فضائل الإمام علی (ع)

نسخه متنی -صفحه : 134/ 109
نمايش فراداده

لقد نحل الله طوبى في مهر فاطمة

عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه عليهم السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام:

'دخلت ام أيمن على النبي صلى الله عليه و آله و في ملحفتها شي ء، فقال لها رسول الله صلى الله عليه و آله ما معك يا أم أيمن؟

فقالت: إن فلانة أملكوها فنثروا عليها، فأخذت من نثارها.

ثم بكت ام أيمن و قالت: يا رسول الله، فاطمة زوجتها و لم تنثر عليها شيئا!

فقال رسول الله صلى الله عليه و آله: يا ام أيمن لم تكذبين، فإن الله تبارك و تعالى لما زوجت فاطمة عليا أمر أشجار الجنة أن تنثر عليهم من حليها و حللها، و ياقوتها و درها، و زمردها و استبرقها، فأخذوا منها ما لا يعلمون، و لقد نحل الله طوبى في مهر فاطمة فجعلها في منزل علي'.

الامالي للصدوق المجلس 48 الحديث 3، تفسير العياشي ج 2 ص 211 الرقم 45، البحار ج 43 ص 98 الرقم. 10

تزوجه بالزهراء

و قد مر مفصلا في سيرة الزهراء في الجزء الثاني مع ذكر مصادره فليرجع اليها من اراد، و نعيد هنا ما له تعلق بعلي 'ع' بشي ء من الاختصار و ان لزم بعض التكرار من دون ذكر المصادر لانها تقدمت. و بعد ما استقرت قدم علي عليه السلام بالمدينة و نزل مع النبي 'ص' في دار ابي ايوب الانصاري كان من اللازم ان يقترن بزوجة و كان على النبي 'ص' ان يزوجه فهو شاب قد بلغ العشرين او تجاوزها. و التزوج من السنة و من احق من النبي و علي صلوات الله عليهما باتباع السنة، و من هي هذه الزوجة التي يخطبها علي و يقترن بها، و من هي هذه الزوجة التي يختارها له النبي 'ص' و يقضي بذلك حقه و حق ابيه ابي طالب؟ليست الا ابنة عمه فاطمة، فلا أكمل و لا افضل منها في النساء، و لا أكمل و لا افضل من علي في الرجال، اذا فتحتم على علي ان يختارها زوجة و على الرسول 'ص' ان يختارها له، و لذلك قال النبي 'ص' لو لا علي لم يكن لفاطمة كفؤ. و لكن النبي 'ص' عند دخوله المدينة كان قد نزل في دار ابي ايوب الانصاري و كان علي معه فيها كما مر، و لم يكن قد بنى لنفسه بيتا و لا لعلي و لذلك لم يزوج عليا اول وروده المدينة و انتظر بناء بيت له، و مع ذلك ففي بعض الروايات الآتية في آخر الكلام انه زوجه بها بعد مقدمه المدينة بخمسة اشهر و بنى بها مرجعه من بدر فيكون قد عقد له عليها و هو في دار ابي ايوب و دخل بها بعد خروجه من دار ابي ايوب بشهرين كما ستعرف، و خطبها ابو بكر ثم عمر الى النبي 'ص' مرة بعد اخرى فردهما فمرة يقول انها صغيرة و مرة يقول انتظر بها القضاء.

و ما كانت خطبتهما لها الا لشدة الرغبة في نيل الشرف مع انهما لا يحتملان الاجابة الا احتمالا في غاية الضعف، و الا فكيف يظنان انه يزوجها احدهما مع وجود اخيه و ناصره و ابن عمه الذي ليس عنده زوجة و أفضل اهل بيته و اصحابه، و هو بعد لم ينس فضل ابى طالب العظيم عليه، فلم يكن يتصور متصور انه يزوجها غيره او يرى لها كفؤا سواه، لكن شدة الرغبة و التهالك في شي ء قد يدعو الى التشبث في ليله بالاوهام، فقال نفر من الانصار لعلي عندك فاطمة فأتى النبي 'ص' فسلم عليه فقال ما حاجتك قال ذكرت فاطمة قال مرحبا و اهلا فأخبر النفر بذلك قالوا يكفيك احدهما اعطاك الاهل اعطاك المرحب: ثم ان رسول الله 'ص' قال لفاطمة ان عليا يذكرك و هو ممن عرفت قرابته و فضله في الاسلام و اني سألت ربي ان يزوجك خير خلقه و احبهم اليه، فسكتت فقال الله اكبر سكوتها اقرارها. و في الشريعة الاسلامية انه يكفي في رضا البكر السكوت و لا يكفي في الثيب الا الكلام، و كيف لا تسكت فاطمة و لا ترضى و هي قد عرفت عليا في صغره و شبابه و درست اخلاقه و احواله درسا كافيا فانه تربى معها و في بيت ابيها مع ذكائها و فطنتها و كونها ابنة رسول الله 'ص' قد تربت في حجره و اقتبست من خلقه و علمه و ابنة خديجة عاقلة النساء و فضلاهن و قد صاحبت فاطمة عليا عليهما السلام في هجرتها من مكة الى المدينة و رأت بعينها شجاعته الخارقة حين لحقه الفوارس الثمانية و كيف قتل جناحهم فقده من كتفه الى قربوس فرسه و هرب اصحابه أذلاء صاغرين، و عرفت كيف كانت محافظته عليها و على رفيقاتها الفواطم الهاشميات في ذلك السفر و حنوه عليها و عليهن و رفقه بها و بهن، و انه لو كان معها ابوها لم يزد عليه في ذلك حتى انه لم يرض ان يسوق بهن ابو واقد سوقا حثيثا في ساعة الخطر و امره بالرفق و لم يبال بذلك الخطر و استهانه و لم يحفل به اعتمادا على شجاعته و بطشه و تأييد الله له فهل يمكن ان تتردد في الرضا بان يكون لها بعلا و تكون له زوجة، و تحقق بذلك صدق ابيها في انه لو لا علي لم يكن لفاطمة كفؤ على وجه الارض، و انما اراد الرسول 'ص' باستشارتها الجري على السنة و تعليم امته ان تستأمر المرأة عند ارادة تزويجها و ان لا يستبدوا بها و اظهار كرامة المرأة في استشارتها حتى لو كان ابوها سيد الأنبياء و خاطبها علي بن ابي طالب سيد الامة بعد ابيها و بيانا لخطأ اهل الجاهلية في استبدادهم بالمرأة.