أنفال

غلامرضا الرضوانی

نسخه متنی
نمايش فراداده

الأنفال

آية اللّه الشيخ غلامرضا الرضواني

وهي جمع «نفل» بسكون العين وفتحها، و عن المصباح أنّه بمعني الغنيمة1،و عن القاموس أيضاً أنّه بمعناها، وإن عطف عليها الهبة2.ولكن عن ابن منظور:النفل:ما كان زيادة علي الأصل،سميّت الغنائم أنفالاً لأنّ المسلمين فُضّلوا بها علي سائر الاُمم،وصلاة التطوّع نافلة لأنّها زيادة أجرٍ لهم علي ما كتب لهم من ثواب ما فرض عليهم3. وقال اللّه تعالي:«وَوَهَبْنا لَهُ إٍسْحَاقَ وَ يَعْقُوبَ ناَفِلَةً»4؛أي زيادة علي ما سأله.

وكيف كان، فالكلام فيها يقع في موضعين:

الأوّل: المراد بها شرعاً.

و الثاني: سعة نطاقها و بيان مصاديقها.

الموضع الأوّل ـالمراد بها شرعاً:

إنّ المراد بها شرعاً هو ما يستحقّه النبيّ(ص) من الأموال علي جهة الخصوص، و من بعده يكون للإ مام(ع) كما كان للنبيّ(ص)، لقوله تعالي:«يَسأَلُونَكَ عَنِ الأنفَالِ قُلِ الأَنفَالُ لِلّهِ وَ الرَّسُولِ»5، و للأخبار المستفيضة التي فيها الصحاح و غيرها،كصحيحة حفص بن البختري، في ذيلها:«فهو لرسول اللّه(ص)، و هو للإمام من بعده يضعه حيث يشاء»6، و مرسلة حمّاد بن عيسي عن العبد الصالح(ع) في حديث، وفي ذيلها: «والأنفال إلي الوالي»7، و موثّقة سماعة بن مهران، و في ذيلها: «فهو خالص للإمام»8، و صحيحة محمّد بن مسلم9، و رواية أبي الصباح الكناني، و فيها: «لنا الأنفال»10.

الروايات المعارضة و مناقشتها:

ولا يخالفها في هذا الحكم إلاّ ما رواه محمّد بن مسلم، قال: سمعت أبا عبداللّه(ع) يقول وسئل عن الأنفال فقال:

كلّ قرية يهلك أهلها أو يجلون عنها فهي نفل للّه عزّوجلّ، نصفها يقسم بين الناس و نصفها لرسول اللّه(ص)، فما كان لرسول اللّه(ص) فهو للإمام.

11و رواية العيّاشي في تفسيره عن حريز عن أبي عبداللّه(ع)، قال: سألته أو سئل عن الأنفال، فقال:

كلّ قرية يهلك أهلها أو يجلون عنها فهي نفل، نصفها يقسم بين الناس و نصفها للرسول(ص).

12و هذه الطائفة و إن كانت في خصوص كلّ قرية يهلك أهلها أو يجلون عنها، إلاّ أنّه جواب عن السوءال عن الأنفال، و بقرينة الجواب نستكشف أنّ السوءال إنّما هو عن حكم الأنفال بما هي أنفال، و مقتضي تطابق الجواب مع السوءال هو تعميم الحكم لكلّ ما كان من الأنفال.

لكن رواية العيّاشي لا تصلح للحجّية، مضافاً إلي معارضتها في خصوص موردها بمثلها التي نقلها العيّاشي أيضاً في تفسيره عن عبداللّه بن سنان عن أبي عبداللّه(ع)، قال:

سألته عن الأنفال قال: «هي القري التي قد جلا أهلها و هلكوا فخربت، فهي للّه و للرسول».

13و عن أبي أبراهيم(ع) قال:

سألته عن الأنفال فقال: «كلّ ما كان من أرض باد أهلها فذلك الأنفال فهو لنا».

14و أيضاً لمعارضتها بما هي أقوي منها سنداً، كصحيحة محمّد بن مسلم15، ورواية محمّد بن عليّ الحلبي عن أبي عبداللّه(ع)16، و صحيحة محمّد بن مسلم عن أبي جعفر(ع)، و فيها:

و ما كان من أرض خربة أو بطون أودية فهو كلّه من الفيء، فهذا للّه و لرسول، فما كان للّه فهو لرسوله يضعه حيث شاء، و هو للإمام بعد الرسول.

17و موثّق إسحاق بن عمّار في تفسير عليّ بن إبراهيم، قال:

سألت أبا عبداللّه(ع) عن الأنفال؟ فقال: «هي القري التي قد خربت و انجلي أهلها،فهي للّه و للرسول».

18و بذلك يظهر الجواب عن الرواية التي قبلها، وفي سندها إسماعيل بن سهل، فبعد تعارضها مع ما تقدّم من المعتبرة يكون المرجّحُ لما يعارضها عموم الكتاب و السنّة؛ أو يكون هو المرجع بعد تساقطهما، ولا فرق في النتيجة بين القولين في المسألة.

ويظهر من الحدائق حملهما علي وجه يرفع التعارض بينهما و بين ما عرفت، قال: «لعلّه خرج مخرج التقيّة، أو أنّ الإمام يقسّمه تفضّلاً»19. و أنت تعرف أنّهما لا يقبلان هذا الحمل؛ إذ فيهما: «و نصفها لرسول اللّه»، و هذه الجملة مانعة من حمل«نصفها يقسم بين الناس» علي التفضّل من قبل الإمام(ع).

واحتمال تأييدهما بأنّ آية الأنفال تقتضي التشريك بينه(ص) و بين اللّه تعالي فيها، يتصرّف بسهم اللّه في سبيله، و ال آخر يختصّ به(ص).

لا يصغي إليه في مقابلة ما عرفت، خصوصاً ما تضمّن منها أنّ «ما كان للّه فهو للرسول»، كصحيحة محمّد بن مسلم20،سيّما بعد ما ورد أيضاً أنّ «ماكان للّه من حقّ فإنّما هو لوليّه»21.

قال في الحدائق:

و المراد بها شرعاً ما يختصّ به الإمام(ع) بالا نتقال من النبيّ(ص).

22و قال في الشرائع:

و هي ما يستحقّه الإمام(ع) من الأموال علي جهة الخصوص كما كان للنبيّ(ص).

23وزاد في الجواهر:

سمّيت بذلك لأنّها هبة من اللّه تعالي له زيادةً علي ما جعله له من الشركة في الخمس؛ إكراماً له و تفضيلاً له بذلك علي غيره.

24والظاهر أنّ في مثل هذه التفاسير مسامحة بيّنة؛ إذ نجد في الكتاب أنّ خاصّة الأنفال هي للّه وللرسول، و عند المراجعة إلي الروايات نجد زيادة «وهو للإمام بعد الرسول»25،فخاصّة الأنفال عبارة عن كونها للّه و للرسول و للإمام بعده. و مقتضي الجمود علي ظاهر ما ذكروه أحد أمرين:

الأوّل: تغيير المراد من الأنفال بعد النبيّ(ص) عمّاد يراد بها في الكتاب.

الثاني: الالتزام بأنّ أصحاب النبيّ(ص) كان مسلّماً عندهم أنّ الأنفال مختصّ بها الإمام بعد النبيّ. و هذا مستبعد جدّاً.

وكيف كان، فإذا ثبت أنّ الأنفال هي يستحقّه الإمام(ع) بعد النبيّ فلا يجوز لأحد أن يتصرّف فيها بغير إذنه(ع)، من دون فرق في ذلك بين زمني الحضور و الغيبة،ولو تصرّف فيها كان غاصباً، وإن ثبت تحليل شيء منها من قِبلهم(ع) للشيعة في خصوص زمن الغيبة أو مطلقاً فهو خارج عن الغصب و عن محلّ الكلام، ويأتي البحث عنه إن شاءاللّه تعالي.

الموضع الثاني ـ بيان مصاديقها:

إنّ الأصحاب رضوان اللّه تعالي عليهم قد عدّوا الأنفال و حصروها في جملة أفراد خمسة أو أزيد:

أحدها: الأرض التي تملك من غير قتال، سواء انجلي عنها أهلها أو سلّموها للمسلمين طوعاً مع بقائهم فيها، بلا خلاف، بل ادّعي عليه الإجماع ظاهراً في الجواهر26.

ويدلّ عليه:

1 ـقول أبي الحسن الأوّل في مرسلة حمّاد:

و الأنفال كلّ أرض خربة باد أهلها، وكلّ أرض لم يوجف عليها بخيل ولا ركاب، ولكن صالحوا صلحاً وأعطوا بأيديهم علي غير قتال.

272 ـورواية الحلبي.

