ينم اتساع الحياة الاجتماعيةللانسان واضمحلال الحياة الفردية في الغابات والبوادي، عن ميله الطبيعي للحياةالاجتماعية كي يتسنى له عن طريق التعاون مع ابناء جنسه، التغلب على ما يكتنفها من مصاعب، هذا من ناحية، ومن ناحية اخرى فان الانسان موجود اناني ويمثل حب الذات امرا غريزيا فيه وهو يطمع في الاستحواذ على كل شيء، واذا ما خضع يوما للقوانين الاجتماعية الصارمة فانما يفعل ذلك اضطرارا، ولولا الاضطرار لما تخلى عن طبيعته الانانية، وخير دليل على ذلك هو عدم تورعه عن سحق حقوق الاخرين كلما سنحت له الفرصة. من هنا فقد اتفقت اراء العلماء على ان اقامة المجتمع الانساني السليم تستلزم تشريع منهج كامل، لكي تتضح في ضوئه حقوق وواجبات الافراد في الحياة الاجتماعية وذلك المنهج هو عبارة عن القوانين التي تمثل البنية التحتية للمجتمع الانساني. فلنر من الذي يضطلع بمهمة وضع هذا المنهج؟
حري بنا القول على نحو الاجمال ان المشرع انما يريد من خلال سنه للتعاليم الفردية والاجتماعيةتوجيه المجتمع نحو الكمال وتوفير السعادةالماديةوالمعنوية لافراده عن طريق تحديد واجباتهم وتأمين حقوقهم.
ومن هنا يجب أن يتوفر في المشرع الشرطان التاليان:
1- ان يكون على معرفةبالطبيعةالانسانية: فاذا كان الهدف من التقنين هو تأمين حاجات الانسان الجسدية والروحية،فلا بد والحالةهذه من ان يكون المقنن عارفا على نحو الدقةبكل خفايا الانسان ببعديه الجسدي والروحي، وبعبارةأخرى على المشرع أن يكون على معرفةدقيقةبالطبائع الفردية والجماعية.
2- النزاهةمن النوازع النفعية:يستلزم التحلي بالرؤيةالواقعيةوصيانةمصالح المجتمع أن يكون المشرع مجردا من كل انواع الانانيةوالنفعيةعند وضعه للقانون؛ اذ ان غريزةحب الذات تخلق حاجزا كثيفا امام البصيرة،والانسان مهما كان عادلا ومنصفا وواقعيا في رؤيته فلابد من ان يقع تحت تأثير نوازع الانانيةوحب الذات.
علينا أن نبحث أين يجتمع هذان الشرطان على الوجه الاكمل؟ لاريب في أن المشرع لو اريد له ان يكون عالما بخفايا الانسان على افضل وجه، فليس ثمةمن يتصف بهذه الميزة سوى الله سبحانه؛ وليس هنالك من يملك معرفةبمخلوقاته اكثر من خالقها؛ وقد أشار القرآن الى هذا المعنى بقوله «ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير»(1).
فالخالق الذي ابدع المخلوق من خلايا لا حصر لها وركب اجزاء بدنه على اختلافها، من المسلم أنه أعلم من الاخرين بما خفي وظهر من حاجات مخلوقه وبمصالحه ومفاسده؛ فهو تعالى بعلمه محيط بعلاقات الافراد ونتائجها والواجبات التي تمثل مصدرا لانسجام المجتمع، والحقوق التي يستحقها كل أنسان.
ولا يتوفر الشرط الثاني - الذي هو عبارةعن التجرد عن النفعية أثناءوضع القانون - ألا في الذات الالهيةالمقدسة، وذلك لاستغنائه تعالى عن أيةمنفعة لدى المجتمع البشري ونزاهته عن كل انواع الغرائز لاسيما غريزة حب الذات، في حين أن بني الانسان بأسرهم تستحوذ عليهم - الى حد ما - نزعة الانانية، وهي الافة التي تهدد سلامةالتقنين، ومهما حاولوا الانعتاق من مخالب هذه الشهوة نجدهم يقعون فيها من جديد.
نقدم بعد هذا التمهيد شرحا للموضوعات التالية:
ليس هنالك - في نظر القرآن - من مقنن او مشرع سوى الله سبحانه، سواءكانت الجهة المقننة فردا أو جماعة، أما الاخرون - كالفقهاء والعلماء - فانهم بمثابة خبراء بالقانون ويضطلعون بمهمةبيان الاحكام الالهية من خلال الرجوع الى مصادر التشريع.
يتضح من خلال استقراءالايات القرآنية أن التقنين أو التشريع مختص بالله سبحانه وحده، ولا توجد في النظام التوحيدي حجة أو نفاذ لرأي شخص بحق شخص آخر، ولا حق لاحد في فرض آرائه على الفرد أو المجتمع، أو استخدام القوة لاجبار الناس على تنفيذها.
