معلمى الكتاتيب فعلموا صبيانهم... و تعلموه كما يتعلمون القرآن!!...
فيفتعلون الاحاديث ليحظوا بذلك عند ولاتهم... و يصيبوا به الاموال و الضياع و المنازل حتى انتقلت تلك الاخبار الى ايدى الديانين الذين لا يستحلون الكذب و البهتان فقبلوها و رووها
[شرح نهج البلاغه: 44:11- 46. اقول: و للعلامه الامينى مباحث جيده حول الروايات الموضوعه فى مواضع شتى من موسوعته الغدير و لا سيما فى 209:5- 375، و راجع ايضا ج 9 و 10.]
كثر السوال عن تاريخ احراق بيت فاطمه عليهاالسلام و اسقاط جنيها، و لم اجد من تكلم حول هذا الموضوع مستندا الى النصوص و الاثار
[ذكر بعضهم 29 صفر كالشيخ البيرجندى فى وقايع الايام: ص 59، و سپهر فى ناسخ التواريخ قسم الخلفاء: 50:1، او 30 صفر كما هو مختار البيرجندى فى المصدر السابق و سپهر فى الناسخ او احد اليومين على الترديد، كما نسبه الى الشيعه السيد الخاتون آبادى فى وقايع السنين و الاعوام: ص 72. و لكنه الالتزام به كما يظهر فى المتن انشاءالله تعالى. و نقل بعض المعاصرين عن المورخين انه كان يوم السادس بعد الوفاه و لم يذكر له سندا (مسند فاطمه عليهاالسلام، مهدى الجعفرى: ص 128).] لا قتفى اثره، و قد صعب علينا التحقيق فى ذلك لاقتضاء غير واحد من الاسباب خفاءه كالتقيه و تكرر الهجوم على البيت و لعل بعضهم لم يكن يهتم بضبط التاريخ الدقيق فى امثاله.
و نحن نذكر ما وصلنا اليه ليكون مقدمه و تسهيلا لمن اراد التحقيق فى ذلك و لبيانه نقدم امورا:
1- لاريب فى ان ارسالهم الى بيت الصديقه فاطمه الزهرا عليهاالسلام و الهجوم عليه وقع بعد قبض النبى صلى الله عليه و آله و سلم بعد ايام قليله، و قد ورد فى زياره
جامعه ائمه المومنين علهيم السلام:... غادروه على فراش الوفاه و اسرعوا لنقض البيعه.. فحشر سفله الاعراب و بقايا الاحزاب الى دار النبوه و الرساله...
[مصباح الزائر: ص 463- 464، عنه البحار: 165:102- 166.]
و فى ما رواه الجوهرى: نادت السيده فاطمه عليهاالسلام: يا ابابكر! ما اسرع ما اغرتم على اهل بيت رسول الله...
[شرح نهج البلاغه: 57:2 و 49:6.]
و اما ما توهمه بعض الناس من وقوع الهجوم حين اشتغالهم بتجهيز النبى صلى الله عليه و آله و سلم، فيرد عليه:
اولا: تصريح ما ورد فى الهجوم الاول بكونه بعد دفن النبى صلى الله عليه و آله و سلم
[الاحتجاج: ص 73.]
ثانيا: احتجاج اميرالمومنين عليه السلام على القوم فى الهجوم الاول بقوله: افكنت ادع رسول الله مسجى لا اواريه و اخرج انازع سلطانه؟
[الاحتجاج: ص 74.]
ثالثا: مادل عليه غير واحد من الروايات من اشتغاله عليه السلام حين الهجوم بجمع القرآن، كما ياتى.
رابعا: التصريح بمضى ايام فى بعض الروايات
[الاحتجاج: ص 80.]
2- كان وفاه النبى الاعظم صلى الله عليه و آله و سلم يوم الاثنين 28 صفر على المشهور عندنا و 12 ربيع الاول على المشهور عند اهل السنه، و اشتغل اميرالمومنين عليه السلام بغسله و تجهيزه و دفن ليله الاربعاء.
3- فى هذا اليوم اى يوم الاثنين وقعت بين الصحابه منازعات و مشاجرات فى امر الخلافه و بايع ابابكر جمع منهم على خطه كانت بينهم.
