مُسَيّر لا مُخَيّر، مع أنهم يعاملونالإِنسان في حياتهم معاملة الموجودالمختار؟
الحق أنَّ هنا دوافع مختلفة بعضهاإجتماعية و بعضها الآخر سياسية.
أما الأولى: فلأنَّ هؤلاء يريدون تجاهلالقوانين و تجاوز الحدود و الحصول علىالحرية المطلقة في العمل، و الإنحلال عنكل قيد و رفض كل قاعدة إجتماعية و أخلاقية.و من الطبيعي أنَّ هذا لا يجتمع مع تحملالمسؤولية المترتبة على الحرية والإِختيار، فلا بدّ من اللجوء إلى أصلفلسفي يرفع عن كاهل الإنسان تلك المسؤوليةو ليس هو إلاَّ القول بالجبر و كون الإنسانمسيّراً.
و أما الثانية: فأكثر أصحاب هذه الفِكرةهم السلطات الغاشمة الفارضة نفسها وسلطانها على الناس بالقهر، فهم يروجون تلكالفِكرة حتى يبرروا بها أفعالهمالإِجرامية.
و لأجل ذلك يصوّر شاعر مبدع العامل الأولقائلا:
هذا فِكْرُ جَبْريِّ العصورِ السابقة، وأمَّا الجبرىّ المادىّ المعاصر، فقد أخذهذا المنطق و نسبه إلى العوامل الماديةليصل إلى ما وصل إليه الجبري السابق منالإنحلال من القيود.