إن افراد المجتمع الانساني كما صرح بذلك الرسول (ص): «سواسية كأسنان المشط»(2) لا فضل لاحد منهم على الاخر من هنا لا يوجد أي مسوغ يجيز لفرد أو فئة اصدار حكم يصب في صالح فرد أو جماعةأو يسبب الضرر لفرد أو جماعةأخرى، ثم يدعو الناس لاتباعه.
وأسمى مظاهر المساواة في ظل النظام التوحيدي هو ما صرح به الرسول الاكرم (ص) بقوله: «الناس امام الحق سواء»، وان القانون يطبق على المجتمع دون أي اعتبار للامتيازات. وقد قارع الاسلام بكل ضراوةالنظام الطبقي الجائر الذي كان سائدا في العهد الساساني؛ حيث كانت فئة من الناس ترى نفسها فوق القانون، بينما كانت هناك فئةاخرى تخضع لحكم القانون.
هناك آيات قرآنيةكثيرة نذكر هنا بعضا منها؛ قال تعالى:
«ما تعبدون من دونه الا اسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان ان الحكم الا لله أمر ألا تعبدوا الا اياه ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون)(3).
وقد وردت عبارة«ان الحكم الا لله» مرتين في هذه السورة(سورة يوسف) أحداهما في هذه الاية، والاخرى في الاية67 من السورةحيث قال تعالى:
«وقال يا بني لا تدخلوا من باب واحد وادخلوا من ابواب متفرقة وما أغني عنكم من الله من شيء ان الحكم الا لله عليه توكلت وعليه فليتوكل المتوكلون).(4)
لعل المراد من الحكم هنا هو الحكم التكويني؛ بمعنى ان الكون كله بيده ويخضع لتدبيره، وهذا هو المراد من الحكم في الايةالثانية، وسائر عبارات الاية تؤيد هذا المعنى، أذ إن يعقوب حينما كان يرشد ابناءه الى سبيل الوصول الى هدفهم ويوضح لهم طريق النصر ويأمرهم بالدخول من ابواب متفرقة، سرعان ما يقول لهم: «وما اغني عنكم من الله من شيء ان الحكم الا لله عليه توكلت وعليه فليتوكل المتوكلون».
ويفيد منحى الايةالهدف منها وهو بيان الحكم التكويني للباري تعالى؛ فقد اشارت الى ذلك في موضع آخر بالقول «له ملك السموات والارض»(5)، ومراد يعقوب هو ان جميع الافعال في الكون وكل الانتصارات والهزائم أنما هي بيده وتعالى، في حين ان المراد منها في الايةالاولى هو الحكم التشريعي، إي أن الله سبحانه هو صاحب الحق في الامر والنهي والتحليل والتحريم، وسرعان ما يقول: «أمر ألا تعبدوا الا إياه» وكان قد سأله بعد عبارة «ان الحكم الا لله»، اذا كان منصب الحكم والتشريع مختصا بالله دون سواه فما هو حكم الله في العبودية؟ فأجابه على الفور: «امر ألا تعبدوا الا اياه».
بناء على ذلك، فان المراد من عبارة«ان الحكم الا لله» هو الحكومةالتي تقوم على اساس السلطة التشريعية، ومثل هذا المنصب انما يختص بالله سبحانه ولا حق لغيره في التدخل فيه، والسلطةالتشريعيةوالتقنين شأن خاص بالله ولا حق لاحد باصدار حكم او تشريع فريضة دون إذن منه تعالى
ثمةتساؤل يثار هنا وهو: اذا لم يكن ثمةمشرع غير الله، ولا وجود لقوانين سوى قوانين الوحي المدونة في الكتاب والسنة، فكيف والحالةهذه يتسنى ادارةمجتمع متغير بقوانين ثابتة؟ وبعبارةأخرى: إن المجتمع المتغير والمتطور يحتاج الى قوانين متغيرةومتطورةفي حين ان القوانين الالهيةثابتةلا تغير فيها.
لقد ثبت خلال البحوث المتعلقةبالنبوة الخاتمةوجود نوعين من القوانين في الاسلام هما:
1- القوانين الثابتة او ما يصطلح عليها بالدائميةالتي لا سبيل الى تغييرها.
2- الاحكام والتشريعات المتغيرةالتي تتغير بتغير الظروف والمستجدات.
بعد ان بينت الايات القرآنيةمسألةالتوحيد التشريعي بجلاء، علينا البحث بشأن دور السلطةالتشريعيةفيما يخص هذا الجانب من الاحكام.
