قال ابن ابي الحديد: اما العبادة فكان أعبد الناس و اكثرهم صلاة و صوما و منه تعلم الناس صلاة الليل و ملازمة الاوراد و قيام النافلة و ما ظنك برجل يبلغ من محافظته على ورده ان يبسط له نطع بين الصفين ليلة الهرير فيصلي عليه ورده و السهام تقع بين يديه و تمر على صماخيه يمينا و شمالا فلا يراع لذلك و لا يقوم حتى يفرغ من وظيفته و ما ظنك برجل كانت جبهته كثفنة البعير لطول سجوده و انت اذا تأملت دعواته و مناجاته و وقفت على ما فيها من تعظيم الله سبحانه و اجلاله و ما تتضمنه من الخضوع لهيبته و الخشوع لعزته و الاستخذاء له عرفت ما ينطوي عليه من الاخلاص و فهمت من اي قلب خرجت و على اي لسان جرت و قيل لعلي بن الحسين عليهما السلام و كان الغاية في العبادة اين عبادتك من عبادة جدك قال عبادتي عند عبادة جدي كعبادة جدي عند عبادة رسول الله "ص".
إن عليا عليه السلام قد كان بلغ في العبادة غايتها، و لا يستطيع أحد أن يبلغ إلى حد من حدود عبادته التي لا توصف إلا السابق إلى كل خير سيد البشر رسول الله صلى الله عليه و آله.
قال ابن أبي الحديد المعتزلي في عبادته عليه السلام: فكان علي عليه السلام أعبد الناس، و أكثرهم صلاة و صوما، و منه تعلم الناس صلاة الليل، و ملازمة الأوراد، و قيام النافلة، و ما ظنك برجل يبلغ من محافظته على ورده أن يبسط له نطع بين الصفين ليلة الهرير، فيصلي عليه ورده، و السهام تقع بين يديه، و تمر على صماخيه يمينا و شمالا، فلا يرتاع لذلك، و لا يقوم حتى يفرغ من وظيفته! و ما ظنك برجل كانت جبهته كثفنة
___________________________________ الثفنة: ما يمس الأرض من البعير بعد البروك، و يكون فيه غلظ من ملاطمة الأرض، و كذلك كان في جبينه عليه السلام من كثرة السجود.
و أنت إذا تأملت دعواته و مناجاته، و وفقت على ما فيها من تعظيم الله سبحانه و إجلاله، و ما يتضمنه من الخضوع لهيبته، و الخشوع لعزته، و الاستخذاء
___________________________________ الاستخذاء: الخضوع و التذلل.
و قيل لعلي بن الحسين عليه السلام ـ و كان الغاية في العبادةـ: أين عبادتك من عبادة جدك؟قال: 'عبادتي عند عبادة جدي، كعبادة جدي عند عبادة رسول الله صلى الله عليه و آله'.
___________________________________ شرح النهج لابن أبي الحديد، ج 1، ص. 27.