يا اُماه اني أشم عندك رائحة طيّبة كأنها رائحة جدي رسول اللّه قلت نعم: يا بني انّ جدك و أخاك تحت الكساء فدنا الحسين منه و قال: السلام عليك يا جداه السلام عليك يا من اختاره اللّه أتأذن لي أن أكون معك تحت هذا الكساء؟ فقال له: قد أذنت لك فدخل معه. ثم أقبل أبوالحسن علي بن أبي طالب و قال: السلام عليك يا بنت رسول اللّه، قلت: و عليك السلام، فقال: اني أشم رائحة أخي وابن عمي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، قلت: ها هو مع ولديك تحت الكساء فأقبل نحوه و قال: السلام عليك يا رسول اللّه أتأذن لي أن أدخل معكم تحت الكساء؟ قال: نعم قد أذنت لك فدخل معهم فقلت له: يا أبة أتأذن لي أن أكون معكم تحت الكساء؟ قال: نعم فدخلت فاطمة معهم.
و لمّا اكتملوا تحت الكساء قال اللّه عزّ و جل: يا ملائكتي و سكان سماواتي اني ما خلقت سماء مبنية و لا أرضاً مدحية و لا فلكاً يسري إلّا في محبّة هؤلاء الخمسة الذين هم تحت الكساء.
فقال الأمين جبرئيل: يا رب و من تحت الكساء؟ قال سبحانه و تعالى: هم أهل النبوّة و معدن الرسالة و هم: فاطمة و أبوها و بعلها و بنوها، قال جبرئيل: أتأذن لي يا رب أن أكون معهم تحت الكساء؟ فإذا النذاء قد أذنت لك فهبط الأمين جبرئيل و قال: السلام عليك يا رسول اللّه العلي الأعلى يقرئك السلام و يخصك بالتحية والإكرام و يقول لك: و عزّتي و جلالي ما خلقت سماء مبنية و لا أرضاً مدحية و لا قمراً منيراً و لا شمساً مضيئة و لا بحراً يجري و لا فلكاً يسري إلّا لأجلكم و قد أذن لي أن أدخل معكم تحت هذا الكساء فهل تأذن لي أنت يا رسول اللّه؟ قال: قد أذنت لك فدخل جبرئيل معهم تحت الكساء و قال لهم: ان اللّه عزّ و جل قد أوحى إليكم يقول: انما يريد اللّه ليذهب عنكم الرجس أهل البيت و يطهّركم تطهيراً
[نص على دخول جبرئيل معهم ابن حجر في الصواعق المحرقة ص 87 عند ذكر الآية الأولى.]
فقال أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب: يا رسول اللّه أخبرني ما لجلوسنا هذا تحت الكساء من الفضل عند اللّه؟ فقال النبي صلّى اللّه عليه و آله: والذي بعثني بالحقّ نبيّاً واصطفاني بالرسالة نجيّاً ما ذكر خبرنا هذا في محفل من محافل الأرض و فيه جمع من شيعتنا و محبّينا إلّا و نزلت عليهم الرحمة و حفّت بهم الملائكة و استغفرت لهم إلى أن يتفرّقوا، فقال علي عليه السلام: إذاً واللّه فزنا و فازت شيعتنا و ربّ الكعبة.
فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: والذي بعثني بالحق نبيّاً واصطفاني بالرسالة نجيّاً ما ذكر خبرنا في محفل من محافل الأرض و فيه جمع من شيعتنا و فيهم مهموم إلّا و قضى اللّه حاجته، فقال علي عليه السلام: إذاً واللّه فزنا و سعدنا و كذلك شيعتنا فازوا و سعدوا في الدنيا والآخرة.
