قال ابن الاثير في الكامل قيل من غير وجه ان عليا كان يقول ما يمنع اشقاكم ان يخضب هذه من هذه يعني لحيته من دم رأسه.
و قال الحسن بن كثير عن ابيه: خرج علي من الفجر فاقبل الاوز يصحن في وجهه فطردوهن عنه فقال ذروهن فانهن نوائح، فضربه ابن ملجم في ليلته، و قال الحسن بن علي يوم قتل علي: خرجت البارحة و ابي يصلي في مسجد داره فقال لي يا بني اني بت اوقظ اهلي لانها ليلة الجمعة فملكتني عيناي فنمت فسنح لي رسول الله "ص" فقلت يا رسول الله ماذا لقيت من امتك من الأود و اللدد "قال ابو الفرج: و الأود العوج و اللدد الخصومات" فقال لي: ادع عليهم فقلت اللهم ابدلني بهم من هو خير منهم و ابدلهم بي من هو شر مني فجاء ابن الثباج فآذنه بالصلاة فخرج و خرجت خلفه فضربه ابن ملجم فقتله. و في تذكرة الخواص عن الشعبي انشد علي عليه السلام قبيل قتله بايام:
قال الطبري في تاريخه و ابن الاثير في الكامل: كان سبب قتله عليه السلام ان عبد الرحمن ابن ملجم المرادي و البرك بن عبد الله التميمي الصريمي و اسمه الحجاج و عمرو بن ابي بكر التميمي السعدي و هم من الخوارج اجتمعوا فتذاكروا امر الناس و عابوا الولاة ثم ذكروا أهل النهر فترحموا عليهم و قالوا ما نصنع بالبقاء بعدهم فلو شرينا انفسنا لله و قتلنا ائمة الضلال و ارحنا منهم البلاد فقال ابن ملجم انا اكفيكم عليا و قال البرك بن عبد الله انا اكفيكم معوية و قال عمرو بن بكر انا اكفيكم عمرو بن العاص فتعاهدوا ان لا ينكص احدهم عن صاحبه الذي توجه اليه حتى يقتله أو يموت دونه و اخذوا سيوفهم فسموها و اتعدوا لتسع عشرة أو سبع عشرة من رمضان فاتى ابن ملجم الكوفة فلقي اصحابه بها و كتمهم امره و رأى يوما اصحابا له من تيم الرباب و معهم امرأة منهم اسمها قطام "بنت الاخضر التيمية" قتل ابوهما و اخوها يوم النهر و كانت فائقة الجمال فخطبها فقالت لا اتزوجك الا على ثلاثة آلاف و عبد و قينة و قتل علي فقال اما قتل علي فما اراك ذكرته و انت تريدينني قالت بل التمس غرته فان اصبته شفيت نفسك و نفسي و نفعك العيش معي و ان قتلت فما عند الله خير من الدنيا و ما فيها قال و الله ما جاء بي الا قتل علي فلك ما سألت قالت سأطلب لك من يشد ظهرك و يساعدك و بعثت الى رجل من قومها اسمه وردان فاجابها و اتى ابن ملجم رجلا من اشجع اسمه شبيب بن بجرة فقال هل لك في شرف الدنيا و الآخرة قال و ما ذاك قال قتل علي ابن ابي طالب قال شبيب ثكلتك امك لقد جئت شيئا ادا كيف تقدر على قتله قال اكمن له في المسجد فاذا خرج الى صلاة الغداة شددنا عليه فقتلناه قال ويحك لو كان غير علي كان اهون قد عرفت سابقته و فضله و بلاءه في الاسلام و ما اجدني انشرح لقتله قال اما تعلمه قتل أهل النهر العباد الصالحين قال بلى قال فلنقتله بمن قتل من اصحابنا فاجابه فلما كان ليلةالجمعة
___________________________________ هكذا في تاريخ الطبري و كامل ابن الاثير و لعل الصواب ما يأتي عن المفيد ناقلا له عن ابي مخنف انه ضرب ليلة الاربعاء و قبض ليلة الجمعة و انه وقع اشتباه بين ليلة الضرب و ليلة الوفاة و الله اعلم. المؤلف.