وفي هذه المجموعةمن الاحكام التي تتبدل شكلا ومضمونا مع مرور الزمن وتبعا لتغير الاوضاع، هنالك مجموعةمن القواعد الثابتة التي لا يمكن تخطيها، والتغير الذي يطرأ انما هو في مظهر الحكم وهيكله الخارجي لا جوهره؛ فعلى سبيل المثال ربما تتخذ علاقةالحكومةالاسلامية بالدول الاجنبيةانماطا متفاوتة؛ فقد تقتضي الظروف ان تتعامل معها الحكومةالاسلامية من باب الصداقةوتقيم روابطها على هذا الاساس وتقوم بتطوير علاقاتها السياسيةوالثقافيةوالاقتصادية معها، وقد تستدعي الظروف قطع تلك الروابط أو تقليص علاقاتها الاقتصاديةوالثقافيةمعها الى أمد على اقل تقدير، وهذا التغيير يقع في شكل الحكم وطريقةتنفيذه وليس في جوهره؛ فالجوهر غير قابل للتغيير بالمرة. فعلى الحاكم الاسلامي المحافظةعلى مصالح الاسلام وصيانةعزةالمسلمين وان لا يسمح بخضوع البلد الاسلامي لسيطرة الكفار والمستعمرين؛ وهذا تعبير عن الحكم الوارد في الاية« ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا»(6). أن الشيء المهم هو الحفاظ على كيان الاسلام؛ وقد تستدعي المحافظةعلى الاسلام قطع العلاقات تارةأو توطيدها تارة اخرى.
وكذا الامر فيما يتعلق بمبدأ تقويةالجانب الدفاعي في الاسلام؛ فهناك مبدأ عام يوضحه القرآن الكريم بقوله: «واعدوا لهم ما استطتعتم من قوة» (سورةالانفال، الاية 60» فهذا المبدأ الذي يؤكد ضرورةتفوق الجيش الاسلامي على سائر الجيوش، لا يقبل التغيير على الاطلاق، والجانب الخاضع للتغيير منه هو شكله واسلوب تطبيقه في مختلف الاعصار؛ ففي العهود المنصرمة كانت قوة الجيش الاسلامي تتأتى عن طريق توفير السهام والسيوف والرماح، اما في الوقت الحاضر فهو يطبق بطريقةاخرى، ولابد من تجهيز الجيش الاسلامي بأحدث الاسلحةوبشتى انواعها البريةوالجوية والبحرية.
والخلاصةهي ان التشريع الالهي لا تطاله يد البشر ابدا؛ والاحكام التي بينت الشريعةروحها وجوهرها لا يحق للحاكم الاسلامي سوى التصرف بشكلها ومظهرها.
الاجتهاد يعني السعي العلمي للوصول الى الحكم من خلال اتباعه المنهج الصحيح استنادا الى الكتاب والروايات والاجماع والاجتهاد والتفقهالذي وصف بانه القوة المحركة للاسلام يعد احد عوامل عدم جمود الاسلام: اذ يتيسر عن طريقه استنباط أيةمسألة من القرآن والروايات، وبذلك يمكن الاستغناء عن قوانين الاخرين.
يعلم المطلعون على تاريخ الفقه بأن الاجتهاد كان موجودا على عهد رسول الله (ص) وسائر الائمة(ع) ناهيك عن العهود التي تلت ذلك، ولابد من الانتباه الى وجود فارق بين الاجتهاد في ذلك الزمان وبين الاجتهاد في زماننا هذا، فقد كان الاجتهاد آنذاك بسيطا ويسيرا لتوفر القرائن المساعدةعلى فهم الاحاديث بالاضافة الى امكانيةالاستفسار من النبي (ص) أو الامام (ع) لكشف ما يكتنفها من الغموض والابهام في حالة وجود تعقيد او لبس في فهم الاية أو الرواية، ولكن كلما ابتعدنا عن ذلك الزمان اتخذ الاجتهاد طابعا فنيا نتيجةالاختلاف في الاراء والروايات والطعون الواردةبحق بعض الرواة، وازدياد حاجةالامه للاجتهاد واتساع مدياته.
قال الامام الباقر (ع) لابان بن تغلب، وكان من جملة المتفقهين من اصحابه: «اجلس في مجلس المدينةوأفت الناس، فاني احب ان يرى في شيعتي مثلك»(7)
الفقيه هو الذي يستنبط الاحكام الشرعيةمن مصادرها الاربعةويضعها بين ايدي الناس، وهو ليس المشرع أو المقنن في النظام الاسلامي، فهو لا يضع حكما ولا يبطل حكما، ولكن بما ان استنباط الاحكام الشرعيةمن مصادرها يحتاج الى التخصص والاهليةالعلمية، فالمجتهد - وبعد حصوله على مجموعةمن الكفاءات - يصبح قادرا على استنباط الاحكام الشرعية من الكتاب والسنةوالعقل والاجماع، فيكفي الاخرين الكثير من العناء.
فاذا تلخص الاجتهاد في معرفةالتشريع واستنباط الاحكام من مظانها، فهو في هذه الحالة يعد وسيلة لتشخيص القانون، وعن طريقه يمكن تشخيص الحق من الباطل ومعرفة ما هو شرعي وما هو غير شرعي.