قال الثعالبي في ثمار القلوب ص 484 و من هنا قيل فيهم:
و قد نظم هذا الحديث الشريف بنصه السيد السند الحجة السيد محمد القزويني قدس اللّه سره فقال:
لقد عرفت فيما تقدم اتفاق المفسّرين و أرباب الحديث والتاريخ على ان الآية الكريمة «انما يريد اللّه ليذهب عنكم الرجس أهل البيت و يطهّركم تطهيراً» نزلت فيمن اشتمل عليهم الكساء و هم النبي الأعظم و وصيّه المقدم و ابنته الزهراء و سبطاه سيدا شباب أهل الجنة الحسن والحسين صلوات اللّه عليهم أجمعين و لم يخف المراد من الرجس المنفي في الآية بعد أن كانت واردة في مقام الإمتنان و اللطف بمن اختصت بهم فإن الغرض بمقتضى أداة الحصر قصر إرادة المولى سبحانه على تطهير من ضمهم الكساء عن كل ما تستقذره الطباع و يأمر به الشيطان و يحق لأجله العذاب و يشين السمعة و تقترف به الآثام و تمجه الفطرة و تسقط به المروءة و إليه يرجع ما ذكره ابن العربي في الفتوحات المكية في الباب
29 من ان الرجس فيها عبارة عن كل ما يشين الإنسان و كذا ما حكاه النووي في شرح صحيح مسلم عن الأزهري من انه كل مستقذر من عمل و غيره.
و ليس من المعقول تفسيره بخصوص الحدث المرتفع بالطهارت الثلاث الوضوء والغسل والتيمّم بحيث يكون المراد من تطهيرهم كونهم دائماً على طهارة رافعة للحدث الأصغر إذ لم يثبت لهم هذا الحكم دون الامة كما لا يراد منه خصوص الخبث لأن التطهير منه واجب على عامة المكلفين و لا يختص بمن نزلت فيهم الآية و حمل التطهير في الآية على عدم تأثر الاخباث فيهم إذا أصابتهم لا قرينة عليه.
بل المراد من إذهاب الرجس الذي هو مساوق لحصول الطهارة المرادة للمولى جلّ شأنه معنى أرقى من جميع ذلك و هو ما أشرنا إليه من نفي عموم الرجس فإن اللام الداخلة عليه للإستغراق الجنسي و لم تكن هناك قرينة متصلة أو منفصلة على تخصيصه بنوع خاص من الرجس، و هذا المعنى الذي قلناه هو الموافق للإمتنان الإلهي واللطف الربوبي و هو عبارة عن العصمة العامة التي تقول بها الإمامية الإثنا عشرية في أئمتهم عليهم السلام فالكتاب العزيز معاضد لها أفادته الراهين الجلية من قداستهم عن كل ذلك.
و عليه فالآية المباركة دالة على مشاركة الصديقة الطاهرة عليهاالسلام لهم في هذا المعنى الجليل أعني العصمة الثابتة للأنبياء والأوصياء لأنها كانت معهم تحت الكساء حين نزول الآية الكريمة و من اُولئك الأفراد الذين قال فيهم النبي صلّى اللّه عليه و آله: اللّهمّ انّ هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس و طهّرهم تطيهراً.
ولو أعرضنا عن البرهنة العلمية فإنا لا ننسى مهما نسينا شيئاً انها صلوات اللّه عليها مشتقّة من نور النبي صلّى اللّه عليه و آله المنتخب من الشعاع الإلهي فهي شظية من الحقيقة المحمدية المصوغة من عنصر القداسة المفرغة في بوتقة
النزاهة و انها من أغصان الشجرة النبوية و فرع من جذم الرسالة و لمعة من النور الأقدس المودع في ذلك الأصل الكريم فمن المستحيل والحالة هذه أن يتطرق الإثم إلى أفعالها أو ان توصم بشي ء من شية العار فلا يهولنك ما يقرع سمعك من الطنين أخذاً من الميول والأهواء المردية بأن العصمة الثابتة لمن شاركها في الكساء لأجل تحملهم الحجية من رسالة أو إمامة و قد تخلت (الحوراء) عنهما فلا تجب عصمتها فإنا لم نقل بتحقق العصمة فيهم عليهم السلام لأجل تبليغ الأحكام حتى يقال بعدم عصمة الصديقة لعدم توقف التبليغ عليها و انما تمسّكنا لعصمتهم بعد نص الكتاب العزيز باقتضاء الطبيعة المتكوّنة من النور الإلهي المستحيل فيمن اشتق منه مقارنة أثم أو تلوث بما لا يلائم ذلك النور الأرفع حتى في مثل ترك الأولى.
