ولهذا فإن منتزه (كرج) وغرفة الدار، وصورةالشاب الذي خدعها والعمل المنافي للشرفوالعفة، وبصورة موجزة فان القصة الحقيقيةللجريمة لا تأتي إلى خاطر الفتاة في الحلم.وعلى فرض أنها رأت حلماً كذلك فانها لاتخبر أحداً به، ولكنها ترى في الحلم أنهافي بستان كبير متعلقة بغصن شجرة، وتحتقدميها هوة سحيقة ومظلمة مليئة بالوحلوالطين، وهي مضطربة لأجل ذلك وتخاف من أنيفلت الغصن من يدها وتسقط في الهوة ولكنهاتقع في ما كانت تحذر منه ويفلت الغصن منيدها فجأة وتسقط في تلك الحفرة المظلمةوتتحطم وسط الأوحال!.
هذا الحلم هو مظهر الضمير الباطن،وانعكاس لتلك القصة الواقعية التي كانتتخشى الفتاة من إظهارها، مع فارق بسيط هوأن القصة نفسها لما كانت مخزية وقبيحة فإنلباسها يتغير، وتتبدل صورة الاتصالالجنسي بشاب أجنبي إلى شكل التعلق بغصنشجرة، ويبدو التردي الاجتماعي الناشىء منذلك الاتصال فى إطار السقوط في الوحل.
«هناك رابطة العلية والمعلولية بين ظلمةصور الأحلام وحالة الكبت النفسي. والنتيجةأنه إذا كان الحلم مظلماً فذلك لأن طائفةمن الأفكار الباطنة والمكبوتة قد منعالوجدان من ظهورها» (1).
هذا الحلم يبدو ـ في نظر الأفراد العاديينـ تافهاً لا قيمة له، ولكن الذي يستطيعتفسير الأحلام وتحليلها يرى في هذا الحلممفتاحاً لمخزن أسرار الفتاة، وبذلك يتمكنمن اكتشاف الضمير الباطن لها.
لقد أعطى فرويد أهمية كبيرة للحلموتفسيره من حيث الوصول إلى الضمير الباطن،وإن قسماً كبيراً من مدرسته في التحليلالنفسي أشغله هذا الفصل. وقد قوبل هذالموضوع بأهمية بالغة في أنظار طائفة منالغربيين
(1) تفسير الأحلام، تأليف فرويد ص 71.