ويرى فقهاء الشيعةكفاية الادلة الاربعةلا سيما سنة رسول الله (ص) التي وصلتنا عن طريق أئمةاهل البيت (ع) لاستنباط الاحكام الشرعية والافتاء بشأن الوقائع المستجدةفي المجتمع. وقد أثبتوا صحة هذه الرؤيةعلى مدى القرون الاربعةعشر من تاريخ الاسلام.
ويكفينا أن نعرف في هذا الصدد أن أحد كتب الحديث وهو كتاب «وسائل الشيعة» يحتوي على ما يناهز ثمانيهوثلاثين الف روايةفقهية. واذا اضفنا اليه كتاب مستدرك الوسائل ستتجلى امامنا سعة مصادر الفقه الشيعي الاسلامي، خاصةاذا عرفنا أنها تضم مجموعةمن الاصول الكليةوالقواعد الشاملةالتي بوسعها ان تلبي الكثير من المتطلبات.
يقول الكاتب السوري المعاصر مصطفى احمد الزرقا مؤلف كتاب « المدخل الفقهي العام»:
«ولا يخفى ان نصوص الكتاب والسنة محدودةمتناهيةوالحوادث الواقعة والمتوقعة غير متناهية، فلا سبيل الى اعطاءالحوادث والمعاملات الجديدة منازلها واحكامها في فقه الشريعةالا على طريق الاجتهاد بالرأي»(8).
إن المعرفة تصدق فيما كان يوجد واقع معين خارج نطاق المعرفةفي الكتاب والسنة أو في مراتب العلم الالهي كاللوح المحفوظ، ولكن اذا لم يكن له وجود سوى في حدود الفكر، ففي مثل هذه الحالة يتحول الاجتهاد من وسيلة للمعرفةالى مصدر لها، ويتحول الفقيه من عالم بالتشريع الى مقنن ومشرع، في حين ان الاجتهاد وكذا مسألة التصويب والتخطئة لها في الفقه الشيعي منحى اخر.
ففي هذا المذهب بينت المصادر الدينية حكم ما كان وما يكون، فأصبحت الشريعةبأكملها في متناول ايدي الفقهاء المجتهدين، وما عليهم الا المبادرة لاستنباط الاحكام من خلال السعي الحثيث، وقد يصيبون في هذا السبيل او يخطئون، لكنهم بريئو الذمة اذا ما وقعوا في الخطأ، ولم يوكل أمر التقنين لاحد حتى في اطار مجموعة قواعد الاستنباط كالقياس والاستحسان.
تتركز مهمةمجلس الشورى الاسلامي على التخطيط في ضوء الاحكام الاسلامية، فلا غنى لاي بلد، مهما بلغت درجةتقدمه الحضاري، عن وضع الخطط لابنائه لمواجهةمختلف المتطلبات المستجدة يوما بعد يوم. واذا ما دخلت قرارات مجلس الشورى الاسلامي حيز التنفيذ تكون بمثابةالتعاليم الالهية التي تخرج من طابعها الكلي الى الجزئي.
ونظرا لاحتمال تجاوز النواب للاحكام الاسلاميةالعامة اثناء عمليةوضع الخطط وتعارض قراراتهم مع هذه الاحكام، فلابد من وجود مجموعةمن الفقهاء المعروفين الى جانب مجلس الشورى كي يدققوا فيما يقرره المجلس، ويدرسوا مدى تطابقه مع اصول الشرع المقدس.
يمثل الاجتهاد في الفقه عنصرا لبقاء الشريعةوديمومتها، لكنه يعتبر في الوقت ذاته مبعث اختلاف وازدواجية. وهنا يتبادر الى الاذهان هذا التساؤل وهو: كيف يتسنى تقويض الاختلاف في الفتاوى في ظل النظام الاسلامي، لاسيما وان باب الاجتهاد مفتوح على مصراعيه في الفقه الشيعي وربما يصطدم رأي المجتهد مع اراء كافةذوي الرأي، بل وحتى المشهورين من ائمةالفقه. ومثل هذا الاجتهاد الواسع الابواب يؤدي الى وقوع الاختلاف ويتسبب في خلق مشكلةعلى صعيد حياة الامة، وما تخطط له الحكومة والقائمون على القضاء؟!
وحديثنا هنا يختص بمرحلةسيادةالنظام الاسلامي وخمود نيران الفتن والمؤامرات وعدم وجود حالةطوارىء خارجةعن موضوع بحثنا؛ فمواطن الضرورة تختلف فيما بينها كما ونوعا وطريقة معالجتها تخضع للظروف السائدة فيها. من هنا فان الحديث يتركز هنا على نظام مستتب لا يعيش حالة استثنائية.