و هذه القدسية كما أوجبت عدم تمثل الشيطان بصورهم في المنام على ما أنبأت عنه الآثار الصحيحة أوجبت نزاهة (الزهراء) عما يعتري النساء عند العادة و الولادة تفضيلاً لها و لمن ارتكض في بطنها من طاهرين مطهّرين.
و ممّا يؤكد العصمة فيها المتواتر من قول الرسول صلّى اللّه عليه و آله: فاطمة بضعة مني يغضبني من أغضبها و يسرني من سرها و ان اللّه يغضب لغضبها و يرضى لرضاها
[الغدير لحجةالإسلام الشيخ ميرزا عبدالحسين الأميني ج 7 ص 176.] فإن هذا كاشف عن اناطة رضاها بما فيه مرضاة الرب جل شأنه و غضبه بغضبها حتى انها لو غضبت أو رضيت على أمر مباح لابدّ من أن يكون له جهة شرعية تدخله في الراجحات و لم تكن حالة الرضا والغضب فيها منبعثة عن جهة نفسانية و هذا معنى العصمة الثابتة لها سلام اللّه عليها.
و قد استفاد السهيلي من هذا الأحاديث انها أفضل من الشيخين لكونها بضعة من الرسول الأعظم صلّى اللّه عليه و آله و ان سبها كفر لأنه يغضب أباها قطعاً و يوجب سخط المولى سبحانه و يقول ابن حجر كل من أوقع في فاطمة
فتأذت به فالنبي صلّى اللّه عليه (و آله) و سلم يتأذى به بشهادة هذا الخبر و لا إشكال في تحريم أذى من يتأذي المصطفى (ص) بتأذيه
[المصدر ص 235 ج 7.] فتبه من هذا لأمر غامض.
لم يزل النبي صلّى اللّه عليه و آله يعرف الاُمة الحوادث التي تكون بعده و توثب النفر من اُمته على اغتصاب الحق من أهله و مظلوميتهم و أوضح لهم طريق المخرج من تلك الفتن فقال: ما زلت أنا والنبيون من قبلي والمؤمنون مبتلين بمن يؤذينا و لو كان المؤمن على رأس جبل لقيّض اللّه له من يؤذيه ليؤجره على ذلك و لقد أعهد إليّ ربي تعالى ان علياً راية الهدى و إمام أوليائي و نور من أطاعني و هو الكلمة التي ألزمتها المتقين من أحبه فقد أحبني و من أبغضه فقد أبغضني فبشره بذلك، فقلت: اللهم اجل قلبه واجعل ربيعة الإيمان في قبله قال سبحانه: قد فعلت ولكني مستخصه ببلاء لم يصبه إحد من اُمتك، قلت: أخي و صاحبي فقال: جل شأنه: قد سبق مني انه مبتلى و مبتلى به
[هذا حديثان تداخلا رواهما المجلسي في البحار ج 7 عن العلل و أمالي الطوسي.]
********ثم قال صلّى اللّه عليه و آله: أيها الناس سيلي اُموركم من بعدي رجال يعرفونكم ما تنكرون و ينكرن ما تعرون
[المستدرك على الصحيحين ج 3 ص 357.] يطفؤن السنة و يحدثون البدعة و يؤخرون الصلاة عن مواقيتها
[مسند أحمد ج 1 ص 399.] فعليكم بالعروة الوثقى و هي ولاية سيد الوصيين و أميرالمؤمنين و امام المسلمين بعدي علي بن أبي طالب
[كشف اليقين للعلّامة.] و هو وصيّي
و قاضي ديني و عداتي والفارق بين الحق والباطل والحامل غداً لواء رب العالمين و هو و ولده من بعده ثم من الحسين ابني أئمة هداه مهديّون إلى يوم القيامة أشكو إلى اللّه جحود اُمتي لأخي و تظاهرهم عليه و ظلمهم له و أخذهم حقه فقيل له: و يكون ذلك يا رسول اللّه؟ قال صلّى اللّه عليه و آله: نعم يقتل مظلوماً من بعد أن يملأ غيظاً و يوجد عند ذلك صابراً
[اليقين لابن طاووس ص 188 طبع النجف.]