283،4 ـ و روايتا محمّد بن مسلم29، ووصف في الحدائق اُولاهما بالصحيحة أو الحسنة30، و الظاهر أنّه بملاحظة كون إبراهيم بن هاشم في سندها، وفي الجواهر وصفها بالموثق31، و هو بلحاظ إسناد الشيخ إلي عليّ بن الحسن بن فضال، ولكن في جامع الرواة للأردبيلي(قده): طريق الشيخ إلي عليّ بن الحسن بن فضال فيه عليّ بن محمّد بن الزبير في المشيخة و الفهرست32،و السند صحيح في التهذيب في باب أبواب الأحداث الموجبة للطهارة في الحديث السادس33، وفي باب حكم الجنابة في الحديث الحادي و الأربعين34، وفي باب حكم الحيض في الحديث الخامس و السادس و السابع35،انتهي. و عليّ بن محمّد بن الزبير لم يوثقّ في الرجال.

5 ـويدلّ عليه أيضاً صحيحة حفص بن البختري:

الأنفال ما لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب، أو قوم صالحوا، أو قوم أعطوا بأيديهم،وكلّ أرض خربة.

36قال في الجواهر:

بل ظاهر بعضها ـ كالصحيح المتقدّم ـ أنّ كلّ مالم يوجف عليه بخيل ولا ركاب من الأنفال، لا خصوص الأرض منه.

37ولكن الظاهر المستفاد من الصلة: «لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب» اختصاصها بموارد صدق الإيجاف عليه.

الثاني من الأنفال: الأرضون الموات التي لا يمكن لعطلتها الانتفاع بها لمانع يقتضي ذلك، كانقطاع الماء عنها، أو استيلاء الماء عليها، أو استيجامها، أو ظهور السبخ فيها، أو استيلاء الرمل و التراب عليها، أو غير ذلك، سواء ملكت ثمّ باد أهلها؛ لما يدلّ عليه من النصوص كمرسلة حمّاد بن عيسي و غيرها 38، أو لم يجرِ عليها ملك أحد كالمفاوز؛ لإطلاق المعتبرة المستفيضة المعتضدة بظاهر اتّفاق الأصحاب كمرسلة حمّاد، و فيها: «كل أرض ميّتة لا ربّ لها».

وأمّا إذا كان لها مالك معروف فلا دليل علي كونها من الأنفال، بل الدليل علي خلافه.

وتوهّم شمول العموم لها في رواية الصفّار:

والموات كلّها هي له،وهو قوله تعالي:«يسألونك عَنِ الأءنفَالِ...».

39فاسد؛ لأنّها مرفوعة غير صالحة للاستناد إليها، مضافاً إلي صحيح سليمان بن خالد، وفي ذيلها، «قلت: فإن كان يعرف صاحبها؟ قال: فليوءدِّ إليه حقّه»40، فبه يخصّص ذلك العموم.

و دعوي معارضة ظاهر صحيحة الكابلي لها؛ فإنّ فيها:

فإن تركها و أخربها فأخذها رجل من المسلمين من بعده فعمّرها و أحياها فهو أحقّ بها من الذي تركها.

41و مقتضاها أنّ الموات التي كان لها صاحب وأخذها غيره و أحياها فهو أحقّ بها من المالك الأوّل.

مدفوعة: بأنّ الظاهر منها أنّها في بيان حكم الأرض المفتوحة عنوة.

ومن المحتمل قويّاً أن يكون رقبة مواتها كرقبة المحياة حال الفتح منها ملكاً للمسلمين، و هي الأراضي الخراجية، كما يشهد له «فليوءدِّ خراجها إلي الإمام»، فلا يصحّ ولا يستظهر منها ما في الجواب، حيث قال:

ومنه يستفاد حينئذٍ أنّ من ملك موات الأرض المفتوحة عنوة بالإحياءالمأذون فيه منه صلوات اللّه عليه يزول ملكه عنها برجوعها مواتاً، كما هو أحد القولين في المسألة.

42إذ لزوم أداء الخراج المذكور فيها قرينة علي كونها كالمحياة، و يوءيّده اختلاف التعبير فيها مع التعبيرات في غيرها الواردة في بيان حكم إحياء الموات،كصحيحة محمّد بن مسلم43، و صحيحة الفضلاء44 و غيرهما، فراجع.

فإن قلت: في صدرها «والأرض كلّها لنا»، و هو ظاهر في الملك.

قلت: عمومها للمحياة شاهد علي أنّ اللام فيهالغير الملك،ويعلم من ذلك أنّ عامر المفتوحة عنوة لو مات بعد الفتح فليس من الأنفال في شيء إذا لم تشمل الأدلة مواتها حين الفتح؛ لما عرفت، فلا تشمل عامرها وإن صارت مواتاً بعد الفتح با لأولوية القطعيّة، و أيضاً دليل كون الموات من الأنفال مختصّ بما لا ربّ لها و لا يشمل غيرها، والمفتوحة عنوة كسائر ذوات الأرباب خارجة عنها،أضف إلي ذلك أنّ صحيح سليمان بن خالد ـوفي ذيلها: «قلت: فإن كان يعرف صاحبها؟ قال: فليوءدِّ إليه حقّه»45 ـيدلّ علي أنّ ما كان لها صاحب معروف ليست من الأنفال.

والمدار علي الموات حين نزول ال آية، فلا يشمل ما كان عامراً حينه وإن كان مواتاً قبله.

واحتمال اختصاصه بالموات الذي يدخل تحت سلطان المسلمين و تتسلّط عليه يدهم ولا يشمل ما لم يقع بعد في يدهم و باقٍ تحت يد الكفّار، يدفعه إطلاق الأدلّة.

كاحتمال أنّه و إن كان يشمله لكنّه إن أحياه الكفّار ثمّ فتحه المسلمون عنوة دخل في ملكهم؛ لإطلاق ما دلّ علي ملكيّتهم لعامر الأرض المفتوحة عنوة؛ إذ بعد تسليم شمول أدلّه المقام لها و أنّها من الأنفال فلا يوءثّر هذا الإحياء في صيرروتها حقّاً للمحيي،فتصير كالمغصوب، ومن المعلوم إرادة غير المغصوب من المفتوحة عنوة كسائر الغنائم،فكونها حينئذٍ للمسلمين و شمول أدلّتها له موقوف علي كونه إحياءً صحيحاً مفيداً ملك الكفّار،فإذا فتحوا انتقل منهم إلي المسلمين. نعم، لوثبت عموم إذن الإمام(ع) في تمليك المحيي للموات و إن كان كافراً أمكن حينئذٍ القول بانتقالها إلي المسلمين.

وذكر في الشرائع: «سِيف البحار»46 بعد الموات، و احتمل في الجواهر47 عطفه علي أوّل الخمسة ـالأرض التي تملك من غير قتال ـفيكون قسماً برأسه.

وخدش فيه احتياجه إلي دليل يدلّ علي كونها من الأنفال غير دليل الأوّلين، وليس.

ودفعه اختصاص الأنفال بالموات و المنتقل من يد الكفّار بغير قتال، بل هو أعمّ منه و من كلّ أرض لاربّ لها و إن لم تكن مواتاً؛ لقول الباقر(ع) في خبر أبي بصير المروي في المقنعة48،وقول الصادق(ع) في موثّق إسحاق بن عمّار المروي عن تفسير عليّ بن إبراهيم49،بل قد يشمله عموم جملة من الأخبار أنّ من الأنفال ما لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب، وإن كان الظاهر منه ـسيّما مع ملاحظة جملة اُخري منها إن كان في يد الكفّار ثمّ استولي عليه من دون أن يوجف عليه بخيل ولا ركاب من الأنفال ـ مطلق مالم يوجف عليه وإن لم يكن في يد أحد، إلاّ أنّ في الأوّل غنية عن ذلك،مضافاً إلي ما دلّ علي أنّ الأرض كلّها لهم(ع) الذي لا ينافيه خروج بعض الأفراد منها.

أقول: الإنصاف أنّه لا يخلو من إشكال؛ لأنّه لا يشمل ما لم يوجف عليه بخيل و لا ركاب ما لم يكن في يد الكفّار كما اعترف(قده) به، ولا غنية في الأوّل عنه، إذ لاجابرلها، بعد ما اعترف به من ظهور كلمات أكثر الأصحاب من اختصاص الأنفال بالموات و ما كان عليه يد الكفّار ثمّ استولي عليه من دون أن يوجف عليه بخيل ولا ركاب، وأمّا غير الموات الذي لم يكن لأحد يد عليه و منه ما نحن فيه فلا دلالة في كلامهم علي اندارجه في الأنفال بل ظاهره العدم فيكون من المباحات الأصلية.

واحتمل أيضاً في الجواهر عطفه علي المفاوز فيكون مثالاً للموات.

