المحاكم القضائية، أو يغفل المجرم القاضيويمسخ القضية، أو يتهم شخصاً بريئاً فيمكانه ويحفظ نفسه عن العقاب... ولكن لا يمكنإغفال قاضي الوجدان ولا يستطيع المجرم بأيحيلة أن يبرئ نفسه في محكمة الوجدان علىخلاف الواقع.
إن الوجدان الأخلاقي يحاكم المجرم بأشدما لديه من قوة ودقة ويتغلب عليه، فهو فيالغرفة التي يختلي فيها، والفراش الذييأوي إليه، وفي المكان الذي لا يراقبه أحديتلوى كالسليم، ويجد عقابه على أعمالهالسيئة من هذا الطريق.
يكون الوجدان التوحيدي والوجدانالأخلاقي ـ من وجهة نظر الدين والعلم ـدعامتين أساسيتين للتربية الانسانيةالسليمة، فإن دعوات الأنبياء اعتمدت علىهذين الأساسين القويين بمعونة العقل.فالدين يستند إلى الفطرة في باطن الانسان.وإن (العرض) الديني الذي كان يصدر من قبلالأنبياء كان في مقابل (الطلب) الطبيعي عندالناس. ولهذا السبب فإن الدين استقاموأرسى قواعده على الرغم من جميع الموانعوالمشاكل التي لاقاها في طريقه.
تمر اليوم قرون طويلة على ظهور رسلالسماء، ولا تزال شعلة الإيمان متوهجة فيقلوب الناس، لأن المصدر الأصيل لهذهالشعلة المتوقدة هو: فطرة الانسان، فمادام على وجه الأرض إنسان، وما دامت هناكفطرة، فإن هذا المشعل الوهاج لا ينطفئ بلهو مستمر في إشعاعه.
وهنا يجب أن نبين أن الوجدان التوحيديوالأخلاقي... هذه الحقيقة التي نجدها فيكمين كل انسان، ليس ظاهرة متصنعة، ولميوجد على أثر الوراثة الاجتماعية طيلةقرون، وبفضل التعاليم الدينية والتربويةبل إنه أمر غريزي ونداء فطري منبعث من باطنالانسان، وجد مع وجود الانسان، وسيبقى إلىالأبد معه.
قد يمكن للبعض أن يكافحوا بعض ميولهمالفطرية في ظروف خاصة