مشارق أنوار الیقین فی أسرار أمیرالمؤمنین

رجب بن محمد حافظ البرسی

نسخه متنی -صفحه : 889/ 503
نمايش فراداده

وهذا عند أهل التحقيق من أصل العقائد، لأن المؤمن إذا مات رأى حق اليقين ووصل إلى اللَّه وحق اليقين، لأنهم أمر اللَّه الذي يحضره المؤمن عند احتضاره، فيحول بين الشيطان وبينه، فيموت على الفطرة، وإذا مات على الفطرة دخل الجنة.

اعترض جاهل فقال: إذا كانوا يحضرون المؤمن عند موته فإذا مات ألف مؤمن في لحظة واحدة فكيف السبيل؟

قلت له: فيجب الاعتقاد والاعتراف بحضورهم عند كل واحد واحد منهم لصدق وعدهم لشيعتهم وإعانته عند كربة الموت وتفريج همّه، وطرد الشيطان عنه، والوصية لملك الموت فيه، فلا يلتفت إلى الوهم؛ لضعف العقل السخيف والفهم ويقول: وكيف يحضر الجسم الواحد في الزمن الواحد في أمكنة متعدّدة

الصحيح إمكان حضورهم عليهم السلام في آن واحد عند أكثر من ميت وفي أكثر من مكان:

جوز ابن العربي رؤية النبي محمد صلى الله عليه و آله و سلم بجسمه وروحه وبمثاله الآن. "الحاوي للفتاوى:450 / 2 " .

وقال تاج الدين السبكي لمن سأله عن رؤية القطب في أكثر من مكان:الرجل الكبير "القطب" يملأ الكون. وأنشد بعضهم:

كالشمس في كبد السماء وضوؤها

يغشى البلاد مشارقاً ومغاربا

"الحاوي للفتاوي:454 / 2" .

وصرح السيوطي بإمكان رؤية الأنبياء يقظة ."الرسائل العشرة:18، وشرح الشمائل المحمدية:246 / 2 " .

وقال في الذخائر المحمدية: إن رؤيا النبي صلى اللَّه عليه وسلم ممكن لعامة أهل الأرض في ليلة واحدة. "الذخائر المحمدية: 146 ".

وأجاب الشيخ بدر الدين الزركشي عن سؤال له في آنٍ واحد من أقطار متباعدة مع أن رؤيته صلى الله عليه و آله و سلم حق: بأنه صلى الله عليه و آله و سلم سراج ونور الشمس في هذا العالم، مثال نوره في العوالم كلها، وكما أن الشمس يراها من في المشرق والمغرب في ساعة واحدة وبصفات مختلفة، فكذلك النبي صلى الله عليه و آله و سلم. وللَّه در القائل:

كالبدر من اي النواحي جئته

يهدي إلى عينيك نوراً ثاقبا

"المواهب اللدنية: 297 / 2 خصائص رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم ".

هذا، وتواتَرَ حديث: ' من رآني فقد رآني فإن الشيطان لا يتمثل مكاني - لا يستطيع أن يتمثل بي - لا يتكون في صورتي - لا يتشبه بي ' "المواهب اللدنية:293 / 2 إلى 301 ذكر خصائصه وذكر جملة من المصادر ".

وفي لفظ: ' من رآني في المنام فسيراني في اليقظة ' "المعجم الكبير:297 / 19 ح 660 منه " .

وقال العلماء في معناه: هو في الدنيا قطعاً ولو عند الموت لمن وفق لذلك. "الذخائر المحمدية:147 " .

ومعلوم أنه يتفق رؤية أكثر من شخص للنبي الأعظم في وقت واحد .

وروى الإمام الرضا عليه السلام عن رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم:' من رآني في منامه فقد رآني فإن الشيطان لا يتمثل في صورتي ولا في صورة أحد من أوصيائي ' "كشف الغمة:120 / 3 فضائل الرضا، والأنوار النعمانية: 54 / 4 ".

وقال القاضي أبو بكر ابن العربي: رؤيته صلى الله عليه و آله و سلم بصفته المعلومة إدراك على الحقيقة، ورؤيته على غير صفته إدراك للمثال، فإن الصواب أن الأنبياء لا تغيرهم الأرض، ويكون إدراك الذات الكريمة حقيقة، وإدراك الصفات إدراك المثال. "المواهب اللدنية:294 / 2 خصائص النبي صلى الله عليه و آله و سلم، وإرشاد الساري:502 /14 كتاب التعبير باب من رأى النبي في المنام".

وقال القسطلاني:فإن قلت:كثيراً ما يرى على خلاف صورته المعروفة ويراه شخصان في حالة واحدة في مكانين، والجسم الواحد لا يكون إلّا في مكان واحد ؟

أجيب:بأنه في صفاته لا في ذاته، فتكون ذاته عليه الصلاة والسلام مرئية، وصفاته متخيلة غير مرئية، فالإدراك لا يشترط فيه تحديق الأبصار ولا قرب المسافة، فلا يكون المرئي مدفوناً في الأرض ولا ظاهراً عليها، وإنما يشترط كونه موجوداً. "إرشاد الساري:503 / 14 كتاب التعبير باب من رأى النبي في المنام " .

ومن حال كثير من العلماء وقصصهم يُعلم إمكان رؤية النبي وأهل بيته، وكما ذكر ذلك في محله. "راجع المواهب اللدنية:301 - 297 / 2، وينابيع المودة:554 - 551 / 2، وكشف الغمة:383 - 239 / 1، وإلزام الناصب:/ 340 إلى 427، ودلائل الإمامة:273 إلى 288 و294 إلى 320 معاجز المهدي ومن رآه، وإعلام الورى:425 - 396، وإرشاد الساري:504 502 / 14 كتاب التعبير، باب من رأى النبي في المنام ".

قال الشيخ المرسي: لو حجب عني رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم طرفة عين ما عددت نفسي من المسلمين. "المواهب اللدنية:300 / 2 خصائص النبي صلى الله عليه و آله و سلم " .

وبذلك يتضح إمكان رؤية آل محمد:الآن وفي كل مكان، وتقدم أنهم أحياء عند ربهم يرزقون، بلحمهم وجسدهم وروحهم.

وهذا يدلّ أن الإمام حاضر عند كل انسان لا يغيب عنه شخص من الأشخاص، لذا ورد عن رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم:' إن للشمس وجهين وجه يلي أهل السماء ووجه يلي أهل الأرض، فالإمام مع الخلق كلهم لا يغيب عنهم ولا يحجبون عنه' "بحار الأنوار: 9 / 27 ح21 ومشارق أنوار اليقين:139 ".

وعن الإمام الصادق عليه السلام:' الحجة قبل الخلق ومع الخلق وبعد الخلق ' "كمال الدين:221 / 1 باب 22 ح 5، والإنسان الكامل:87 ".