فقالت: كلا والله ما أملك نفسي... وما زالتترتعد حتى ماتت بعد ساعة» (1).
هذه الجارية كانت قد أخلفت وعدها معالهادي، وبسبب مخالفتها لنداء الفطرةوالوجدان كانت تحس بالاضطراب والقلقدائماً. إن تعذيب الضمير لم يتركهالوحدها، بل كان يوجه الضربات القاسيةنحوها ليلاً ونهاراً، في اليقظة والحلم.إلى أن لقيت حتفها على أفظع شكل.
إن الانسان معرض في كل مرحلة ومنزلة إلىالخطر من ناحية ميوله وأهوائه. وإن الغفلةعن نداء الضمير، والانقياد التام للرغباتالنفسية يمكن أن يؤدي في اللحظة الحاسمةإلى قلب حياة الانسان رأساً على عقب ويبعثعلى الانهيار والسقوط الذي لايمكن أنيعالج بأية قوة.
وبهذا الصدد يقول الامام أمير المؤمنين(ع): «كما من شهوة ساعة، أورثت حزناًطويلاً» (2).
قد يحتدم النزاع في باطن الانسان بينالميول النفسانية والوجدان الأخلاقي، فانالشهوات والغرائز تهيج الانسان من جانب،وتحثه على تحقيق رغباته اللامشروعة. بينمايقف الوجدان ـ من الجانب الآخر ـ في أتمالقوة والفعالية مكافحاً ومعلناً معارضتهالصريحة لارتكاب الجريمة.
أما عباد الشهوة والأفراد الحقراء الذينلا يهتمون بارتكاب الجرائم، فانهم يصممونبسرعة، ويحققون رغباتهم اللامشروعةمهملين نداء الوجدان.
وأما المؤمنون والعقلاء فانهم يسعونللتخفيف من ضراوة الميول اللامشروعة. ومندون أي تردد يختارون الطريق الصحيح منزهينأذيالهم من التوث بالجريمة والفساد،ملبين نداء الوجدان.
(1) ثمرات الأوراق لابن الحموي ج 2|106. هامشالمستطرف المطبعة الميمنية القاهرة 1314 هـ. (2) الكافي 2|451.