إلهیات علی هدی الکتاب و السّنة و العقل

حسن محمد مکی العاملی

جلد 2 -صفحه : 400/ 297
نمايش فراداده

مُسَيّر لا مُخَيّر، مع أنهم يعاملونالإِنسان في حياتهم معاملة الموجودالمختار؟

الحق أنَّ هنا دوافع مختلفة بعضهاإجتماعية و بعضها الآخر سياسية.

أما الأولى: فلأنَّ هؤلاء يريدون تجاهلالقوانين و تجاوز الحدود و الحصول علىالحرية المطلقة في العمل، و الإنحلال عنكل قيد و رفض كل قاعدة إجتماعية و أخلاقية.و من الطبيعي أنَّ هذا لا يجتمع مع تحملالمسؤولية المترتبة على الحرية والإِختيار، فلا بدّ من اللجوء إلى أصلفلسفي يرفع عن كاهل الإنسان تلك المسؤوليةو ليس هو إلاَّ القول بالجبر و كون الإنسانمسيّراً.

و أما الثانية: فأكثر أصحاب هذه الفِكرةهم السلطات الغاشمة الفارضة نفسها وسلطانها على الناس بالقهر، فهم يروجون تلكالفِكرة حتى يبرروا بها أفعالهمالإِجرامية.

و لأجل ذلك يصوّر شاعر مبدع العامل الأولقائلا:


  • سألتَ المُخَنَّثَ عَنْ فِعْلِهِ فَقَال ابتلاني بداء عُضَال ولُمْت الزُّناةَ على فِعْلِهِمْ وَ قُلْتُ لآكِلِ مَالِ اليَتِيمِ فَقَال وَلَجْلَج فِي قَوْلِهِ وَكُلُ يُحيلُ عَلى رَبِّهِ وَ مَافِيهمُو أحدٌ صَادِقُ

  • عَلاََمَ تَخَنَّثْتَ يَا مَاذِقُ وأَسْلَمَني القَدَرُ السَّابقُ فقالوا بِهذا قَضَى الخَالِقُ أَكلتَ و أنت امْرُؤٌ فَاسِقُ أَكلتُوَ أَطعَمَنِي الْخَالِقُ وَ مَافِيهمُو أحدٌ صَادِقُ وَ مَافِيهمُو أحدٌ صَادِقُ

هذا فِكْرُ جَبْريِّ العصورِ السابقة، وأمَّا الجبرىّ المادىّ المعاصر، فقد أخذهذا المنطق و نسبه إلى العوامل الماديةليصل إلى ما وصل إليه الجبري السابق منالإنحلال من القيود.