ألا و إنّ الدّنيا قد تصرّمت و آذنت بوداعو تنكّر معروفها، و أدبرت حذّاء. فهي تحفزبالفناء سكّانها، و تحدو بالموت جيرانها.و قد أمرّ منها ما كان حلوا، و كدر منها ماكان صفوا. فلم يبق منها إلّا سملة كسملةالإداوة، أو جرعة كجرعة المقلة، لوتمزّزها الصّديان لم ينقع، فأزمعوا عباداللّه الرّحيل عن هذه الدّار، المقدور علىأهلها الزّوال، و لا يغلبنّكم فيها الأملو لا يطولنّ عليكم الأمد. فو اللّه لوحننتم حنين الوله العجال، و دعوتم بهديلالحمام، و جأرتم جوار متبتّل الرّهبان، وخرجتم إلى اللّه من الأموال و الأولادالتماس القربة إليه في ارتفاع درجة عندهأو غفران سيّئة أحصتها كتبه، و حفظها رسله-لكان قليلا فيما أرجو لكم من ثوابه