وخدش فيه بلزوم خروج شطوط الأنهار العظيمة من دجلة و الفرات و غيرهما قديمها و متجدّدها عن الأنفال؛ لعدم كونها من الموات، بل لا تحتاج أغلب أنواع الانتفاع بها إلي كلفة عظيمة من حيث قربها إلي الماء،و عدم شمول غيره من العناوين الخمسة المذكورة لها.

دفعه بأنّه و إن لم تكن مواتاً إلاّ أنّها قبل بروزها و جفاف الماء عنها من الموات؛ ضرورة تعطيلها عن الانتفاع لغلبة الماء عليها،فهي من الأنفال و ملك للإمام(ع) و إن برزت بعد ذلك و كان يمكن الانتفاع بها. نعم ما كان بارزاً منها سابقاً علي آية الأنفال ليس للإمام حينئذٍ بناءً علي ذلك.

وفيه:إنّ مجاري المياه لا تعدّ في نظر العرف من الأرض الميتة التي لاربّ لها،نعم ما برز يعدّ من الأرض، و المفروض أنّه حينئذٍ يمكن الانتفاع بها، ولا مانع من خروجه من الأنفال بعد مالم يدلّ دليل علي كونه منها كما عرفت.

الثالث من الأنفال: روءوس الجبال و ما يكون بها.

والرابع منها: بطون الأودية.

والخامس منها: الإجام بالكسر، جمع أجمة بالتحريك، و كذا ال آجام بالفتح مع المدّ، ولكن حكي عن المصباح أنّ الجمع أَجَم،مثل قصبة و قصب، وال آجام جمع الجمع، والأجمة علي ما عن القاموس و المصباح هو الشجر الكثير الملتفّ50، وعن الرياض تبعاً للروضة، أنّ الأجمة:«الأرض المملوّة من القصب»51، وظاهره أنّ الأجمة اسم لنفس الأرض لا لما فيها من القصب.

والدليل علي ذلك صحيح حفص بالنسبة إلي بطون الأودية52، و مرسلة حمّاد53،ورواية محمّدبن مسلم عن أبي عبداللّه(ع)، و خبره ال آخر عن أبي جعفر(ع)54، و مرسلة أحمد بن محمّد بن عيسي55،وخبر محمّد بن مسلم في المقنعة56، و خبر أبي بصير57، و خبر داود بن فرقد58 و إطلاقها يقضي بعدم الفرق في الثلاثة بين ما كان في الموات التي للإمام(ع)و بين غيرها.

خلافاً للمحكّي عن ابن إدريس فخصّها بالأوّل، و للروضة فخصّ ال آجام به؛ للأصل، و هو منقطع بما سمعت من الإطلاق، و عن الشهيد في البيان بعد أن حكي خلاف الحلّي أنّه ردّه بأنّه يفضي إلي التداخل و عدم الفائدة في ذكر اختصاصه بذلك59.

لكن عن المدارك أنّه قال:

إنّه جيّد لوكانت الأخبار المتضمّنة لاختصاصه(ع) بذلك علي الإطلاق صالحة لإثبات هذا الحكم، لكنّها ضعيفة السند،فيتّجه المصير إلي ما ذكره الحلّي قصراً لما خالف الأصل علي موضع الوفاق.60.

وفيه ما لا يخفي بعد وجود المعتبرة المصرّحة في الثلاثة بذلك علي الإطلاق، ولو سلّمنا عدم الدليل الصالح للإثبات علي الإطلاق لم يبق مستند للحكم فيها حتي بالنسبة إلي أرض الإمام؛ إذ الشهرة لو كانت جابرة لضعفها تجبرها بما لها من المضمون.

لا يصحّ أن يقال: بأنّ الاتّفاق في خصوص أرض الإمام جابر لضعفها بالنسبة إلي مورد الاتّفاق.

فإنّ فيه: أنّه استند إلي نفس الاتّفاق، ولم يجعل الاتّفاق جابراً.

بل قد يقال بملكيّة الإمام لروءوس الجبال و إن فرض أنّها ليست من الموات، و كذا بطون الأودية؛ كلّ ذلك للإطلاق السابق، بل و كذلك وإن كانت من المفتوحة عنوة تحكيماً للإطلاق المزبور علي ما دلّ علي ملكية المسلمين؛ لعامرها؛ لأغلبية الخراب و الموات بالنسبة إلي الأوّلين من الثلاثة، فيد خلان في القسم السابق علي كلّ حال، و ندرة العامر منهما بحيث لا تظهر ثمرة الخلاف بينهما61.

ولكن فيه: أنّه لا نسلّم أن ندرة الوجود موجبة لانصراف المطلق عن الفرد النادر، فالحال فيهما وفي ال آجام علي السواء في كون النسبة بين الدليلين من الطرفين عموماً من وجه، فيتعارضان في العامر من المفتوحة عنوة،فالحلّي رجّح الثاني بالأصل.

وإن قيل: بأنّ عبارة السرائر ليست بتلك الصراحة في الأوّلين،ويمكن أن يكون نظير الروضة في المخالفة في خصوص ال آجام، والعبارة المنقولة عن السرائر هذه:

وروءوس الجبال و بطون الأودية و ال آجام التي ليست في أملاك المسلمين، بل التي كانت مستأجمة قبل فتح الأرض، و المعادن التي في بطون الأودية التي هي ملكه، و كذلك روءوس الجبال،فأمّا ما كان من ذلك في أرض المسلمين ويد مسلم عليه فلا يستحقّه(ع) بل ذلك في الأرض المفتوحة عنوة، والمعادن التي في بطون الأودية ممّا هي له.

62نعم، هي صريحة بالنسبة لل آجام، فيظهر منها تقديم إطلاق الطائفة الثانية، ولعلّ منشأه تبعية نبات الأرض لها في الملك عرفاً، لأنّه نماوءها.

فال آجام التي في أرض المسلمين حينئذٍ لهم كالمستأجمة بعد ما فتح عنوة و كان عامراً حين الفتح مثلاً، و ال آجام التي في أرض الإمام ملك له(ع).

لكن قد عرفت أنّ إطلاق الأدلّة يقتضي أعمّ من ذلك،فلا مانع حينئذٍ من كون الأرض ملكاً لغير الإمام، وال آجام ملكاً له(ع).

وأمّا بالنسبة إلي غيرها من جميع نبات الأرض فمقتضي التبعية المذكورة كون ما في أرض الإمام له، وكون ما في أرض المسلمين كالمفتوحة عنوة لهم، و كون ما في غيرها لأربابها، إلاّ أنّه ادّعي السيرة المستمرة في جميع الأعصار و الأمصار علي معاملة النباتات مطلقاً من ال آجام و غيرها من أرض المسلمين كالمفتوحة عنوة، أو الإمام(ع) خاصّة كمواتها،معاملة المباحات الأصلية، و المشتركات كالماء الجاري فيهما و نحوه،تملك بالحيازة من غير فرق في المحيز بين الشيعة و غيرهم.

والتحقيق، أن يقال: لوكان المراد من ال آجام ما يظهر من مثل الروضة من كونها الأرض المملوءة فالنسبة بين هذه الأدلّة و ما يدلّ علي أنّ عامر المفتوحة عنوة للمسلمين عموم من وجه، و الكلام في مادة الاجتماع منهما قد مضي، و أمّا إذا كان المراد منهما ما هو الظاهر من المصباح و القاموس من كونها نفس الشجر الكثير الملتفّ،فلا تعارض بين هذه الأدلّة و بين ما ذكر أصلاً، و إنّما هي مخصّصة للتبعيّة العرفية التي قد عرفت أنّها محقّقة بالنسبة إلي جميع نباتات الأرض حتي ال آجام،ولكن قد خصّصت بمقتضي هذه الأدلّة، ولا مانع من كون رقبة الأرض مثلاً ملكاً للمسلمين كما في عامر المفتوحة عنوة و كون ال آجام التي من نمائها للإمام(ع).

السادس من الأنفال: صفايا الأموال التي كانت للسلطان،و من مختصّاتهمن بين الغنائم التي غنمها المسلمون،و كذا قطائع الملوك من الأرضي،و هذا مقتضي صحيحة داود بن فرقد63، و موثّقة سماعة بن مهران المضمرة64، و مرسلة حمّاد بن عيسي65، و خبر الثمالي عن الباقر66،ويدلّ عليه أيضاً موثقة إسحاق بن عمّار المروية عن تفسير علي بن إبراهيم67 و ظاهر بعضها اندراج سائر ماللملوك في الأنفال قطائع و صفايا كان أو غيرهما من الأموال المعتادة الاقتناء.