4- من تامل فى الروايت يعرف تكرر ارسال القوم الى اميرالمومنين عليه السلام و هجومهم على بيته غير مره، ففى المره الاولى من اخراجه لم يبايعهم و تركوه،و فى الثانيه خرج المجتمعون فى بيته و سل الزبير سيفه ليقتل عمر بن الخطاب، و بعد لحظات هجموا ثالثا و اخرجوا اميرالمومنين عليه السلام بعد ان احرقوا باب الدار و ضربوا فاطمه بنت رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم و اسقطوا جنينها، ثم هددوا اميرالمومنين عليه السلام بالقتل و اجبروه على البيعه كرها.
و الفارق الذى يبين به المره الاولى من الاخيره هو عدم بيعته اولا
[الاحتجاج: ص 75؛ الايضاح: ص 367؛ المسترشد: ص 381، و راجع ما ذكرناه من الروايات فى الهجوم الاول، و صرح فى روايه انه لم يقبل ان يبايعهم ثم انصرف الى منزله و اشتغل بجمع القرآن، مثالب النواصب: ص 139.] و البيعه اكراها فى الاخير.
5- لما فرغ اميرالمومنين عليه السلام من تجهيز النبى صلى الله عليه و آله و سلم و دفنه اخرجوه لاول مره و هو يصادف يوم الاربعاء
[راجع: الاحتجاج: ص 73؛ روضه الصفاء: 595:2؛ مجالس المومنين: 566:2.]
6- ورد فى غير واحد من النصوص: لما ارسلوا الى اميرالمومنين عليه السلام ليخرج من بيته و يبايع ابابكر قال: لا اخرج حتى اجمع القرآن، او اجاب بذلك غيره من قبله
[راجع: تفسير العياشى: 66:2- 68، 308- 307؛ الاختصاص:ص 185؛ كتاب سليم: ص 249؛ الامامه و السياسه، 19:1؛ الهدايه الكبرى: ص 139- 138، 178- 179، 406، شرح نهج البلاغه: 56:2؛ مختصر البصائر: ص 192؛ البحار: 18:53.]، فكان بعض موارد الارسال اليه حين اشتغاله بجمع القرآن.
7- وردت روايات كثيره فى اشتغال اميرالمومنين عليه السلام بجمع القرآن بعد
وفاه النبى صلى الله عليه و آله و سلم و دفنه
[تفسير القمى: 451:2، خصائص الائمه عليهم السلام: ص 73؛ الطرف: ص 26- 27؛ الصراط المستقيم: 93:2. المناقب: 40:2- 41 (عن كتب الفريقين)؛ كامل بهائى: 304:1؛ سعد السعود:ص 227- 228؛ و ذكر العامه فى ضمن روايه موضوعه راجع شواهد التنزيل: 36:1- 38؛ شرح نهج البلاغه: 27:1 و 40:6؛ كنز العمال: 588:2 و 128:13.]، و لكنها تختلف فى تعيين مدته ففى روايه فرات عن ابى جعفر الباقر عليه السلام: قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم: يا على لا تخرج ثلاثه ايام حتى تولف كتاب الله...
[تفسير فرات: ص 398- 399.] و كذا ما نقله ابن النديم عن اميرالمومنين عليه السلام: انه جلس فى بيته ثلاثه ايام حتى جمع القرآن
[الفهرست: ص 30.]
و فى روايه عن مولانا ابى جعفر الباقر عليه السلام يذكر خطبه لاميرالمومنين عليه السلام خطبها بعد وفاه النبى صلى الله عليه و آله و سلم بسبعه ايام حين فرغ من جمع القرآن
[الكافى: 17:8، كتاب التوحيا للصدوق: ص 73.]
وروى بعضهم هذه الروايه بلفظ «تسعه ايام» بدل السبعه.
[امالى الطوسى: 263:1 عنه البحار: 221:4؛ 382:77.] و هذه الخطبه معروفه بخطبه الوسيله.
8- قال اميرالمومنين عليه السلام: لما توفى رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم اشتغلت بغسله و تكفينه و الفراغ من شانه ثم آليت على نفسى يمينا ان لا ارتدى برداء الا للصلاه حتى اجمع القرآن ففعلت، ثم اخذت بيد فاطمه و ابنى الحسن و الحسين عليهم السلام فدرت على اهل بدر و اهل السابقه فناشدتهم حقى و دعوتهم الى نصرتى...
[كتاب سليم: ص 128؛ الاحتجاج: ص 75، 190، عنه البحار: 328:22 و 191:28.]