وقد تبرز مشكلة الاختلاف في الفتيا على ثلاثة مستويات هي:
1- حياة الناس وعلاقاتهم.
2- الجهاز القضائي
3- خطط الحكومة
ولكل واحدة من هذه الحالات اسلوب حل خاص بها:
1- لاشك في ان الفقه الشيعي يعتقد ان باب الاجتهاد المطلق مفتوح ويرى وجوب تقليد المجتهد الحي، وهذا ما جعله فقها متكاملا وقادرا على تلبية متطلبات كل عصر؛ فالبقاءعلى تقليد الميت يعوق ازدهار الفقه ويكبل مسيرته نحو التكامل.
والمشهور بين الفقهاءالشيعة انهم لا يوجبون تقليد الحي فحسب، بل يوجبون ايضا تقليد الاعلم في استنباط الاحكام الشرعيةمن مصادرها ويوجهون الناس الى تقليد الاعلم والافقه الذي غالبا ما يجري التعريف به عن طريق ذوي الاختصاص وتتجه الانظار نحوه، وبالتالي فان الاكثريةمن الامةلا تواجه مشكلة فيما يتعلق باختلاف الفتيا حيث تجتمع المرجعيةالعامةفي شخص واحد.
2- هذه المشكلة محلولة تلقائيا في الجهاز القضائي انطلاقا من المعايير التي وضعها الفقه الشيعي في هذا المجال، فمشكلة اختلافا الفتاوى في الجهاز القضائي ترتفع بتوفر شرط الاجتهاد في القاضي، فلا بد للقاضي - في الفقه الشيعي - ان يكون مجتهدا وفقيها مستنبطا وقادرا على استخراج حكمه في القضية استنادا للمصادر الاستدلاليةدون الرجوع الى قانون مدون.
ان وضع قانون مكتوب للقضاة يعد ضربا من تقليد المحاكم في الغرب وجاء نتيجةللغفلةعن شرط الاجتهاد المطلق في القاضي، وهذا بطبيعةالحال لا ينسجم مع الاسس الفقهية عند الشيعة، اذ ان القضيةالمراد التحقيق فيها اما ان تكون حقوقيةاو جزائية، وبعبارةاخرى إما أنها تتعلق بالدعاوى الماليةوالحقوقية أو أنها تتعلق بالحدود والتعزيرات.
ففي الحالةالاولى يتعين على القاضي البت بها وفقا لرأيه واجتهاده، فإذا ما تطابق مضمون القانون الوضعي مع رأيه فخير، والا فعليه البت بها وفقا لرأيه واجتهاده، ويحرم عليه الافتاءخلافا لتشخيصه.
اما بالنسبة الى الحالة الثانية فان الحدود والاحكام الجزائية في الاسلام قد جرى توضيحها ونادرا ما يطرأ عليها تغيير، وان وضع قانون موحد إنما هو من قبيل «لزوم ما لا يلزم»، واجتهاد القاضي يغنيه عن الرجوع لمثل هذا القانون.
اما التعزيرات فهي في نظر الفقه الاسلامي منوطه بتشخيص القاضي، او كما يصطلح عليها الفقهاء موكولة «على ما يراه الحاكم من المصلحة»، من هنا فلا داعي لوضع قانون مدون وتزويد القضاة به لغرض تجنب الاختلاف في وجهات النظر بشأن التعزيزات.
وهذا الجانب يعد من الابعاد المشرقةفي الفقه الاسلامي، حيث تناط طريقةومدى التعزيز بما يراه القاضي ولا تجري معاقبةالجناة - وان تشابهت جرائمهم - بعقوبات متشابهة، فربما يصلح مجرم من خلال توبيخه، وقد لا يصلح مجرم آخر اقترف جريمه مشابهة الا بجلده خمسين جلدة، والاصرار على وضع قانون موحد للتعزيزات يعمل جميع القضاة وفقا له يتعارض مع القاعدةالمتقدم ذكرها والتي تتفق آراء كبار فقهاء المسلمين بشأنها.
أن الاصرار على تدوين قانون موحد للمحاكم، سواء كان حقوقيا أم جزائيا، منشؤه تجاهل شرط الاجتهاد في القاضي، أو لحكم الضرورة التي تستدعي استخدام قضاةلا قدرة لديهم على الاستنباط، ونظرا لافتقار هؤلاء القضاةلعنصر الاجتهاد فلابد والحالةهذه من تدوين قانون ووضعه بين ايديهم.
3- إن اختلاف الفتاوى لا يثير أي مشكلةلا للحكومةولا لاعضاء مجلس الشورى الاسلامي سواء أكان على شكل مشروع أم على شكل لائحة، للاسباب التالية:
أ- إن الاحكام الشرعيةالعامة، بدءا من الطهارةوانتهاء بالديات، خارجة عن حدود خطط ولوائح مصادقة النواب؛ فمثل هذا الصنف من الاحكام مختص بفقهاء الاسلام ولا مجال لابداءالرأي فيه من قبل جهة اخرى؛ فعلى سبيل المثال لا مجال أبدا لاخضاع احكام البيع والربا والقصاص والديات للتصويت، لان الحكم الالهي ارفع من يصوت عليه عباد الله.