كما أنّه قضيّة الضابط الذي نقل عن المدارك و الحدائق68 و المنتهي من أنّ كلّ أرض فتحت من أهل الحرب فما كان يختصّ به ملكهم فهو للإمام(ع). اللّهمّ إلاّ أن يريدوا بالاختصاص خصوص المصطفي من الأموال لاغيره، كما أنّه هو المنساق من الأدلّة التي سبقت،و تلك كلّها للإمام إذا لم تكن مغصوبة من محترمي المال كالمسلم و المعاهد، وإلاّ فهي مردودة إلي مالكها بمقتضي مرسلة حمّاد بن عيسي، بل التعليل فيها بقوله(ع): «لأنّ الغصب كلّه مردود» يقتضي تعميم الحكم لجميع ما يأخذه المسلمون من أيدي الكفّارأراضي كانت أو غيرها، و سواء كانت ممّا يصدق عليها الأنفال أو غيرها من الغنائم أم لا.

السابع من الأنفال: صفو المال69،فله(ع) أن يصطفي من الغنيمة ما شاء من فرس فاره70،أوجارية رُوقة ـأي حسناء ـ، أوسيف قاطع، أو غير ذلك71، و عن المنتهي: أنّه يكون من الأنفال عند علمائنا أجمع72؛ وذلك مقتضي موثقّ ربعي73، و خبر أبي بصير74، و موثّق أبي الصباح الكناني، و مرسل حمّاد بن عيسي75 و يدلّ عليه أيضاً مرسل المقنعة76،و خبر الحارث بن المغيرة النصري77.

ولكن قيّد في الشرائع بقوله: «ما لم يجحف»78. و عن المدارك أنّه قال: إنّقيد الإجحاف مستغني عنه،بل كان الأولي تركه79؛ ولعلّه لإطلاق الأدلّة، بل قد يقضي بأنّ ذلك و إن كان هو الغنيمة كلّها لا غير.

وقال في الجواهر:

إلاّ أنّك قد عرفت اشتراطه في معقد إجماع المنتهي المعتضد بالأصل، و الاقتصار علي المتيقّن، و إطلاق ما دلّ علي استحقاق الغانمين الغنيمة، بل و بإمكان دعوي أنّ المنساق من النصوص،بل قد يدّعي ظهورها في نفي الأخير80؛ كظهور أكثرها و المتن ـ أي الشرائع ـ و غيره في أنّهذا القسم من الأنفال موقوف ملكيّة علي أخذ الإمام(ع)و اصطفائه لا قبله كغيره من الأنفال التي حصل تمليك اللّه تعالي له إيّاه قهراً، و إن كان له تعلّق باستحقاق الاصطفاء،فإن لم يأخذ حينئذٍ و لم يصطفِ كان من الغنيمة، و يجري عليه حكمها لا حكم مال الإمام(ع).

إلاّ أنّ موثّق أبي الصباح بل و غيره ظاهر في أنّه كغيره من الأنفال الداخلة في ملكه(ع)قهراً، ويوءيّده بُعد انفراد81 هذا القسم عنها بذلك،خصوصاً بعد قوله تعالي: «يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأنفَالِ قُلِ الأنفَالُ لِلّهِ وَ الرَّسُولِ» 82؛ إذ الظاهر إرادة تمليك الأعيان و أنّها هي الأنفال.

و عليه فهل المدار علي وجود المصطفي في حدّ ذاته أو بحسب نسبة الغنيمة؟ وجهان: أقواهما الأوّل،بل هو الظاهر من الأخبار.

كما أنّه علي الأوّل ـ أي بناء علي توقّف الملكية فيها علي الأخذ و الاصطفاءـ هل يختصّ جواز أخذه و اصطفائه بما لو كان في المال مصطفيً أولا؟ فله حينئذٍ أخذ مايريد و يحب و يشتهي و إن لم يكن من الأشياء المصطفاة في حدّ ذاتها و نفسها، كما عساه يشعر به ذيل خبر أبي بصير و عبارة المتن و غيرها، وجهان: لايبعد في النظر الأوّل؛ لأنّه المتيقّن المنساق من النصوص السابقة،فيقتصر عليه في الخروج عن الأصل، وإطلاق استحقاق الغانمين الغنيمة.

83الثامن من الأنفال: ما يغنمه المقاتلون بغير إذنه(ع) علي المشهور بين الأصحاب، بل عن غير واحد نسبة إلي الشيخين و المرتضي و أتباعهم، بل عن التنقيح نسبتهإلي عمل الأصحاب،كما عن الروضة نفي الخلاف عنه، و عن بيع المسالك: أنّ المعروف من المذهب مضمون المقطوعة ال آتية 84 لا نعلم فيه مخالفاً.

بل عن الحلّي الإجماع عليه 85 و قال في الجواهر:

و هو الحجّة،وإن ناقشه ـ أي الحلّي ـفي المعتبر، فقال: و بعض المتأخّرين يستلف صحّة دعواه مع إنكاره العمل بخبر الواحد، فيحتجّ لقوله بدعوي إجماع الإمامية، وذلك مرتكب فاحش؛ إذا هو يقول: إنّ الإجماع إنّما يكون حجّة إذا علم أنّالإمام(ع) في الجملة،فإن كان يعلم ذلك فهو منفرد بعلمه،فلايكون علمه حجّة علي من لم يعلم.

إذ هي كما تري م آلها إلي إنكار حجّية الإجماع المنقول المفروغ منها في محلّها،فلا بأس بجعله الحجّة لنا هنا،خصوصاً مع شهادة التتبّع له و اعتضاده بقول الصادق(ع)في مرسل الورّاق 86 المنجبر به و بالشهرة العظيمة... بل و بمفهوم قوله(ع) أيضاً في حسن معاوية بن وهب بإبراهيم بن هاشم أو صحيحه...» قال:إن قاتلوا عليها مع أمير أمّره الإمام(ع)أخرج منها الخمس للّه تعالي و للرسول(ص) و قسم بينهم ثلاثة أخماس، و إن لم يكونوا قاتلوا عليها المشركين كان كلّما غنموا للإمام(ع)يجعله حيث أحبّ.87

وفيه ما لا يخفي بعد ما حقّق في محلّه من عدم حجّية الإجماع المنقول. نعم، لو ثبت استناد المشهور في فتاواهم ذلك إلي مرسل الورّاق ينجبر ضعفه و يصير حجّة لنا.

و أمّا مفهوم حسن معاوية بن وهب، ففيه: إنّه إن كان المراد به مفهوم الشرط فهو قد نطق به في ذيل الحديث، وإن لم يكونا قاتلوا،و ليس وإن قاتلوا بدون أمير أمّره الإمام كما لا يخفي.

و إن كان المراد به مفهوم القيد ففيه:

أوّلاً: أنّالقيد لامفهوم له. و ثانياً: إنّ مفهومه علي تقديره ليس ما هو المراد،بل عبارة عن أنّه إن قاتلوا لامع أمير أمّره الإمام(ع)،فليس الحكم فيه ما ذكر من إخراج الخمس للّه و للرسول و تقسيم ثلاثة أخماس بينهم.

ونسب إلي ظاهر النافع التوقّف،وعن المنتهي قوّة قول الشافعي في المسألة و هو المساواة للمأذون فيها،بل عن المدارك أنّه استجوده؛لإطلاق ال آية و غيرها من الأخبار،و خصوص حسنة الحلبي عن الصادق(ع):

في الرجل من أصحابنا يكون في لوائهم و يكون معهم فيصيب غنيمة؟ قال: يوءدّي خمساً ويطيب له.

88فإنّه لا مفهوم لها حتي تعارض المطلقات التي تدلّ علي التحليل، وأمّا الأدلة الدالّة علي أصل ثبوت حقّ الإمام و إن اشتملت بعضها89 علي لعن من يستحلّ أو لعن من أكل منها درهماً حراماً90،فلا تنافي هذه الأدلّة كما هو واضح حتي لو فرض دلالتها علي إباحة جميع ما للإمام(ع) في جميع الأزمنة بالنسبة إلي الشيعة،فإنّ هذه الإباحة متفرّعة علي ثبوت حقّه(ع)،ولا تدلّ علي عدمه حتي يلزم التهافت كما لا يخفي.

وكيف! ولا تدلّ إلاّ علي الإباحة المطلقة بالنسبة للمباح القابلة للتقييد بما يدلّ علي عدم الإذن في التّصرّف في الخمس مطلقاً91،أو في بعض الأحوال92.

هذا، ولكن الإنصاف أنّه لو تمّ دلالتها علي الحلّية العامّة بالنسبة إلي جميع ما للإمام من الأنفال و الخمس و غير ذلك لكان التنافي بينها و بين ما شدّد علي أكل أموالهم93 واضحاً جدّاً،كالتنافي بينها و بين ما يدلّ علي ثبوتها في الغنائم و غيرها94.