و قال لعمّار بن ياسر: إن سلك الناس وادياً فاسلك وادي علي بن أبي طالب و خل عن الناس ان علياً لا يردك عن هدى و لا يوردك في ردى يا عمار طاعة علي طاعتي و طاعتي طاعة اللّه
[مناقب ابن شهر آشوب ج 2 ص 6.]
و دخلت عليه فاطمة في مرضه الذي توفي فيه فقال لها: يا بنية أنت المظلومة بعدي و أنت المستضعفة فمن آذاك فقد آذاني و من غاظك فقد غاظني و من جفاك فقد جفاني و من قطعك فقد قطعني و من ظلمك فقد ظلمني و من سرك فقد سرني و من وصلك فقد و صلني لأنك مني و أنا منك و أنت بضعة مني و روحي التي بين جنبي إلى اللّه أشكو ظالميك من اُمتي
[كشف الغمة ص 148.]
و كأني بك يا بنية تستغيثين فلا يغيثك أحد من اُمتي، فبكت فاطمة فقال لها: لا تبكين يا بنية، قالت: لست أبكي لما يصنع بي ولكني أبكي لفراقك يا رسول اللّه، فقال لها: أبشري يا بنت محمد بسرعة اللحاق بي فإنك أول من يلحق بي من أهل بيتي
[أمالي الطوسي.] بعد أربعين يا فاطمة أنا سلم لمن سالمك و حرب لمن حاربك أستودعك اللّه و جبريل و صالح المؤمنين علي بن أبي طالب
[اليقين لابن طاووس ص 189.]
ثم قال لها توكلي على اللّه واصبري كما صبر آباؤك من الأنبياء و اُمهاتك من أوزاجهم يا فاطمة أما علمت ان اللّه اختار أباك فجعله نبياً و بعثه رسولاً و جعل علياً وصياً و زوّجك إياه فهو أعظم الناس حقاً على العالمين بعد أبيك و أقدمهم سلماً و أعزهم خطراً و أشدهم في اللّه و فيّ غضباً و أربطهم جأشاً و أسخاهم كفاً ففرحت بذلك الزهراء
[تفسير فرات ص 179.]
فقال: يا بنية اللّه خليفتي عليكم و هو خير خليفة والذي بعثني بالحق نبياً لقد حرمت الجنّة على الخلائق حتى أدخلها و انك لأول من يدخلها بعدي كاسية والحسن عن يمينك والحسين عن يسارك و لواء الحمد مع علي عليه السلام يكسى إذا كسيت و يحبى إذا احبيت والذي بعثني بالحق لأقومن بخصومة أعدائك و ليندمن قوم أخذوا حقك و قطعوا مودّتك و كذبوا علياً
[الطرف لابن طاووس ص 38 طبع النجف.]
