طفل بین الوراثة و التربیة

محمد تقی الفلسفی

جلد 1 -صفحه : 399/ 127
نمايش فراداده

ولكن الثابت أننا يجب أن ننظر إلى جميعالأفراد بعين القبلية ونحتمل أن تؤثر فيهمالأساليب التربوية الصالحة، فإن كانتهناك استعدادت كامنة للخير والكمال فانهاتظهر بفضل التربية الصالحة وتخرج من مرحلةالقوة إلى مرحلة الفعل [ كما يقولالمنطقيون ].

«ولما كنا لا نعلم طبيعة هذا الاستعدادبالدقة، فيجب علينا أن نفترض أنه مناسبوأن نتصرف تبعاً لذلك. فمن المحتم أن يتلقىكل فرد تعليماً يؤدي إلى نمو صفاتهالمحتملة إلى أن يتبين بصفة قاطعة أن هذهالصفات غير موجودة» (1).

التربية للجميع:

إن الاسلام الذي لم تفته صغيرة ولا كبيرةمن الوسائل المؤدية بالبشر إلى السعادةوالكمال، لم تفته هذه الناحية فركزتعاليمه الرصينة على أسس التربية الصالحة.إن الاسلام يدعو جميع الناس من أي طبقةكانوا إلى الإيمان والطهارة، ولذلك فهويرى كل فرد ـ مهما كانت خصائصه العائليةالوراثية واستعداداته الفطرية ـ قابلاًلتلقي الايمان والخلق والفاضل... وهو لايخيب أمل أي فرد، بل يحاول البحث في أعماقفطرته للوصول إلى القيم الحية التي يمكنأن تنمي وتستخرج من بين زوايا النفس وتجلىفتبعث على الحياة من جديد.

ومن النماذج الحية لاعتناء الاسلامبتربية الأفراد الذين يرثون الصفاتالرذيلة عن أبويهم سلوكه المفضل معالأطفال اللاشرعيين. إن مما لا شك فيه أنولد الزنا يحمل في فطرته صفات شريرة ـ كماسنثبت ذلك إن شاء الله ـ ولكن الاسلاميعتبره قابلاً للتربية بدليل أنه يدعوهلتلقي التعاليم الايمانية والخلقيةوالسلوك الخير المؤدي إلى السعادة.

ومن الواضح أنه لو كان منقذ البشرية ورسولالاسلام العظيم يرى في

(1) الانسان ذلك المجهول ص 198.