ب- يجب أن يكون كل ما يخطط له النواب على الاصعدة الثقافية والاقتصادية والسياسيةوكذا ما تقرره الحكومةمحصورا في اطار القوانين الالهية العامة،ويبقى تشخيص مطابقتها أو معارضتها للشرع المقدس على عاتق الفقهاء الذين توكل اليهم مهمةالاشراف على ما يصادق عليه المجلس. وهذه المهمة تلقي مسؤولية ثقيلة على عاتق فقهاء مجلس صيانة الدستور الذين لابد من ان يتوفر فيهم الاجتهاد المطلق والاطلاع والاتقان التام للاسس الفقهية، وهم الذين يبتون في مدى صحة الاحكام بعد إحرازهم لمطابقتها للموازين الشرعية،ولا يمكنهم في هذا المجال التعويل على رأي مجتهد اخر.
اتضح مما تقدم ان الاختلاف في الفتاوى لا يثير مشكلةالا في حالةالضرورة. وبطبيعةالحال يجب تدوين كل ما يصادق عليه المجلس، وصياغته على شكل «قانون مدون» أو بتعبير أدق «مقررات مدونة» وتلتزم به الدوائر التنفيذيةويعمل الجميع على ضوئه.
ربما يجري الحديث احيانا حول دولة واحدةكالجمهورية الاسلاميةفي ايران، وتارةعن جمهوريات اسلاميةمتحدةحين تزول الحدود المصطنعة بين البلدان الاسلامية وتتلاحم كل هذه الدول تحت رايةواحدة، والحديث عن الحالة الثانيةخارج عن اطار بحثنا؛ لانه من غير الصواب ابداء وجهةنظر قاطعةبهذا المجال ما لم تتوفر عوامل تحقق مثل هذه الوحدة؛ ولا يمكن الحديث بنحو قاطع الا حينما تتضح طبيعةومعا لم تلك الحكومةالمتحدة.
موضوع الحديث هذا يخص حالةالدولة الواحدة؛ فلا شك في أن المذاهب الفقهية- بصريح الدستور - محترمة والافراد احرار في اختيار المذهب الفقهي، هذا من ناحية، ومن ناحيةأخرى لابد من وجود بنية تحتية تقوم عليها النشاطات الاقتصاديةوالثقافية والسياسية للحكومةبحيث تجري نشاطاتها على ضوئها وتتخذ لها مسارا واحدا في تحركها،فمن المتعذر تنظيم معاملات البلاد دون الاستناد الى نظام فقهي منسجم، وهذا المذهب الفقهي هو الذي يحكمها. وبما ان الحكومةمنبثقة من صلب الامة فلا بد بطبيعةالحال من سيادة مذهب الاكثريةفيصبح مذهبا رسميا للدولة، ولكن بما ان الاختلاف في الفتاوى المتعلقة بالاحوال الشخصيةموجودفي جميع المذاهب الفقهية، وخضوع اتباع كل مذهب لاحكام مذهبهم في مسائل الزواج والطلاق والميراث وغيرها، واعتراف القانون بهذه المذاهب ايضا، فلابد من تحديد قضاة معروفين من هذه المذاهب للحكم وفقا لما تنص عليه مذاهبهم اذا ما احتاج اتباع هذه المذاهب لمراجعةالجهات القضائية. ولحسن الحظ فان القوانين الحقوقية والجزائيةفي الاسلام فيها من المشتركات من الكثرةما يحول دون بروز اية مشاكل نتيجة اختلاف الفتاوى بين المذاهب الفقهيةفي هذا المجال.
ليس ثمةدين او حكومةفي العالم كالاسلام يحرص على ضمان الحريات للاقليات ويحافظ على كرامتهم وحقوقهم القومية؛ فالاسلام هو الدين الوحيد الذي يوفر العدالةالاجتماعية بتمامها في البلد الاسلامي، وليس للمسلمين وحدهم بل لجميع القاطنين في دولته مع ما يوجد بينهم من اختلاف في الدين والعنصر واللغةواللون. وهذه إحدى المزايا الانسانية العظمى التي يعجز أي دين أو قانون غير الاسلام عن تحقيقها؛ فالاقليات الدينية تستطيع العيش في البلد الاسلامي بحريةوالتمتع بالحقوق الاجتماعيةوالامنية داخليا وخارجيا شأنهم شأن المسلمين، وذلك بعقدهم لعهد الذمة والحصول على الانتماء للبلد الاسلامي.