تكملة: الذي يظهر من أدلّة التمليك أنّه من زمن أمير الموءمنين(ع) 95 إلي ظهور القائم(ع)96،وهذا يدلّ علي أنّ الأمر كذلك في زمن الغيبة حتي حين بسط يد ولي أمر المسلمين، و لا يمكن تنقيح المناط من ظهور القائم و جعله كناية عن بسط اليد؛ إذ التحليل ثابت من الصدر الأوّل الذي كان برهة منه زمان بسط يد أمير الموءمنين(ع)، فإذن يكون أمر الأنفال كسائر أموال الناس التي لو اقتضت المصلحة العامّة للمسلمين تصرّفاً من قبل ولي الأمر فيها جازت بأدلّة ولاية الأمر،و إلاّ فلا، وليس من الأحكام الأوّلية بالنسبة إليها تولية ولي الأمر لها.

اللّهمّ إلاّ أن يقال: ـبعد ما استظهرتم من أدلّة الإباحة و التحليل أنّهما الإباحة و التحليل المالكيتان الصادرتان بإنشاءالمالك كسائر الإباحات المالكية ـ إنّ هذه الإباحة تجتمع مع ملكية المبيح، ولا يخرج المباح بمجرّد إنشاء الإباحة عن ملك المبيح،فقبل تصرّف المباح له تصرّفاً متوقّفاً علي الملك يكون المباح ملكاً له ـ للمبيح ـ و مباحاً للمباح له،وآناً ما قبل وقوع هذا التصرّف يخرج من ملكه و يدخل في ملك المباح شرعاً،فما لم يخرج المباح عن ملك المبيح فله أن يرجع عن إذنه و إباحته؛ إذ لا دليل علي لزوم هذه الإباحة الإيقاعية،فجميع ما للملك من ال آثار الشرعية و العرفية ـ قبل الإباحة ـمترتّبة عليه بعدها بلا نقص و بلا تفاوت أصلاً،و قد ثبت من أدلّة الأنفال أنّها لرسول اللّه،وهي للإمام من بعده يضعه حيث يشاء97،و أنّها إلي الوالي98، و أنّ «ما كان لأبي(ع) بسبب الإمامة فهولي»99.

وعلي فرض ثبوت الولاية للفقيه الجامع للشرائط يثبت له كلّ ما للإمام(ع) في زمان الغيبة،فعلي هذا فله الأنفال في هذا الزمان نحو ماله(ع)، فإذا كان له ذلك فله أن يرجع عن الإباحة الصادرة عن الأئمة الماضين(ع).

فإن قلت: فما معني ما ورد من استمرار الإباحة إلي ظهور القائم(ع)100؟

قلت: إنّ جواز التصرّف في مال الغير موقوف علي إذنه أو إباحته أو رضاه فمالم يتحقّق شيء من هذه العناوين لا يجوز التصرّف، و جوازه تابع في الدوام و الاستمرار و عدمه لدوام الإذن و الإباحة و عدمه،فإنّ التحليل من زمان الصدور إلي قيام القائم(ع) يفيد جواز هذه التصرّفات في طول الزمان بلا احتياج إلي إنشاء الإباحة ثانياً، فما لم يرجع عنها فهي باقية علي حالها. و أيضاً صدور هذه الإباحة موءثّرة بالنسبة إلي ما للإمام(ع) حال الإباحة، ولا يوءثّر في ما لم يكن في ذلك الحين ملكاً للإمام(ع).

التاسع: ميراث مَن لا وارث له غير الإمام(ع)،و عن المنتهي أنّه كذلك عند علمائنا أجمع،و الدليل عليه: قول أبي جعفر(ع) في صحيح ابن مسلم101،و قول الصادق(ع) في خبر أبان بن تغلب102، و قول العبد الصالح في مرسل حمّاد بن عيسي المتقدّم آنفاً.

103العاشر منها: المعادن، و اختلف الأصحاب في حكمها فهم بين من أطلق كونها من الأنفال و أنّها للإمام(ع)،كما عن المفيد و الكليني و الشيخ و القاضي و القمّي في تفسيره،و عن مختار الكفاية و الذخيرة و عن ظاهر كاشف الغطاء أيضاً،من غير فرق بين ما كان منها في أرضه و بين غيرها، و من غير فرق بين الظاهرة و الباطنة؛ للموثّق المروي عن تفسير علّي بن إبراهيم عن الصادق(ع)104، و خبر أبي بصير المروي فيتفسير العيّاشي عن الباقر(ع)105، و خبر داود بن فرقد المروي فيه أيضاً106.

و بين مَن أطلق كون الناس فيها شرّعاً سواء،كما عن النافع و البيان، بل عن الروضة أنّه حكاه عن جماعة؛ للأصل و السيرة و إشعار إطلاق أخبار الخمس في المعادن،إذلا معني لوجوبه علي الغير،و هي ملك للإمام(ع).

و بين من فصّل بين أرضه و بين غيرها كما عن الحلّي و الفاضل في المنتهي بل و التحرير و الشهيد فيالروضة و غيرهم،فيختصّ قوله(ع) بالأوّل تبعاً للأرض بل هي منها، فما دلّ علي ملكها له دالّ علي ذلك دون غيره؛ للأصل السالم عن معارض معتبر صالح لقطعه فيما تقدّم من الأخبار عدا الموثق منها، لعدم تحقّق الشهرة الجابرة لغيره،بل في الدروس: «الأشهر أنّالناس فيها شرّع»107، و أمّا الموثّق ـ فمع اختلاف النسخ؛ إذ عن بعض النسخ ففيها بدل «منها»، فعلي هذا يخرج عن الإطلاق و يختصّ بما في الأرض التي ذكرت قبلها ـ هو غير واضح الدلالة؛ لاحتمال عود الضمير فيه إلي الأرض 108،سيّما مع قربها إليه.

بل في الرياض تأييده زيادة علي ذلك باستلزامه لو رجع إلي الأنفال استئناف الواو التي الأصل فيها العطف خصوصاً و هو مغنٍ عن قوله «منها» هنا109، و إن كان قد يخدش بأنّها للعطف أيضاً،لكنّه عطف الجمل دون المفردات، بل لعلّه منه أيضاً بجعل «منها» خبراً عن المعادن و ما قبلها من الأرض الخربة و التي لا ربّ لها، بل لعلّه الظاهر من متن الخبر بقرينة ما قبله و ما بعده،فاحتمال عود الضمير إلي الأرض بعيد غايته،لكن إن ثبت اختلاف النسخ يخرج عن صلاحيّة الاستناد.

و قد يوءيّد هذا القول بخلو الأخبار المروية في الأصول المعتبرة ـعلي كثرتها ـالمتعرّض فيها للمعادن عن ذلك،بل وبما مرّ من إشعار المعتبرة المستفيضة الدالّة علي وجوب الخمس علي من أخرج المعدن بعدمه؛ إذ لا معني لوجوبه فيما له(ع) علي الغير،وإن كان قد أجاب عن ذلك بعضهم بأنّه يجوز أن يكون الحكم في المعادن أنّ من أخرجه بإذنه(ع) يكون خمسه له(ع) و الباقي لمخرجه، فتحمل أخبار الخمس في المعادن علي ما إذا كانت بإذنه(ع) ولو فيحال الغيبة باعتبار تحليله(ع) ذلك.

ولكن استشكل فيالجواهر عليه بقوله:

لكن فيه أوّلاً: أنّه يقتضي اختصاص هذا الخمس به؛ لكونه عوضاً عن التصرّف في ماله،لا أنّه كغيره من الخمس يوزّع علي الأصناف،كما هو ظاهر النصوص والفتاوي.

110وفيه: إنّه لااقتضاءلذلك فيه كما احتمل(قده) أن يقال: إنّه حكم شرعي ترتّب علي إخراج المعدن المأذون فيه.

واستشكل ثانياً: بأنّه «يقتضي ملكيّة الإمام(ع) له جميعه لو أخرج في حال وجوده،و عدم إذنه مع ظهور بعض تلك الأخبار أو صراحتها في خلافه.

111وثالثاً: بأنّه يقتضي حصر هذا الحكم في زمن الغيبة فيمن حلّل لهم من الشيعة دون غيرهم، فمن أخرجه منهم كان جميعه حينئذٍ للإمام(ع).

ورابعاً: أنّه يتمشّي هذا الجواب علي تقدير ثبوت كونه له(ع)،فيرتكب جمعاً، وإلاّ فلا ريب أنّه خلاف الظاهر المنساق إلي الذهن من تلك الأخبار عند فقد الدليل.

112وفيه: أنّ المجيب قد تصدّي لجواب ما ذكر تأييداً للقول بالتفصيل، ولا يصحّ الإشكال فيه بعدم دليل صالح للاستناد إليه للقول بكون المعادن من الأنفال؛ إذ علي هذا الفرض لم يبق مجال للبحث في المعادن و التأييد و الاستبعاد للأقوال فيها.