و أمر أم سلمة أن تكون على الباب فلا تدع أحداً يدخل عليه ثم أخذ بيد فاطمة و وضعها في كف علي و بكت فاطمة والحسنان لبكائه و قال: يا علي هذه وديعة اللّه و وديعة رسوله فاحفظ اللّه واحفظني فيها و انك لفاعله هذه واللّه مريم الكبرى أما واللّه ما بلغت نفسي هذا الموضع حتى سألت اللّه لها و لكم فأعطاني ما سألت يا علي انفذ لما أمرتك به فاطمة فقد أمرتها بأشياء أمر بها جبرئيل، واعلم يا أخي اني راض عمن رضيت عنه ابنتي فاطمة و كذلك ربي و ملائكته يا علي ويل لمن ظلمها و ويل لمن ابتزها حقها و ويل لمن هتك حرمتها و ويل لمن أحرق بابها و ويل لمن آذى حليلها و ويل لمن شاقها و بارزها، اللّهم اني منهم بري ء و هم براء مني ثم سماهم رسول اللّه و ضمّ إليه فاطمة والحسن والحسين و علياً عليهم السلام و قال: اني سلم لكم و لن شايعكم و زعيم بأنهم يدخلون الجنة و اني عدو و حرب لمن عاداكم و ظلمكم و تقدم عليكم أو
تأخّر عنكم و عن شيعتكم
[الطرف ص 29.]
و كان فيما اشترط على أميرالمؤمنين الصبر و كظم الغيظ على ذهاب الحق و غصب الخمس فقال أميرالمؤمنين: نعم يا رسول اللّه، فقال جبرئيل: عرفه انه منتهك الحرمة و هي حرمة اللّه و حرمة رسوله فلما فهم أميرالمؤمنين هذه الكلمة من جبرئيل كبرت عليه و خرّ لوجهه مغشياً عليه و لما أفاق سلم لأمر المولى سبحانه و قضائه و قال: رضيت يا رسول اللّه و ان انتهكت الحرمة و عطلت السنن و مزق الكتاب و هدمت الكعبة و خضبت لحيتي من دم رأسي.
ثم ان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أعلم فاطمة والحسن والحسين بمثل ما أعلم بن أميرالمؤمنين فأجابوا بالتسليم والرضا والصبر على ما قضاه اللّه و قدره عليهم من البلاء
[الطرف ص 23.]
و كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كثيراً ما يبكي إذا نظر إلى أميرالمؤمنين و فاطمة والحسن والحسين فإذا سألوه عن بكائه يقول اني أتذكر ضربة عليّ على رأسه و لطم فاطمة خدّها و طعن الحسن في فخذه والسم الذي يسقاه و قتل الحسين عليه السلام
[مناقب ابن شهر آشوب ج 1 ص 383.]
[سوانح الأفكار في منتخب الأشعار مخطوط لفضيلة الخطيب الاستاذ السيد محمد جواد شبر و فيه ان المنشى ء لها السيد عيسى الكاظمي.
في حديث سليم بن قيس لما بايع الناس أبابكر و تخلف أميرالمؤمنين عليه السلام و معه بنوهاشم و جماعة من الصحابة فلم يحضروا في المسجد قال عمر لأبي بكر أرسل إلى علي عليه السلام فليبايع فانا لسنا في شي ء حتى يبايع فأرسل إليه أبوبكر أجب خليفة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فأنكر أبوالحسن عليه السلام أن يكون غيره خليفة لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله وأعلم الرسول بذلك أبابكر فادعاه ثانياً أجب أميرالمؤمنين فقال عليه السلام: سبحان اللّه ان العهد لم يطل فينسى ألم يعلم أبوبكر ان هذا الإسم لا يصلح لغيري و لقد أمره النبي صلّى اللّه عليه و آله و هو سابع سبعة أن يسلموا عليّ بامرة المؤمنين حتى استفهم هو و صاحبه عمر من بين السبعة بأن هذا من اللّه تعالى أو من رسوله فعرفهما النبي صلّى اللّه عليه و آله أنه أمر من اللّه سبحانه بأن علياً أميرالمؤمنين و سيد المسلمين يقعده اللّه يوم القيامة على الصراط يدخل أولياءه الجنة و أعداءه النار و لما أخبر الرسول أبابكر بذلك سكت عنه، فأصر عمر أن يبعث إليه فأرسل قنفذاً أحد بني كعب بن عدي من الطلقاء