و لم أر مهرا ساقه ذو سماحة++
كمهر قطام من فصيح و اعجم
ثلاثة آلاف و عبد و قينة++
و ضرب علي بالحسام المصمم
فلا مهر أغلى من علي و ان غلا++
و لا فتك الا دون فتك ابن ملجم
قال الطبري: و اما البرك بن عبد الله فانه في تلك الليلة قعد لمعوية فلما خرج ليصلي الغداة شد عليه بسيفه فوقع في اليته فأخذ فقال ان عندي خبرا اسرك به فان اخبرتك فنافعي ذلك عندك قال نعم قال ان اخالي قتل عليا في مثل هذه الليلة قال لعله لم يقدر على ذلك قال بلى ان عليا يخرج ليس معه من يحرسه فأمر به معوية فقتل، و بعث معوية الى الساعدي و كان طبيبا فقال اختر اما ان احمي حديدة فأضعها موضع السيف و اما ان اسقيك شربة تقطع منك الولد و تبرأ فان ضربتك مسمومة، قال: اما النار فلا صبر لي عليها و اما الولد فان في يزيد و عبد الله ما تقر به عيني فسقاه الشربة فبرى ء و عالج جرحه حتى التأم و لم يولد له بعدها. قال سبط ابن الجوزي: لما بلغ القاضي ابا حازم ذلك قال يا ليت ذلك قبل ان يولد يزيد، و امر معوية عند ذلك بالمقصورات و حرس الليل و قيام الشرط على رأسه اذا سجد، قال ابن الاثير: و هو اول من عملها في الاسلام "اقول" المقصورة بناء او شبهه يصلي داخله الحامل لقب الخلافة لئلا يغتاله احد و يصلي الناس خلفه. اول من عمله معوية و اقتدى به من بعده. و اما عمرو بن بكر فجلس لعمرو بن العاص تلك الليلة فلم يخرج و كان اشتكى بطنه، فأمر خارجة بن حذافة صاحب شرطته من بني عامر بن لؤي فخرج ليصلي فشد عليه و هو يرى انه عمرو فقتله فأخذ الى عمرو فرآهم يسلمون عليه بالامرة فقال من هذا قالوا عمرو قال فمن قتلت قالوا خارجة فقال لعمرو اما و الله يا فاسق ما ظننته غيرك قال عمرو اردتني و اراد الله خارجة فقدمه عمرو فقتله و بلغ ذلك معوية فكتب الى عمرو:
وقتك و اسباب المنايا كثيرة++
منية شيخ من لؤي بن غالب
فيا عمرو مهلا انما انت همه ++
و صاحبه دون الرجال الاقارب
نجوت و قد بل المرادي سيفه ++
من ابن ابي شيخ الاباطح طالب
و يضربني بالسيف آخر مثله ++
فكانت علينا تلك ضربة لازب
"أقول": و في ذلك يقول ابن عبدون في رائيته المشهورة:
وليتها اذ فدت عمرا بخارجة++
فدت عليا بمن شاءت من البشر
و روى ابو الفرج الاصبهاني في مقاتل الطالبيين و ابن عبد البر في الاستعياب باسناديهماو بين كل منهما بعض التفاوت و نحن نذكر محصل الكلامين: انه جمع لعلي عليه السلام اطباء الكوفة يوم جرح فلم يكن اعلم بجرحه من اثير بن عمرو بن هاني السكوني و كان ابصرهم بالطب و كان متطببا صاحب كرسي يعالج الجراحات و قال ابو الفرج كان من الاربعين غلاما الذين كان خالد بن الوليد اصابهم في عين التمر فسباهم و قال ابن عبد البر و هو الذي تنسب اليه صحراء اثير فلما نظر الى الجرح اخذ رئة شاة حارة فتتبع عرقا منها فاستخرجه و ادخله في الجرح ثم نفخ العرق فاستخرجه فاذا عليه بياض الدماغ فقال يا امير المؤمنين اعهد عهدك فان عدو الله قد وصلت ضربته الى ام رأسك. قال ابو الفرج الاصبهاني روى ابو مخنف عن ابي الطفيل ان صعصعة بن صوحان استأذن على علي عليه السلام و قد اتاه عائدا لما ضربه ابن ملجم فلم يكن عليه اذن فقال صعصعة للآذن: قل له يرحمك الله يا امير المؤمنين حيا و ميتا لقد كان الله في صدرك عظيما و لقد كنت بذات الله عليما. فابلغه الآذن فقال قل له و انت يرحمك الله فلقد كنت خفيف المؤونة كثير المعونة.
و روى الشيخ ابو جعفر محمد بن الحسن الطوسي في اماليه بسنده الى الاصبغ بن نباتة قال لما ضرب ابن ملجم امير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السلام غدونا عليه نفر من اصحابنا انا و الحارث و سويد بن غفلة و جماعة معنا فقعدنا على الباب فسمعنا البكاء من الدار فبكينا فخرج الينا الحسن بن علي عليهما السلام فقال يقول لكم امير المؤمنين انصرفوا الى منازلكم فانصرف القوم غيري و اشتد البكاء في منزله فبكيت فخرج الحسن فقال الم اقل لكم انصرفوا فقلت لا و الله يا ابن رسول الله ما تتابعني نفسي و لا تحملني رجلاي ان انصرف حتى ارى امير المؤمنين "ع" فاذا هو مستند معصوب الرأس بعمامة صفراء قد نزف دمه و اصفر وجهه فما ادري وجهه اشد صفرة ام العمامة فاكببت عليه فقبلته و بكيت فقال لي لا تبك يا اصبغ فانها و الله الجنة فقلت له جعلت فداك اني اعلم و الله انك تصير الى الجنة و انما ابكي لفقداني اياك يا امير المؤمنين "و روى" قطب الدين سعيد بن هبة الله الراوندي في كتاب الخرائج عن عمرو بن الحمق قال دخلت على علي عليه السلام حين ضرب الضربة بالكوفة فقلت ليس عليك بأس انما هو خدش قال لعمري اني لمفارقكم ثم اغمي عليه فبكت ام كلثوم فلما افاق قال لا تؤذيني يا ام كلثوم فانك لو ترين ما ارى ان الملائكة من السماوات السبع بعضهم خلف بعض و النبيين يقولون انطلق يا علي فما امامك خير لك مما انت فيه.
و روى ابن الاثير في اسد الغابة بسنده عن عمرو ذي مر قال لما اصيب علي بالضربة دخلت عليه و قد عصب رأسه فقلت يا امير المؤمنين ارني ضربتك فحلها فقلت خدش و ليس بشي ء قال اني مفارقكم فبكت ام كلثوم من وراء الحجاب فقال لها اسكتي فلو ترين ما ارى لما بكيت فقلت يا امير المؤمنين ماذا ترى قال هذه الملائكة و فود و النبيون و هذا محمد 'ص' يقول يا علي ابشر فما تصير اليه خير مما انت فيه. و روى الشيخ ابو جعفر الطوسي في الامالي بسنده عن حبيب بن عمرو نحوه.