وقد يجاب عن الإشعار المذكور:

بإمكان تنزيل أخبار الخمس علي المعادن المملوكة لمالك خاصّتبعاً للأرض أو بالإحياء، فإنّ ظاهر الشهيد في الروضة خروجها عن محل النزاع،و أنّة لا كلام في أنّها ليست من نفل الإمام(ع)، لكنّه لايخلو من تأمّل و نظر خصوصاً الثاني؛ لإطلاق جماعة ممّن عرفت أنّ المعادن من الأنفال.

113عناوين اُخري عدّت من الأنفال:

هذا،و قد عدّ في المقنعة من الأنفال البحار و المفاوز، كما عن أبي الصلاح الأوّل،وفي الجواهر:

ولم نقف له علي دليل فيما لم يرجع إلي الأراضي السابقة من المفاوز،و لا لهما في البحار كما اعترف به غير واحد،اللّهمّ إلاّ أن يكونا أخذاه ممّا دلّ من الأخبار، علي أنّ الدنيا و ما فيها للإمام(ع)، و علي أنّ جبرئيل قد كري برجله الأنهار الخمسة أو الثمانية،و أنّ ما سقت و ما استقت للإمام(ع)،خصوصاً خبر حفص بن البختري عن الصادق(ع): «قال: إنّ جبرئيل(ع) كري برجله خمسة أنهار و لسان الماءيتبعه الفرات...»114.

وقد عدّ من الأنفال اُموراً لم يذكر لها دليلاً:

منها: ما يوضع له(ع) من السلاح المعدّ له، و الجواهر و القناديل من الذهب و الفضّة و السيوف و الدروع.

ومنها: ما يجعل نذراً للإمام(ع)بخصوصه علي أن يستعمله بنفسه الشريفة أو يصرفها علي جنده من الدراهم و الدنانير و جميع ما يطلب للجيوش.

ومنها: المعيّن للتسليم إليه ليصرفه علي رأيه.

115قال في الجواهر:

و هو كما تري لا يتّجه و لايتمّ،سواء فرض إرادة الإمام الحّي(ع)منه أو الميّت؛ إذ المراد بالأنفال ما اختصّ بأصل ملكيّتها بمعني عدم صحّة ملك غيره لها بوجه من الوجوه إلاّ منه(ع)،و ما ذكره(ره) مع الاغضاء عن صحّة بعضه في نفسه بحيث يدخل في ملكه(ع)، خصوصاً لو فرض إرادة غير القائم(ع) منه كما هو الموجود في زماننا بالنسبة الي ما يأتون به للحضرات المشرّفات من الأسلحة و غيرها، لا يختصّ به(ع). بل لو فرض غير الإمام و أعدّ له أو نذر له أو اُعطي مالاً ليصرفه اختصّ به أيضاً، و لعلّ مراده بالأنفال مطلق المال الذي يرجع إليه، و من هنا قال: إنّ هذه الثلاثة من الأنفال لايجوز التصرّف فيها،بل يجب حفظها و الوصية بها،ولو خيف فساد شيء منها بيع و جعل نقداً و حفظ علي النحو السابق،ولو أراد المجتهد الاتّجار به مع المصلحة قوي جوازه ـإلي أن قال: ـوإلاّ فحكم الأنفال الإباحة زمن الغيبة عنده و عند غيره من الأصحاب كما ستعرف تحرير ذلك إن شاء اللّه.

نعم، ما ذكره(ره) من هذه الأحكام و إن كان بعضها مستفاداً من اُصول المذهب و قواعد لكن جملة منها محلّ للتوقّف والنظر،كما أنّ حكم أصل موضوعها من بعض الاُمور الثلاثة كذلك أيضاً،فتأمّل.

116حكم الأنفال زمن الغيبة:

قد ذكرنا سابقاً أنّه لا يجوز التصرّف في الأنفال كسائر ما للإمام(ع) لأحد بغير إذنه،و زمان الحضور و بسط اليد و زمان الغيبة و عدم بسط اليد سواءفي ذلك،و هذا ما تقتضيه اُصول المذهب و قواعده، و إذا وقع الكلام فهو في حصول الإذن في زمان الغيبة أو عدم بسط اليد منهم(ع) في خصوص الأنفال مطلقاً،لا خصوص المناكح و المساكن و المتاجر.

و الروايات المتضمّنة لإباحة حقوقهم(ع) لهم فيحال الغيبة كثيرة.

117عن المدارك أنّه قال:

أمّا حال الغيبة فالأصحّ إباحة الجميع كما نصّ عليه الشهيدان و جماعة؛ للأخبار الكثيرة المتضمّنة لإباحة حقوقهم(ع) لشيعتهم في حال الغيبة.

قال فيالبيان: و هل يشترط في المباح له الفقر؟ ذكره الأصحاب في ميراث فاقد الوارث،أمّا غيره فلا.

و أقول: إنّ مقتضي العمومات عدم اشتراط ذلك مطلقاً. نعم،ورد فيالميراث رواية ضعيفة ربّما تعطي اعتبار ذلك118،و لاستقصاء البحث فيه محل آخر»119.

و صريح هذا ا لكلام كما عن صريح المسالك و الروضة عدم اختصاصه بالمناكح و المساكن و المتاجر،بل نسبه في الروضة إلي المشهور، قال فيها ـ كما حكي ـ:

المشهور أنّ هذه الأنفال مباحة في حال الغيبة،فيصحّ التصرّف في الأرض المذكورة بالإحياء، و أخذ ما فيها من شجر و غيره، نعم يختصّ ميراث من لا وراث له بفقراء بلد الميّت و جيرانه؛ للرواية.

وقيل: بالفقراءمطلقاً؛ لضعف المخصّص،و هو قويّ.

وقيل: مطلقاً كغيره.

120بل هو صريح الشهيد الأوّل في الدروس و البيان، قال في الأوّل:

والأشبه تعميم إباحة الأنفال حال الغيبة كالتصرّف في الأرضين الموات و ال آجام و ما يكون بها من معدن و شجر و نبات؛ لفحوي رواية يونس121 و الحارث 122، نعم لا يباح الميراث إلاّ لفقراء بلد الميّت.

123وقال فيالبيان في حكم الأنفال:

ومع وجوده لا يجوز التصرّف في شيء من ذلك بغير إذنه، فلو تصرّف متصرّف أثم و ضمن، و مع غيبته فالظاهر إباحة ذلك لشيعته،و هل يشترط في المباح له الفقر؟ ذكره الأصحاب في ميراث فاقد الوارث، أمّا غيره فلا.

124هذا،ولكن في الجواهر أنّ:

ظاهر نهاية الشيخ و سرائر الحلّي و قواعد الفاضل و تحريره و منتهاه و تذكرته تخصيص الإباحة... بالمناكح أو بها و بالمساكن و المتاجر.

125بل في الحدائق نسبتهإلي ظاهر المشهور، قال فيها:

ظاهر المشهور هنا هو تحليل ما يتعلّق من الأنفال بالمناكح و المساكن و المتاجر خاصّة،وإنّ ما عدا ذلك يجري فيه الخلاف الذي فيالخمس.

126بل قد يظهر من المحكيّ عن أبي الصلاح في المختلف: تحريم الثلاثة أيضاً، قال:

ويلزم من تعيّن عليه شيء من أموال الأنفال أن يصنع فيه ما بيّناه من تشطير الخمس لكونه جميعاً حقّاً للإمام(ع)، فإن أخلّ المكلّف بما يجب عليه من الخمس و حقّ الأنفال كان عاصياً للّه سبحانه و مستحقّاً لعاجل اللعن المتوجّه من كلّ مسلم إلي ظالمي آل محمّد(ع)،وآجل العقاب لكونه مخلاًّ بالواجب عليه لأفضل مستحقّ، ولا رخصة في ذلك بماورد من الحديث فيها؛ لأنّ فرض الخمس و الأنفال ثابت بنصّ القرآن و الإجماع من الاُمّة،وإن اختلفت فيمن يستحقّه،فإجماع آل محمد صوات اللّه عليهم دالّ علي ثبوته و كيفيّة استحقاقه وحمله إليهم و قبضهم إيّاه و مدح موءديّه و ذمّ المخلّ به، و لايجوز الرجوع عن هذا المعلوم بشاذّالأخبار.

127وقوّي(قده) القول الأوّل،وقال:

بل ينبغي القطع به في الأراضي المحياة، بل في المدارك أنّه أطبق عليه الجميع.