[في كتاب سليم ص 107: ان عمر غرم جميع عماله نصف أموالهم لخيانة ظهرت منهم إلا قنفذاً لم يغرمه شيئاً و هو مثلهم ورد عليه جميع ما أخذ منه و هو عشرون ألف درهم فكان أميرالمؤمنين عليه السلام يقول في ذلك انه يشكر له ضرب فاطمة بالسوط حتى ماتت و في عضدها مثل الدملج.]] و معه جماعة فأتوا بيت أميرالمؤمنين فلم يأذن لهم في الدخول فرجع الجماعة و ثبت قنفذ على الباب و لما سمع عمر من الجماعة ذلك غضب و أمرهم بحمل حطب يضعوه على الباب فإن خرج أميرالمؤمنين إلى البيعة و إلا أحرقوا البيت على من فيه و وقف عمر على الباب و صاح بصوت رفيع يسمع علياً و فاطمة لتخرجنّ يا علي إلى البيعة و إلا
أضرمت عليك النار
فصاحت فاطمة: ما لنا و لك فأبى أن ينصرف أو تفتح له الباب و لما رأى منهم الإمتناع أضرم النار في الحطب
[لا يرتاب من له وقوف على جوامع الحديث والسير في مجي ء عمر بالحطب ليحرق بيت فاطمة مجداً في ذلك أو مهدداً و في العقد الفريد ج 2 ص 197 ط سنة 1321 ه
و خرج أميرالمؤمنين عليه السلام فألقى عليها ملاأة فأسقطت
[البحار ج 8 ص 231 عن الجزء الثاني من دلائل الإمامة.] حملاً لستة أشهر سماه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله «محسناً»
[تلخيص الشافي ص 415 والبحار ج 13 ص 2058 كمبني.]] و تكاثروا عليه فوضعوا حبلاً في عنقه و أخرجوه إلى المسجد قهراً ملبياً.
[كتاب سليم ص 68 و شرح النهج ج 2 ص 5.]
نعم يقول ابن الخطاب كانت في نفس علي هناة و لولاها لما تمكن جميع من في الأرض على قهره
[البحار ج 8 ص 232 عن دلائل الإمامة.]
و لما تراءا له قبر النبي صلّى اللّه عليه و آله صاح: يا ابن اُم ان القوم استضعفوني و كادوا يقتلونني فلم يشعر الجمع إلا ويد خارجة من القبر المطهّر متجهة نحو أبي بكر و صوت لا يشكون انه صوت النبي صلّى اللّه عليه و آله (يا هذا أكفرت بالذي خلقك من تراب ثم من نطفة ثم سواك رجلاً)
[مناقب ابن شهر آشوب ج 1 ص 410 و بصائر الدرجات للصفار ص 77.]
و قال أميرالمؤمنين: أنا أحق بهذا الأمر منكم فانكم أخذتم هذا الأمر من الأنصار بحجة القرابة من رسول اللّه و أنا أحتج عليكم بمثل ما احتججتم به على الأنصار فأنصفونا إن كنتم تخافون اللّه واعرفوا لنا من الأمر مثل ما عرفت الأنصار لكم و إلا فبوؤا بالظلم و أنتم تعلمون فقال عمر: لست متروكاً حتى تبايع فقال عليه السلام: لا اُبايع أبداً
[شرح النهج لابن أبي الحديد ج 2 ص 5.]
ثم صاح أميرالمؤمنين بأبي بكر: ما أسرع ما توثبتم على أهل بيت نبيّكم ألم تبايعني بالأمس بأمر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فقال عمر: دع هذا فواللّه لئن لم تبايع لنقتلنّك فقال عليه السلام: إذاً واللّه أكون عبداً للّه و أخاً لرسوله المقتول فأنكر عمر تلك الاخوة الثابتة له يوم المؤاخاة الأولى والثانية
[الإستيعاب بترجمة علي عليه السلام.] و عرفه أميرالمؤمنين لو لا الوصية من رسول اللّه بالصبر على ما يحل به والخضوع للأمر الربوبي ولو انتهكت الحرمة و عطلت السنن لعرف كيف يدخل داره و يروع حليلته فصاح عمر بأبي بكر ما جلوسك على المنبر هذا محارب لك فإما أن يبايع أو تضرب عنقه فرفع الحسنان عليهماالسلام أصواتهما بالبكاء
لما سمعا ذلك فقال لهما أميرالمؤمنين: لا تبكيا انهما لن يقدرا على قتل أبيكما و جرّد خالد سيفه و قال: يا علي بايع و إلا قتلتك فأخذ أبوالحسن بمجامع ثوبه و رفعه ثم ألقاه على قفاه
[كتاب سليم ص 200.]
