طفل بین الوراثة و التربیة

محمد تقی الفلسفی

جلد 1 -صفحه : 399/ 54
نمايش فراداده

ولكن كثيراً من الناس ينتقلون من لفظة(الشقاء) إلى معنى فقدان الإيمان والمعصيةفقط. فالشقي عندهم هو المنغمس في الجرائموالمعاصي، في حين أن الجريمة إحدى مراتبالشقاء فقط. وهناك كثير من الأمور لا تعدذنوباً أو معاصي في عرف الشرع لكنها ـ معذلك ـ توجب الشقاء للإنسان. كما تصرح بذلكبعض الروايات، نكتفي بنقل واحدة منها:

قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم):«أربع من السعادة وأربع من الشقاوة.فالأربع التي من السعادة: المرأة الصالحة،والمسكن الواسع، والجار الصالح، والمركبالبهي. والأربع التي من الشقاوة: الجارالسوء والمرأة السوء، والمسكن الضيق،والمركب السوء» (1).

وبالرغم من أن المسكن الضيق والمركبالسوء ليسا من الأمور التي توجب للانسانمعصية أو جريمة. فاننا نجد الرسول الأعظم(صلى الله عليه وآله وسلم) يعدهما من أسبابشقاء الانسان. وإذا كان المركب السوءوالمسكن الضيق من شقاوة الرجل فيمكناعتبار العمى والجنون منها بطريق أولى،فإذا خلق الطفل أعمى في بطن أمه، أو ولدمجنوناً لجنون في أبيه أو حمق في امه...فيمكن القول بأنه كان شقياً في رحم أمه.

قانون الوراثة:

أدرك الانسان منذ أمد بعيد، أن الموجودالحي ينقل كثيراً من الصفات والخصائص إلىالأجيال التي تليه، فالجيل اللاحق يكتسبصفات الجيل السابق. فبذرة الزهرة تحفظ فينفسها خصائص الساق والورقة والزهرةوالألوان الطبيعية لها، وبعد الانباتتأخذ بإظهار تلك الخصائص واحدة تلوالأخرى.

إن بذرة المشمش تشتمل على جميع الصفاتالمائزة للشجرة التي وجدت منها، فعندماتزرع هذه البذرة، وتنبت، وتأخذ بالنموتظهر تلك الصفات تدريجياً. وهكذا فالقطةالصغيرة تشبه أبويها في هيكلها وشعرهاومخالبها.

(1) مكارم الأخلاق ص 65.