ثمّ ذكرأخباراً في مقام الاستدلال كالصحيح عن عمر بن يزيد، عن أبي سيار128، و خبر يونس بن ظبيان أو المعلّي بن خنيس129، و صحيح عمر بن يزيد130،ثمّ استدلّ بإطلاق أخبار التحليل ـالشامل للأرض و غيرها ـ كصحيحة الحارث النصري،و صحيح الفضلاء، و صحيح ابن مهزيار، و خبر سالم بن مكرم، و موثّق الحارث بن المغيرة،وخبر أبي حمزة، و خبر داود الرقي، و خبر الفضيل، و المروي عن العسكري 131... إلي غير ذلك من الأخبار.إلي أن قال:

وكيف كان فسبر هذه الأخبار المعتبرة الكثيرة التي كادت تكون متواترة، المشتملة علي التعليل العجيب و السرّ الغريب يشرف الفقيه علي القطع بإباحاتهم(ع) شيعتهم زمن الغيبة بل و الحضور الذي هو كالغيبة في قصور اليد و عدم بسطها سائر حقوقهم(ع) فيالأنفال، بل و غيرها ممّا كان في أيديهم و أمره راجع إليهم ممّاهو مشترك بين المسلمين ثمّ صار في أيدي غير هم من أعدائهم، كما نصّ عليه الاُستاذ في كشفه، «ولقد أجاد حيث قال بعد تعداده الأنفال: و كلّ شيء يكون بيد الإمام(ع)ممّا اختصّ أو اشترك بين المسلمين يجوز أخذه من يد حاكم الجور بشراء أو غيره من الهبات و المعاوضات و الإجارات؛ لأنّهم أحلّوا ذلك للإمامية من شيعتهم» إلي آخره ـمن غير فرق بين الفقير منهم و الغني،نعم في خصوص ميراث من لا وارث له الخلاف السابق الذي ليس ذا محل تحريره،أمّا غير الشيعة فهو محرّم عليهم أشدّ تحريم و أبلغه،ولا يدخل في أملاكهم شيء منها كما هو قضيّة اُصول المذهب بل ضرورته،لكن في الحواشي المنسوبة للشهيد علي القواعد عند قول العلاّمة:«ولايجوز التصرّف فيحقّه بغير إذنه،و الفائدة حينئذٍ له»، قال: «ولو استولي غيرنا من المخالفين عليها فالأصح أنّه يملك،لشبهة الاعتقاد كالمقاسمة و تملّك الذمّي الخمر و الخنزير،فحينئذٍ لا يجوز انتزاع ما يأخذه المخالف من ذلك كلّه،و كذا ما يوءخذ من ال آجام و روءوس الجبال و بطون الأودية لايحلّانتزاعه من آخذه و إن كان كافراً،و هو ملحق بالمباحات المملوكة بالنيّة لكلّ متملّك،و آخذه غاصب تبطل صلاته في أوّل وقتها حتي يرده. انتهي.

وفيه بحث: لإمكان منع شمول ما دلّعلي وجوب مجاراتهم علي اعتقادهم ودينهم لمثل ذلك من استباحة تمليك الأموال و نحوه،خصوصاً بالنسبة للمخالفين،و إن ورد:«ألزموهم بما ألزموا به أنفسهم»132، علي أنّ ذلك لا يقضي بصيرورته كالمباح الذي يُملك بالحيازة و النيّة لكلّأحد حتي مَن لم يرد أمر بإجرائهم و معاملتهم علي ما عندهم من الدين،كيف و ظاهر الأخبار بل صريحها أنّه في أيدي غير الشيعة من الأموال المغصوبة.

نعم، قد يوافق علي ما ذكره من حيث التقيّة و عدم انبساط العدل، و لعلّه مراده ـ أي الشهيد ـ و إن كان في عبارته نوع قصور،كما أنّه يوافق فيالجملة المعني المزبور بالنسبة للشيعة خاصّة؛ ضرورة عدم إرادة إباحة التصرّف لهم التي لايترتّب عليها ملك أصلاً كإباحة الطعام للضعيف، بل المراد زيادة علي ذلك رفع مانعية ملكهم(ع) عن تأثير السبب المفيد للملك في نفسه وحدّ ذاته كالحيازة و الشراء و الاتّهاب و الإحياء و نحو ذلك.

133و بعبارة اُخري: لا تصير الأنفال بسبب هذا التحليل و الإباحة خارجة عن ملك الإمام(ع) و داخلة في المباحات الأصلية بالنسبة للشيعة خاصّة،بل هي باقية فيملك الإمام،ولكن لا يمنع هذه الملكية عن تأثير السبب المملّك بالنسبة إلي الشيعة،فعلي هذا: إذا ثبت توقّف جواز تصرّف علي الملك كالعتق و الوقف مثلاً،نقول بجوازه عند حصول السبب المملّك، و أمّا قبل حصوله فلا يجوز.

وأمّا سائر الاحتمالات التي ذكرها فيالجواهر فلا ينطبق علي مقتضي القواعد أو بعيد و إن أمكن انطباقه:

كاحتمال تنزيله إباحتهم(ع) لشيعتهم منزلة الإباحة الأصلية التي يملك بسببها المباح بالحيازة،فيكون حينئذٍ شراوءها من يد المخالفين للفكّ من أيديهم،لا أنّه شراء حقيقة مفيد للملك،بل المملك،الاستيلاء المتعقّب لذلك الشراء الصوري.

وكاحتمال كون العقود الواقعة من المخالفين مع الشيعة في بيع الأنفال بمنزلة العقود الفضولية التي يجيزها المالك الأصلي، و إن وقعت منهم بنيّة أنّهم المالكون لها، ولكن ذلك لايوءثّر فساداً في العقد الجامع لشرائط الصحّة واقعاً التي منها إذن المالك،فينتقل حينئذٍ ملك الإمام(ع) إلي الثمن المدفوع عن العين يطالب به الغاصب أو القيمة،لو كانت أزيد منه، كما أنّه ينتقل إليها لو كان العقد مجّاناً كالهبة و غيرها؛ لأنّ تصرّفه ناش عن اعتقاد أنّه ملكه و ماله،فيكون الإذن في الحقيقة للمتّهب مثلاً دون الواهب،و لابأس في ترتّب الملك و حصوله علي عقد يحرم علي الموجب دون القابل، فتأمّل.

وكاحتمال القول بصحّة العقود المجّانية و عدم صيرورة تمام القيمة في ذمّة الغاصب كالزائد منها علي الثمن في عقود المعاوضة،وإن كان غاصباً ظالماً في تصرّفه من بيع أو هبة،و إن كان لشيعي.

134وكيف كان،فهل يترتّب الملك لو استولت يد الشيعي علي ما استولت عليه يد المخالف بغير الأسباب الشرعية المملكة كالبيع و نحوه،بل كان بسرقة و نحوها؟

ظاهر ما سمعته من كلام الشهيد:العدم،لكن إطلاق الأدلّة ينافيه،و أمّا ما وجّهه به من شبهة الاعتقاد أو التقيّة التي احتملها الجواهر من عبارته فغير موجّه.

135و تحصّل من جميع ما مرّ:

أنّ مقتضي إطلاق الأدلّة كصحيحة الفضلاء و غيرها تحليل الأنفال مطلقاً، و لا يعارضها ما يدلّ علي تحليل قسم منها كالمرسل المروي عن عوالي الل آلي أنّه سئل الصادق(ع) فقيل له: يابن رسول اللّه، ما حال شيعتكم فيما خصّكم اللّه به إذا غاب غائبكم و استتر قائمكم؟ فقال(ع):

ما أنصفناهم إن أخذناهم ولا أحببناهم إن عاقبناهم،بل نبيح لهم المساكن لتصحّ عبادتهم،و نبيح لهم المناكح لتطيب ولادتهم، و نبيح لهم المتاجر ليزكوا أموالهم.

شاهده پاورقيها

مشاهده منابع

پاورقيها:

16.المصدر السابق:ح11.

115 .كشف الغطاء:364.

114 .الوسائل6:370،ب 1 من الأنفال،ح18.وانظر: جواهر الكلام16:131.

117 .راجع:الوسائل6:378،ب4من الأنفال.

125 .جواهر الكلام16:135.

109 .الرياض5:265.

113 .المصدر السابق.

132 .الوسائل15:320،ب30 مقدّمات الطلاق،ح5و6،18:598،ب3 من ميراث المجوس،ح2.

127 .جواهر،16:136ـ135.

10.المصدر السابق:373،ب2من الأنفال،ح2.

106 .المصدر السابق:ح32.

11.المصدر السابق:367،ب1 من الأنفال،ح7.

19.الحدائق الناضرة12:472.

133 .جواهر الكلام16:136ـ142.

1361 .المصباح المنير2:619،مادة«نفل»،ط ـدار الهجرة.

14.المصدر السابق:ح26.

100 .المصدر السابق:381و392و383،ب4 من الأنفال،ح11و12و13.

111 .الوسائل6:342،ب3 ممّا يجب فيه الخمس.

101.المصدر السابق17:547،ب3من ولاء ضمان الجريرة،ح1.

