مِيثاقَكُمْ لا تَسْفِكُونَ دماءَكُمْ ولا تُـخْرِجُونَ أنفُسَكُم مِنْ دِيارِكُم ثُمَّ أقْرَرْتُمْ وأنتُمْ تَشْهَدُون ـ إلى أن قال ـ أَفَتُوَْمِنُونَ بِبَعضِ الكِتابِ وَتَكْفُروُنَ بِبَعض ) (البقرة: 84 ـ 85) فكانوا كفّاراً لتركهم ما أمر الله تعالى به.
3 ـ كفر البراءة:
والمقصود منه هو ما حكاه تعالى عن قول إبراهيم: (كَفَرنا بِكُمْ وَبَدا بَيْنَنا وَبَيْنَكُمُ العَدَاوَةُ والبَغْضَاءُ أبداً حتّى تُوَمِنُوا بِاللهِ وَحْدَه ) (الممتحنة ـ 4) فقوله: (كَفَرنا بِكُمْ ) أي تبرّأنا منكم. وقال سبحانه في قصة إبليس وتبرّيه من أوليائه من الاِنس إلى يوم القيامة: (إنّى كَفَرتُ بما أشْرَكْتُمُون مِنْ قَبْل) (إبراهيم ـ 22) أي تبرّأت منكم.
وقوله تعالى: (إنّما اتّـخَذْتُم من دُونِ اللهِ أوْثاناً مَودّةَ بَيْنِكُمْ في الحياةِ الدُّنْيا ثُمَّ يَوْمَ القِيامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُم بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُم بَعضاً ) (العنكبوت ـ 25).
4 ـ كفر النعم:
وهو ما حكاه سبحانه عن قول سليمان: (هذا مِن فَضْلِ رَبّي لِيَبْلُوَي أأشكُرُ أَمْ أكْفُر ) (النمل ـ 40).
وقال تعالى: (لَئِن شَكَرْتُمْ لاََزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إنّ عَذَابِى لَشَدِيد ) (إبراهيم ـ 7) وقال تعالى: (فاذكرونى أذكركم واشكرو لى ولا تكفرون ) (البقرة ـ 152).
5 ـ مطلق الكفر:
وهو ما جاءت فيه كلمة الكفر من غير تقييد بشيء من القيود المتقدّمة(1)
1. المجلسي: نقلاً عن تفسير النعمانى: البحار: 72/100، وقد جاء في كلام الاِمام. مطلق الكفر، بلا شرح والعبارة الواردة بعد العنوان منّا.
الجهة السادسة:
في تكفير أهل القبلة
إذا تعرفت على ما يخرج الاِنسان من الاِيمان ويدخله في الكفر يعلم أنّه لا يصح تكفير فرقة من الفرق الاِسلامية ما دامت تعترف بالشهادتين ولا تنكر ما يعد من ضروريات الدين التي يعرفها كل من له أدنى إلمام بالشريعة وإن لم تكن له مخالطة كثيرة مع المسلمين. وعلى ذلك فالبلاء الذي حاق بالمسلمين في القرون الماضية وامتد إلى عصرنا الحاضر بلاء مبدّد لشمل المسلمين أوّلاً، ومحرّم في نفس الكتاب والسنّة وإجماع المسلمين ثانياً، ومن الاَسف أنّ التعصّبات المذهبيّة الكلامية صارت أساساً لتكفير المعتزلة أصحاب الحديث والاَشاعرة وبالعكس، وربما عمّ البلاء شيعة أئمة أهل البيت فترى أنّ بعض المتعصبين أخذوا يكفّرون الشيعة بأُمور لو ثبتت لا تكون سبباً للتكفير، فضلاً عن كون أكثرها تهماً باطلة كالقول بتحريف القرآن ونظيره وأنّ الثابت منها، مدعم بالكتاب والسنّة كما سيوافيك في آخر هذا الفصل، ولاَجل أن يقف القارىَ على مدى البلاء في العصور السابقة نذكر كلمة الاِيجي، قال:
قال جمهور المتكلّمين والفقهاء على أنّه لا يكفر أحد من أهل القبلة، والمعتزلة الذين قبل أبي الحسين، تحامقوا فكفّروا الاَصحاب ـ يريد الاَشاعرة ـ فعارضه بعضنا بالمثل، وقال الاَُستاذ وكل مخالف يكفّرنا فنحن نكفّره وإلاّ فلا(1) .
1. الاِيجي: المواقف: 392.