فالكل من أجله وبأجله، فهو الحسن والإحسان كما قيل:
وذلك لأنه مصدر الأشياء، ومن هو مصدر الأشياء فعودها إليه ضرورة، بدؤها منك وعودها إليك، ومن هو المبدأ والمعاد فزمام الأمور منوط به، فتقها ورتقها بيدك ومن بيده الفتق والرتق له الحكم وإليه ترجعون.
ولما طلعت شموس الأسرار من مطالع العناية، ولمعت بوارق الأسرار من مشارق الهداية، وعرفت أن الحي القيوم جلّ اسمه فضل الحضرة المحمدية أن جعل نورها هو الفيض الأوّل، وجعل سائر الأنوار تشرق منها، وتتشعشع عنها، وجعل لها السبق الأوّل فلها السبق على الكل، والرفعة على الكل والإحاطة بالكل، واللَّه من ورائهم محيط، فكنت كما قيل:
أو كما قيل:
فاعلم أن اللَّه سبحانه ما أنعم على عبد بمعرفة محمد وحبّ علي فعذّبه قط، ولا حرمه عبداً فرحمه قط.
محمد وعلي نور واحد قديم، وإنّما انقسما تسمية ليمتاز النبي عن الولي كما امتاز الواحد عن الأحد، فكل أحد واحد ولا ينعكس، وكذا كل نبي ولي ولا ينعكس، فلهذا لا توزن الأعمال يوم القيامة إلّا بحب علي لأن الولاية هي الميزان كما تقدّم.
التوحيد لا يقابله شي ء قلّ أم جلّ، وكذا حبّ علي إذا كان في الميزان لا ينقصه شي ء من الذنوب قل أم جل، فإذا كان حبّه في الميزان فلا سيئة، وإذا لم يكن فلا حسنة، لأنّ الحسنات بالتحقيق حبّه، والسيئات بغضه، لأنّ حبّه حسنة لا يضرّ معها سيئة، وبغضه سيئة لا ينفع معها حسنة
بحار الأنوار: 248 / 39 ح10 و 256 ح33.