فی ظلال نهج البلاغة

شرح محمدجواد مغنیه ؛ وثق اصوله و حققه وعلق علیه سامی ‌الغریری

جلد 1 -صفحه : 454/ 195
نمايش فراداده

دلكم اللّه عليه و أمركم به من صالحالأعمال، و كريم الخصال (و ان أخوف ما أخافعليكم اثنتان: اتباع الهوى، و طول الأمل).أما اتباع الهوى فيصد عن الحق، و أما طولالأمل فينسي الآخرة كما قال الإمام عليهالسلام.

للمنبر- بين الدنيا و الآخرة:

(فتزودوا في الدنيا من الدنيا ما تحرزونبه أنفسكم غدا) يشير الإمام عليه السلامبهذا الى العلاقة القوية الوثيقة والترابط المتين بين السعادة في الآخرة والصلاح و الاصلاح في الحياة الدنيا، و بينالشقاء في الحياة الثانية و الفساد والإفساد في حياتنا هذه.. يقول عليه السلام:خذوا من هذه الحياة قبل أن يوافيكم الموت،و تزودوا من خيرها الى الآخرة قبل الرحيل،و كم فيها من خيرات.. فما من شي‏ء يسهّلالعيش على الانسان إلا هو خير عند اللّه، وما من عمل يحقق الأمن و الدعة للناس جميعاإلا هو فضيلة في كتاب اللّه، و ما من نهضةتحرر الانسان من الجهل و العبودية والاستغلال إلا هي حق في علم اللّه.. و كل مايسير بالحياة الى الأفضل في أية جهة تكونفهو دين و ايمان عند اللّه.

أرأيت الى هذا الترابط العضوي بين الدنياو الآخرة، و هذا التكامل بين الشجرة والثمرة. و اذن أين مكان الريب في اليومالآخر و ما هي عيوب الايمان به و بالوقوفبين يدي عادل قدير لنقاش الحساب على ما فعلالانسان و ترك أ بالثواب و النعيم على ماأحسن، أم بالعقاب و الجحيم على ما أساء..هذه هي الآخرة عند الاسلام.. لا تنفك و لاتنفصم عن عمل الدنيا بحال: مَنْ كانَ فِيهذِهِ أَعْمى‏ فَهُوَ فِي الْآخِرَةِأَعْمى‏ وَ أَضَلُّ سَبِيلًا- 72 الإسراء..أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُواالْجَنَّةَ وَ لَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُالَّذِينَ جاهَدُوا مِنْكُمْ وَ يَعْلَمَالصَّابِرِينَ- 142 آل عمران.. أبدا لا نظريةمجردة، و لا عقيدة مستقلة عن العمل فيالاسلام، كيف و هو القائل: وَ أَنْ لَيْسَلِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى‏ وَ أَنَّسَعْيَهُ سَوْفَ يُرى‏- 40 النجم. و من هناكان الاسلام دين العمل حقا و واقعا، العملمن أجل حياة أفضل في شتى الميادين.

و من هنا أيضا يبارك الاسلام الخصب والرخاء، و يحرص على الأمن و العدل، ويستنكر الفقر و التخلف، و يلعن الاستعبادو الاستغلال، و يثور على الظلم و العدوان..