوم و زوجها عند باب البيت و قال: و حالت فاطمة بين زوجها و بينهم عند باب البيت فضربها قنفذ على عضدها... فأرسل أبوبكر إلى قنفذ: اضربها فألجأها عضادة باب بيتها فدفعها بكسر ضلعاً من جنبها.
[الاحتجاج، ج 1، ص 108، كتاب سليم بن قيس، ص 40.]
و بقيت فاطمة سلام الله عليها بقية أيامها بعد الهجوم على دارها و ضربها تشتكي من
جرح عضدها الذي صار كالدملوج، من أثر الضربة التي ضربها عمر بن الخطاب أو قنفذ، لاحظ النصوص:
روى المفضّل عن الصادق عليه السلام فمن حديث هذه المأساة قائلاً: «و إشعال النار على باب أميرالمؤمنين و فاطمة و الحسن و الحسين لإحراقهم بها و ضرب يد الصدّيقة الكبرى فاطمة بالسوط».
[بحارالأنوار، ج 53، ص 14.]
و جاء في الاحتجاج: و حالت فاطمة عليهاالسلام بين زوجها و بينهم عند باب البيت، فضربها قنفذ بالسوط على عضدها، فبقي أثره في عضدها من ذلك مثل الدملوج من ضرب قنفذ إياها.
[الاحتجاج، ج 1، ص 108.]
و قال الفيض: فامر عمر قنفذ لعنه الله ان يضربها بسوطه، فضربها قنفذ بالسوط على ظهرها و جنبها إلى ان انهكها و اثر في جسمها الشريف.
[نوادر الأخبار، ص 183.]
و ممّا يدل على أنّهم جرحوا فاطمة و أدموها و سال الدم منها هو ما أشار إليه المقداد و عقيل بن أبي طالب بعد دفن فاطمة ليلاً و علّة دفنها سرّاً، فإنّه لمّا سأل عمر بن الخطاب المقداد بن الأسود أنّه متى تدفن فاطمة عليهاالسلام قال له المقداد: أنها دفنت في الليلة الماضية، فلمّا سمع عمر ذلك، أخذ يضرب المقداد حتّى خلّصوه من يده، فوقف المقداد بوجههم قائلاً، ماتت ابنة رسول الله و الدم ينزل من ظهرها و جنبها بسبب الضرب الذي أوردتموه عليها بالسيف و السوط.
[كامل البهائي، ج 1، ص 312.]
و قال عقيل آنذاك: والله أنتم لأشدّ الناس حسداً و أقدمهم عداوة لرسول الله صلى اللَّه عليه و آله و أهل بيته، ضربتموها بالأمس و خرجت من الدنيا بدم و هي غير راضية عنكما.
[كامل البهائي، ج 1، ص 312.]
و الإمام الحسن المجتبى أيضاً أشار إلى إدماء فاطمة بعد أن خاطب بذلك مغيرة بن شعبة و قال: «و أنت ضربت فاطمة بنت رسول الله صلى اللَّه عليه و آله حتّى أدميتها و ألقت ما في بطنها...».
[بحارالأنوار، ج 44، ص 83؛ ذرائع البيان، ج 1، ص 61.]
يعتقد عامّة مؤرّخي الشيعة أنّ أولاد الزهراء فاطمة صلوات الله عليها خسمة و أسقط الخامس (و كان ولداً ذكراً) حينما هجموا دارها لأخذ البيعة من علي عليه السلام: و أمّا مؤرّخو السنة فهم ما بين مهمل لذكر هذا الولد لفاطمة عليهاالسلام و بين مشير إليه:
فأمّا السبط ابن الجوزي
[تذكرة الخواصّ، ص 57 و 288.] و الطبري
[دخائر العقبى، ص 55.] فهما و إن ينسبان هذا الولد إلى فاطمة لكن يقولان: إنّه مات و هو صبيّ. و أمّا ابن الصباغ المالكي فقد أشار إلى هذا الولد أنّه كان سقطاً لكن نسبه إلى الشيعة و قال: و ذكروا أنّ فيهم محسناً شقيقاً للحسن و السحين ذكرته الشيعة و أنّه كان سقطاً.
[الفصول المهمّة، ص 124.]
إنّ مسألة الإسقاط كانت مشهورة بين المحدّثين الكبار، و كان يجري ذكر ذلك في مجالسهم من غير أن ينكروا ذلك. فلقد جاء ذلك في كتب الذهبي الثلاثة و شذرات الذهب و الملل و النحل، و فرائد السبطين و شرح نهج البلاغة و غير ذلك.
و إليك بعض النصوص في ذلك.
نقل الذهبي مسألة الإسقاط عن محمد بن حماد حينما ترجم له في سير أعلام النبلاء قائلاً: و قال محمد بن حماد الحافظ: كان مستقيم الأمر عامّة دهره، ثمّ في آخر أيّامه كان أكثر ما يقرأ عليه المثالب حضرته و رجل يقرأ عليه أنّ عمر رفس فاطمة حتّى أسقطت محسّناً.
[سير أعلام النبلاء، ج 15، ص 578.]