لعقد الذمة ثلاثة شروط، وبزوالها ينتفي هذا العقد، وهي:
أ- ان لا يقوم اهل الذمة. بما يتنافى مع مفاد العقد المبرم، كالتآمر على الاسلام ومصالح المسلمين وشن الحرب ضدهم ومساندة اعدائهم والمشركين.
ب- ان يلتزم اهل الذمةبأحكام الاسلام الجزائية التي تطبق بحقهم.
ج- دفع مبلغ سنوي تحت عنوان (الجزية) للدولةالاسلامية.
وتمثل هذه الشروط الثلاثةشروطا اساسية في عقد الذمة. اما اذا ادرجت شروط أخرى في العقد فيجب على اهل الذمة الالتزام بها. هذا العقد يوجب لاهل الذمة حقوقا على المسلمين، ويلزم الحكومةبحمايتهم من جميع اشكال التجاوز والاعتداء والاضطهاد، ويضمن لهم حرية اقامةشعائرهم الدينية وطقوسهم العبادية.
إن هذا التسامح من قبل المسلمين إزاء اهل الكتاب «اليهود والنصارى والمجوس» يسمية المسلمون«عقد الذمة أو المعاهدة» وهو يقوم على اساس نوع من «التعايش السلمي»، وبالرغم من بعض القيود التي يعاني منها اهل الذمة في ظل الحكومة الاسلامية الا أن الاسلام يضمن لهم الحريةوالاستقرار قدر الامكان، وهذه مسؤوليةالدولة الاسلامية في أن تحترم اموالهم وارواحهم واعراضهم، وان لا تسمح بان تتعرض حقوقهم للانتهاك بأي نحو كان.
ففي نظر الاسلام تحظى اعراض الاقليات الدينية، التي تخضع لذمةالاسلام وتعقد مع المسلمين عقد المعاهدة، بالاحترام كأعراض المسلمين. من هنا فإن عليا (ع) لما بلغه هجوم بعض العتاةبأمر من معاويةعلى احدى المدن في العراق وتجاوزهم على اموال الناس وارواحهم واعراضهم، غضب (ع) كثيرا وأبدى اسفه وقال:
«لقد بلغني أن الرجل منهم كان يدخل على المرأة المسلمة والاخرى المعاهدة، فينتزع حجلها وقـُلبها وقلائدها ورُعثها ما تمتنع منه الا بالاسترجاع والاسترحام»(9).
كانت اعراض المسلمين والمعاهدين موضع احترام عند امير المؤمنين(ع) بحيث إنه قال: «فلو أن امرءاً مسلما مات من بعد هذا اسفا ما كان به ملوما، بل كان به عندي جديرا»(10).
تمثل الجزيةنوعا من العون المادي الذي يقدمه اهل الذمة للدولة الاسلاميةفي مقابل المسؤولية التي تتحملها في توفير الامان لهم.
ولا يوجد مقدار معين للجزية، وهي تتردد وفقا لقدرات الذميين. سئل الامام الصادق (ع) عن مقدار الجزية فقال:
«ذلك الى الامام يأخذ من كل انسان ما شاء، على قدر ماله وما يطيق»(11).
يقول المؤرخ المسيحي الشهير جرجي زيدان في كتابه تاريخ التمدن الاسلامي:
وضع الرومان الجزية على الامم التي أخضعوها وكانت أكثر بكثير مما وضعه المسلمون بعدئذ؛ فإن الرومان لما فتحوا غاليا (فرنسا) وضعوا على أهلها جزية يختلف مقدارها ما بين 9 جنيهات و 15 جنيها في السنة، او نحو سبعة أضعاف جزية المسلمين(12).
يتضح من هذا الحكم ان ظروف الذميين قد أخذت بنظر الاعتبار في اخذ الجزية أيضا، وهذا ينم عن غايةالتسامح والوئام والعفو والصفح الذي يتصف به المسلمون.
يقول محمد بن مسلم: سألت الصادق (ع) عما يجب أن يدفعه أهل الذمة لحفظ دمائهم وأموالهم؟ فقال (ع):
«الخراج، وان اخذ من رؤوسهم الجزية فلا سبيل على أرضهم،وان أخذ من ارضهم فلا سبيل على رؤوسهم».
يتبين من هذه الرواية أن على أهل الذمةإما أن يدفعوا الجزية، وإما خراج الاراضي. ومن هنا فلا يجوز للدولةالاسلامية استيفاءمايزيد عن هاتين الضريبتين (الجزيةوالخراج) من الاقليات الدينية. وهذا ما يؤكده محمد بن مسلم حيث يقول:
سألت الباقر (ع) في أهل الذمة هل يؤخذ من أموالهم ومواشيهم شيء سوى الجزية؟ قال: لا.