و خرجت فاطمة الزهراء خلفه و معها نساء بني هاشم و هي تقول: والذي بعث محمداً بالحق نبياً لئن لم تخلوا عن ابن عمي لأنشرن شعري و أضعن قميص رسول اللّه على رأسي و أصرخنّ إلى اللّه فما صالح بأكرم على اللّه من أبي و لا الناقة بأكرم مني و لا الفصيل بأكرم من ولدي يقول سلمان الفارسي: كنت قريباً منها فرأيت واللّه أساس حيطان مسجد رسول اللّه قد تقلعت من أسفلها حتى لو أراد الرجل أن ينفذ من تحتها لنفذ فدنوت منها و قلت: يا سيّدتي و مولاتي و ان اللّه تبارك و تعالى بعث أباك رحمة فلا تكوني السبب في هلاك الاُمة فهدأت الصديقة عليهاالسلام و رجعت الحيطان حتى ثارت غبرة من أسفلها
[الإحتجاج للطبرسي ص 56 و في روضة الكافي للكليني ملحقة بتحف العقول ص 219: خرجت واضعة قميص رسول اللّه على رأسها تريد أن تنشر شعرها.]
[من قصيدة للشيخ صالح الكواز الحلي رحمه اللّه.] .
و لما رجع أبوالحسن عليه السلام إلى المنزل أتاه اثنا عشر رجلاً فيهم خالد ابن سعيد بن العاص والمقداد و اُبي بن كعب و عمار بن ياسر و أبوذر و سلمان و عبداللّه بن مسعود و بريدة الأسلمي و خزيمة بن ثابت و سهل بن حنيف و أبوأيوب الأنصاري و أبوالهيثم بن التيهان.
و قالوا له اجتمع رأينا أن نأتي أبابكر فننزله عن المنبر بعد أن نستشيرك في ذلك لأن الحق حقك و أنت أولى بالأمر منه فقال لهم أميرالمؤمنين لو فعلتم ما كنتم إلا حرباً لهم و قد اتفقت عليه الاُمة التاركة لقول نبيها والكاذبة على ربها و لقد شاورت في ذلك أهل بيتي فأبوا إلا السكوت لما تعلمون من و غر صدور القوم و بغضهم للّه عزّ و جل و لأهل بيت نبيه و انهم يطالبون بثارات الجاهلية واللّه لو فعلتم لشهروا سيوفهم مستعدّين للحرب والقتال كما فعلوا ذلك حتى قهروني و غلبوني على نفسي و لببوني و قالوا لي بايع و إلا قتلناك فذكرت قول رسول اللّه يا علي ان القوم سينقضوا أمري و يستبدوا بها دونك و يعصوني فيك فعليك بالصبر حتى ينزل الأمر و ذلك قول ربّي جل شأنه.
ولكن ائتوا الرجل و خبروه بما سمعتم من نبيكم ليكون أعظم في الحجة عليه و أبلغ في العقوبة إذا أتى ربه و عصى نبيه و خالف أمره فقاموا من عنده إلى المسجد و كان يوم جمعة و احتفوا بالمنبر و عليه أبوبكر فتكلم كل واحد من هؤلاء الاثنى عشر مع أبي بكر معرفاً ما سمعه من الرسول الأعظم في الوصية بعلي و أهل بيته و انه الخليفة من بعد النبي صلّى اللّه عليه و آله على الاُمة يقيم فيهم الحلال والحرام و يزيح الشبه والأوهام و ينقذهم من هوة لضلال و ان الأمر يكون