و نقل هذا أيضاً في كتابيه ميزان الاعتدال
[ميزان الاعتدال، ج 1، ص 139.] و تاريخ الإسلام
[تاريخ الإسلام حوادث سنة، 351، ص 68.] و نقله أيضاً العماد الحنبلي في شذرات الذهب
[شذرات الذهب، ج 3، ص 11.] بعين ما تقدّم.
و أضاف ابن قتيبة على ما رواه ابن شهر آشوب عن معارفة، بعد ذكره لهذا الولد قال: إنّ محسناً فسد من زخم قنفذ العدوى.
[مناقب آل أبي طالب، ج 3، ص 358.]
قلت: لقد أسقطوا هذه العبارة من كتاب القتيبي في المعارف و أثبتوا مكانها.
هذه العبارء: «و أما محسن بن عليّ فهلك و هو صغير».
[المعارف، ص 92.] ما لهم خذلهم الله إلى متى هذا التلاعب بالنصوص؟
فلقد زادوا و نقصوا و دسوا في الكتب و الآثار ما شاءت لهم الأقدار، كما ابتلي بهذه العملية البشعة كثير من الكتب التاريخية القديمة و الحديثة كما شاهدنا ذلك في فردوس الأخبار للديلمي و غير ذلك، فلو راجعت مقدّمة الديلمي في كتابه الفردوس (ج 1 ص 7) لقرأت في مقدمته:
قوله: أثبت في كتابي هذا عشرة آلاف حديث و لكنّك ترى الموجود حالياً في هذا الكتاب (9056) حديثاً، و قد أسقط (44) حديثاً. فسئل المحقّق أين بقيّة الأحاديث؟
و روى الشهرستاني في ملله عن النظّام قائلاً: و كان يعتقد بأنّ عمر ضرب بطن فاطمة يوم البيعة حتّى ألقت الجنين من بطنها، و كان يصيح: أحرقوا دارها بمن فيها، و ما كان في الدار غير عليّ و فاطمة والحسن والحسين.
[الملل و النحل، ص 59؛ الوافي بالوفيات، ج 6، ص 17.]
و أمّا حديث إسقاط فاطمة عليهاالسلام جنينها فقد أوردها الكثير من الشيعة الإمامية و بعض العلماء الزيدية في مؤلفاتهم قديماً و حديثاً من دون أيّ تحرّز و تقيّة، فقد جاء ذكر ذلك في كتاب سليم بن قيس و إثبات الوصية و أمالي الصدوق و الاحتجاج و بشارة المصطفى و معاني الأخبار و تثبيت الإمامة و عشرات المصادر أيضاً مصرّحين بذلك، لكن نراهم ما بين من صرّح باسم الضارب و المرتكب للجريمة، و بين من أهمل ذلك الاسم
في بعض كتبه و صرّح به في بعضه الآخر، و بين من نسب هذه القضية إلى يوم البيعة و داخل البيت، و بين من صرّح بأنّ مأساة ضرب بطن الزهراء و إسقاط الجنين كان في خارج البيت:
1. روى المفضّل عن الصادق في حديث طويل قد شرح فيه ما جرى على الزهراء و قال فيه: «و لا يوم كيوم محنتنا في كربلاء و إن كان يوم السقيفة و إحراق النار على باب أميرالمؤمنين والحسن والحسين و فاطمة و زينب و أمّ كلثوم و فضّة و قتل محسّن بالرفسة أعظم و أدهى و أمرّ...»
[فاطمة الزهراء بهجة قلب المصطفى، ص 532، بحارالأنوار، ج 53، ص 14- 17.]
2. و نقل المسعودي أيضاً هذه المأساة من دون نسبته إلى شخص معيّن و قال: و ضغطوا سيدة النساء بالباب حتّى أسقطت محسناً.
[إثبات الوصية، ص 124.]
3 و روى الصدوق في معاني الأخبار ما مرّ عليك في تفسير الحديث المرويّ عن رسول الله صلى اللَّه عليه و آله: «يا على لك كنز في الجنّة». قال: و قد سمعت بعض المشايخ يذكر أنّ هذا الكنز هو ولده المحسن، و هو السقط الذي ألقته فاطمة عليهاالسلام لمّا ضغطت بين البابين.
[معاني الأخبار، ص 206؛ الكوكب الدرّي، ص 265.]
و قال في المستجاد: و في الشيعة مَن يذكر أنّ فاطمة صلوات الله عليها أسقطت بعد النبيّ رسول الله صلى اللَّه عليه و آله ذكراً كان سمّاه رسول الله صلى اللَّه عليه و آله و هو حمل محسناً.
[المستجاد، ص 140.]
و قال البياضي: و منها ما رواه البلاذري و اشتهر في الشيعة أنّه حصر فاطمة في الباب حتّى أُسقطت محسناً، مع علم كل أحد بقول أبيها لها: «فاطمة بضعة منّي، من آذاها فقد آذاني».
[الصراط المستقيم، ج 3، ص 12.]
و روى الطبري عن الصادق عليه السلام: أنّه قال: «و كان سبب وفاتها أنّ قنفذ مولى الرجل