بناء على ذلك فإن الجزية تعد شيئا ضئيلا في قبال المسؤوليات التي تتحملها الحكومة الاسلامية، إذ إن أهل الذمة بتسديدهم المبلغ السنوي مقابل ضمان امنهم بالكامل فإنهم لا تقع عليهم أيةمسؤولية من الناحية العسكريةوالدفاعية، ولا تشملهم الضرائب التي تتقاضاها الحكومةالاسلاميةمن المسلمين بناء على ما جاء في القانون الاسلامي.
ان الواجبات المفروضة على المسلمين إزاء الحكومة الاسلامية أكثر بكثير وأصعب مما هي عليه بالنسبة لاهل الذمة؛ لان المسلمين مكلفون بأداء الخمس والزكاة والخراج والصدقات الى الحكومة وعليهم اداء الخدمةالعسكرية عند الحاجة،في حين أن أهل الذمة بتسديدهم لمبلغ ضئيل ينتفعون بكل ما توفره الحكومة الاسلاميةويقفون على قدم المساواة مع المسلمين، والحكومةتتعامل مع الجميع على حد سواء من حيث توفير الامن واسباب الاستقرار والرفاهية العامة.
يوضح القرآن الكريم بصريح الكلام السياسة الاسلامية العامة فيما يتعلق بالمحافظة على حقوق سائر الاديان فيقول:
«لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يجب المقسطين»(13).
أي لو أن الاقليات الدينية ومن يقف في صف المعارضة للاسلام لم ينهضوا لقتالكم ولم يمارسوا الضغوط عليكم او يخرجوكم من دياركم، فليس لكم الا التعامل معهم بالقسط والاحسان. وهكذا يسمح الاسلام للاقليات الدينية ولمعارضيه أن يعيشوا داخل المجتمع الاسلامي ويتمتعوا بكامل الحقوق الانسانية، شريطةان لا يؤذوا المسلمين أو يناهضوهم.
يقول تعالى في آية اخرى:
«إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم أن تولوهم ومن يتولهم فأولئك هم الظالمون»(14).
نستفاد من هاتين الايتين معالم السياسة العامة للاسلام بشأن الاقليات الدينيةوالمناهضين للاسلام؛ فما دامت الاقلية لا تتعدى على حقوق الاكثريةولا تحوك المؤامرات ضد الاسلام والمسلمين فإنها تتمتع بكامل الحريةفي البلد الاسلامي وعلى المسلمين التعامل معها بالقسط والاحسان، أما اذا تواطأوا مع بلدان اخرى للعمل ضد المسلمين، حينها يتعين على المسلمين التصدي لممارساتهم وعدم النظر اليهم بعين المودة.
4- حث الاسلام المسلمين على احترام عقودهم فيما يتعلق بحماية اهل الذمة ومداراتهم وحسن التعامل معهم، وقد جاء في القرآن الكريم:
«ولا تجادلوا أهل الكتاب الا بالتي هي أحسن الا الذين ظلموا منهم وقولوا آمنا بالذي أنزل إليكم»(15).
وقد اوصى النبي الاكرم (ص) المسلمين بالرفق بأهل الكتاب ومداراتهم، فقد ورد حديث عنه (ص) يقول فيه:
«من ظلم معاهدا وكلفه فوق طاقته فأنا حجيجه يوم القيامة»(16).
ويقول في موضع آخر:
«من آذى ذميا فأنا خصمه، ومن كنت خصمه خصمته يوم القيامة»(17).
* هذه المقالةعبارةعن ملخص لبحث ورد في كتاب الحكومةفي الاسلام لجعفر سبحاني وهي من المقالات التي قدمت الى المؤتمر الرابع للفكر الاسلامي الذي عقدته منظمة الاعلام الاسلامي في طهران عام 1415هـ .
** استاذ في الحوزةالعلمية في قم.
1- سورةالملك، الاية 14.
2- الناس كأسنان المشط سواسية( من لا يحضره الفقيه، ج4، ص272).
3- سورةيوسف، الاية 40.
4- سورةيوسف، الاية67.
5- سورةالحديد، الاية 2.
6- سورة النساء، الاية 141.
7- مستدرك وسائل الشيعة، ج17، ص315(طبعة مؤسسة آل البيت).
8- احمد مصطفى الزرقا المدخل الفقهي العام، ج6، ص77
9- نهج البلاغة، الخطبة 27.
10- المصدر نفسه.
11- وسائل الشيعة، ج15، ص149 (طبعة مؤسسةآل البيت).
12- جرجى زيدان، مجموعةمؤلفاته الكاملة، ج11، ص285.
13- سورةالممتحنة، الاية8.
14- سورةالممتحنة،الاية 9.
15- سورةالعنكبوت، الاية 46.
16- فتوح البلدان، البلاذري، تحقيق عبدالله انيس الطباع، بيروت، مؤسسة المعارف،1407هـ ، ص167.
17- روح الدين الاسلامي، 274.