103.و موثّق إسحاق بن عمّار[الوسائل6:371،ب 1من الأنفال،ح20]،والمرسل المرفوع[369،ح17]،و صحيح الحلبي [الوسائل17:548، ب3 من الإرث،ح3]،و صحيحه ال آخر[ب3،ح4]،و هنا أخبار تدلّ علي أنّه للإمام: 4و5و6و7و11و12و13 من الإرث .

109 .الرياض5:265.

120 .الروضة البهيّة2:85. المسالك 1:475،ط ـموءسسة المعارف.

126 .الحدائق الناضرة 12:481، بتصرّف .

104 .الوسائل6:371،ب 1 من الأنفال،ح20.

107 .الدروس الشرعية1:264.

128 .الوسائل6:382،ب4من الأنفال،ح12.

134.انظر: جواهر الكلام16:142و143.

102.المصدر السابق:549،ح8.

122 .المصدر السابق:ح9.

129 .المصدر السابق:384،ح17.

131 .المصدر السابق:ب4،ح9و1و2و4و14و19و7و10و20.

108 .انظر:جواهر الكلام16:128ـ130.

118 .الوسائل17:554،ب4 من ولاء ضمان الجريرة،ح10.

119 .مدارك الأحكام 5:419،وانظر:البيان:221،ط ـمجمع الذخائر الإسلامية.

121 .الوسائل6:380،ب4 من الأنفال،6.

130 .المصدر السابق:382،ح13 .

135.المصدر السابق:144.

12.المصدر السابق:372،ح25.

105 .المصدر السابق:372،ح28.

123 .الدروس الشرعية1:264،ط ـجماعة المدرّسين.

124 .البيان:221.

136 .المستدرك 7:303،ب4 من الأنفال،ح3.

112 .جواهر الكلام16:131.

18.المصدر السابق:371،ح20.

13.المصدر السابق:ح24.

15.المصدر السابق:367،ح10.

20.الوسائل6:367،ب1 من الأنفال،ح10.

21.الكافي1:537، باب صلة الإمام(ع)،ح3.

24.جواهر الكلام 16:116.

22. الحدائق الناضرة:12:470.

26 .جواهرالكلام16:116.

28 .المصدر السابق:367،ح11.

27 .الوسائل6:365،ب1 من الأنفال،ح4.

29 .المصدر السابق:ح7و10.

2 .القاموس: 1374،مادة«نفل».

23.شرائع الإسلام1:183، ط ـالنجف الأشرف .

25.الوسائل6:368،ب1 من الأنفال،ح12.

33 .تهذيب الأحكام1:26،ب3 من الأحداث الموجبة للطهارة،ح6.

3 .لسان العرب 11:671،مادة«نفل»،ط ـدار صادر.

34 .المصدر السابق:129،ب6من حكم الجنابة،ح43.

38 .الوسائل6:365،ب1 من الأنفال،ح4.

30 .الحدائق الناضرة12:471.

36 .الوسائل6:364،ب1من الأنفال،ح1.

32 .جامع الرواة1:570.

35 .المصدر السابق:152،ب7من حكم الحيض،ح5و6و7.

31 .جواهر الكلام 16:116.

39 .المصدر السابق:369،ح17.

37 .جواهر الكلام16:117.

47 .جواهر الكلام16:119.

41 .المصدر السابق:ح2.

46 .شرائع الإسلام 1:183.

40 .المصدر السابق17:329،ب3من إحياء الموات،ح3.

49 .المصدر السابق:371،ب1 من الأنفال،ح20.

43 .الوسائل17:326،با 1من إحياءالموات،ح4.

48 .الوسائل6:372،ب1 من الأنفال،ح28.

4 .الأنبياء:72.

44 .المصدر السابق:327،ح5.

45 .المصدر السابق:329،ب3من إحياء الموات،ح3.

42 .جواهر الكلام16:117.

58 المصدر السابق:ح32.

52 .الوسائل6:364،ب1 من الأنفال،ح1.

54 .المصدرالسابق:367،ح7و10.

57 .المصدر السابق:372،ح28.

53 .المصدر السابق:365،ح4.

55 .المصدر السابق:362،ب2 من قسمة الخمس،ح1.

5 .الأنفال:1.

59 .البيان:352.

56 .المصدر السابق:369،ب1من الأنفال،ح22.

51 .الرياض1:297.

50 .القاموس:1388. المصباح المنير1:6.

66 .المصدر السابق:372،ح31.

65 .المصدر السابق:365،ح4.

67 .المصدر السابق:371،ح20.

6 .الوسائل6:364،ب1من الأنفال،ح1.

69 .صفاء الماء: نقيض كدر.في المنجد:492:«الصفو.. و الصُفوة من كلّ شيء: خالصه و خياره».

63 .الوسائل6:372،ب1 من الأنفال،ح32.

68 .قال في الحدائق12:476 ـ477:«ورابعها: صوافي ملوك ا لحرب و قطائعهم،مالم تكن مغصوبة من مسلم أو معاهد، و المراد بالقطائع: الأرض التي تختصّ به، و الصوافي: ما يصطفيه من الأموال،يعني يختصّ به؛ و مرجع الجميع إلي أنّ كلّ ما يختصّ به سلطان دار الحرب ممّا لا ينقل و لايحوّل أو ممّا ينقل فهو للإمام(ع) كماكان للنبيّ(ص)،ويدّل عليه(وذكر الأخبار الخمسة)».

60 .مدارك الأحكام 5:416،ط ـموءسسة آل البيت(ع).

62 .السرائر1:497،ط ـ جماعة المدرّسين.

65 .المصدر السابق:365،ح4.

64 .المصدر السابق:367،ح8.

61 .انظر: الجواهر16:122.

78 .شرائع الإسلام1:183.

74 .الوسائل6:369،ب1 من الأنفال،ح15،ولا بعد فياعتبار السند؛لأنّه ليس فيه إلاّ أحمد بن هلال، و قد قال فيه النجاشي: أنّه صالح الرواية . وقد نقل عن الخلاصة أن ابن الغضائري لم يتوقّف فيما كان من رواياته يرويه عن الحسن بن محبوب من كتاب المشيخة و محمّد بن أبي عمير من نوادره،قال:«و قد سمع هذين الكتابين جلّ أصحاب الحديث و اعتمدوه فيهما».وهنا روي الحديث عن ابن أبي عمير. نعم،عبّر عنه في الجواهر:بالخبر.

70 .عن منتهي الأرب: الفاره: النشط، يقال للبرذون و البغل و الحمار فاره، ولايقال للفرس،ولكن رائع وجواد. فارهة: الجارية الحسناء الفتية.

73 .الوسائل6:356،ب1 من قسمة الخمس،ح3،و هو صحيح السند كما عبّر به الجواهر و المصباح.

72 .منتهي المطلب1:553،ط ـحجري.

75 .المصدر السابق:365،ب1من الأنفال،ح4.

76 .المقنعة:371.

71 .في نهاية الشيخ:199ـ200،[باب الأنفال] ...: «وله أيضاً من الغنائم قبل أن تقسم الجارية الحسناء و الفرس الفاره و الثوب المرتفع و ما أشبه ذلك ممّا لانظير له من رقيق أومتاع».

77 .الوسائل6:383،ب4من الأنفال،ح14.

79 .مدارك الأحكام5:416.

7 .المصدرالسابق:365،ح4.

81 .في الجواهر«افراد»،وكيف كان فهو مضاف إليه لفظة:«بُعد».

88 .الوسائل6:340،ب2 ممّايجب فيه الخمس،ح8.

89 .المصدر السابق:376،ب3 من الأنفال،ح5.

86 .الوسائل6:369،ب1 من الأنفال،ح16.

87.المصدر السابق:365،ح3. هكذا في الجواهر و لكن في الكافي و في الوسائل ـباب الجهاد ـ «قسم بينهم أربعة أخماس...».

80 .جواهر الكلام16:125.

8 .المصدر السابق:367،ح8.

82 .الأنفال:1.

85 .انظر:جواهر الكلام16:126.

83 .جواهر الكلام16:125ـ126.

84 .الوسائل6:369،ب1من الأنفال،ح16.

90 .المصدر السابق:377،ح7.

99 .المصدر السابق:374،ب2من الأنفال،ح6.

9 .المصدر السابق:ح10.

96 .المصدر السابق:381،ح11.

95 المصدر السابق:378و381،ب 4 من الأنفال،ح1و10.

91 .المصدرالسابق:375و376و378،ح 2و3و5و9و10.

94.المصدر السابق:338،ب2 ممّا يجب فيه الخمس.

98 .المصدر السابق:365،ح4.

97 .المصدر السابق:364و367و368و370،ب 1 من الأنفال،ح1و10و12و19.

93 .المصدر السابق:374،ب2 من الأنفال،ح4 و5و6.

92 .المصدر السابق:379،ب4من الأنفال،ح2.