اقول: و هذا الاستنصار كان قبل الهجوم الاخير بدليل قوله عليه السلام: فوالله لو ان اولئك الاربعين الذين بايعونى و فوا لى و اصبحوا على بابى
محلقين قبل ان تجب لعتيق فى عنقى بيعه لناهضته و حاكمته الى الله عزوجل... فاما بعد بيعتى اياهم فليس الى مجاهدتم سبيل
[كتاب سليم: ص 130- 131، عنه البحار: 471:29.] و هذا صريح فى انه و ان بايع كرها و لكنه لا يريد نكث هذه البيعه، كما صرح بذلك فى كلام له قبل ذلك بقوله: و مثلى لا ينكث بيعته
[كتاب سليم: ص 129.]
فلابد و ان يكون دعوته الى نصرته قبل هذه البيعه اى قبل الهجوم اخيرا و هذا لا يمكن الا ان يكون بين جمع القرآن و بين الهجوم الاخير فصلا كما هو الظاهر من كلام المسعودى و صريح روايه السليم عن سلمان.
قال المسعودى: بعد فراغه من غسل رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم... و دفنه... اعتزلهم و دخل بيته.. ثم الف القرآن و خرج الى الناس... فقال لهم: هذا كتاب الله قد الفته كما امرنى و اوصانى رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم، كما انزل. فقال له بعضهم: اتركه و امض... فقالوا: لا حاجه لنا فيه و لا فيك، فانصرف به معك لا تفارقه. فانصرف عنهم.
فاقام اميرالمومنين عليه السلام و من معه من شيعته فى منازلهم... فوجهوا الى منزله فهجموا عليه و احرقوا بابه...
[اثبات الوصيه: ص 153- 154، عنه البحار: 308:28.]
و فى روايه سلمان- بعد ذكر تجهيز رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم- : و اقبل (اميرالمومنين عليه السلام) على القرآن يولفه و يجمعه... بعيث اليه ابوبكر: اخرج فبايع، فبعث اليه على عليه السلام: انى مشغول... اولف القرآن و اجمعه. فسكتوا عنه اياما، فجمعه فى ثوب واحد الى الناس و هم مجتمعون مع ابى بكر فى مسجد رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم، فنادى على- عليه السلام- باعلى صوته: ايها الناس! انى لم ازل
منذ قبض رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم مشغولا بغسله ثم بالقرآن... فقال له عمر: ما اغنانا بما معنا من القرآن عما تدعونا اليه.
ثم دخل على- عليه السلام- بيته و قال عمر لابى بكر: ارسل الى على فليبايع.. فارسل اليه (ثم ذكر المراسلات كما مر فى الفصل الثالث) فسكتوا عنه يومهم ذلك، فلما كان الليل حمل على فاطمه عليهاالسلام و اخذ بيد ابنيه الحسن و الحسين عليهماالسلام، فلم يدع احدا من اصحاب رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم الا اتاهم فى منزله فناشدهم الله حقه و دعاهم الى نصرته... فلما ان راى خذلان الناس اياه... لزم بيته (ثم ذكر الهجوم الاخير كما مر)
[كتاب سليم: ص 81- 83، عنه البحار: 264:28- 268.]
فبناء على وقوع الهجوم الاخير فى اليوم التالى من الاستنصار نقول: الاحتمالات فى زمان وقوع تلك الحادثه ثلاثه، لاختلاف الروايات فى تعيين مده اشتغاله عليه السلام بجمع القرآن كما مر فى الامر السابع.
انظر الى الجداول الثالثه فى الصحفه الاتيه:
1- يوم الاحد اى ستة ايام بعد الوفاة بناء على رواية ابى جعفر الباقر عليه السلام و رواية ابن النديم.
الاثنين: الوفاة
الثلاثاء:
الاربعاء: الهجوم الاول
الخميس، الجمعة: ايام جمع القرآن
السبت: عرض القرآن
الاحد: الهجوم الاخير
2- يوم الثلاثاء، ثمانيه ايام بعد الوفاه بناء على النسخه الاولى لخطبه الوسيله.
الاثنين: الوفاه
الثلاثاء:
الاربعاء: الهجوم الاول
الخميس، الجمعة، السبت، الاحد: ايام جمع القرآن
الاثنين: عرض القرآن
الثلاثاء: الهجوم الاخير
3- يوم الخميس، عشره ايام بعد الوفاه بناء على النسخة الثانية لخطبة الوسيلة.
الاثنين: الوفاة
الثلاثاء:
الاربعاء: الهجوم الاول
الخميس، الجمعة، السبت، الاحد، الاثنين، الثلاثاء: ايام جمع القرآن
الاربعاء: عرض القرآن
الخميس: الهجوم الاخير