فی ظلال نهج البلاغة

شرح محمدجواد مغنیه ؛ وثق اصوله و حققه وعلق علیه سامی ‌الغریری

جلد 1 -صفحه : 454/ 287
نمايش فراداده

بقوله تعالى: مَتاعُ الدُّنْيا قَلِيلٌوَ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقى‏- 77النساء.

و قوله: اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَياةُالدُّنْيا لَعِبٌ وَ لَهْوٌ وَ زِينَةٌ وَتَفاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَ تَكاثُرٌ فِيالْأَمْوالِ وَ- 20 الحديد» (و قد أمرّ فيهاما كان حلوا، و كدر منها ما كان صفوا).

و المراد بالحلو الذي صار مرّا، و الصفوالذي صار كدرا- أيام الطفولة و الشباب، ولحظات النشوة و الفرح و في المنام كليلةعرس، أو ساعة أنس مع صديق قديم، أو محدثلبق حول الموقدة في ليلة عاصفة، أو نظرةالى انعكاس الأضواء على الماء، أو الىصورة ناطقة، أو جنة ضاحكة، أو متعة بقراءةكتاب يحدثك عن الأخطاء في تفكيرك أنت لا فيتفكير افلاطون و أرسطو.. الى كثير من هذهالطيبات العابرات.. و لكنها لا توقظإحساسنا بلذة الحياة حتى يصطدم بألف ألم وألم.

(فلم يبق منها إلا سملة كسملة الإداوة، أوجرعة كجرعة المقلة). و مثله في الخطبة 42 لميبق منها إلا صبابة كصبابة الإناء (لوتمززها الصديان لم ينقع).

لو ارتشف الظمآن البقية الباقية من الماءلم يرتو، و كذلك عمر الانسان و ان طال وانتهب فيه جميع الملذات فما هو بشي‏ء إلااذا كان وسيلة للنجاة في يوم تشخص فيهالأبصار، و تكشف فيه الأسرار (فأزمعواعباد اللّه الرحيل عن هذه الدار المقدورعلى أهلها الزوال). أي اعزموا من الآن علىالسفر الى الآخرة بزاد كاف واف (و لايغلبنكم فيها الأمل). فإنه يسهي العقل، وينسي الآخرة (و لا يطولن عليكم فيها الأمد).لأن كل آت قريب.. و من حكم الإمام: «نفسالمرء خطاه الى أجله، و كل معدود منقض». وهذه الحكم و أمثالها ذائعة شائعة، و لكنهالا تحرك النفس الى شي‏ء- في الغالب- سوىخلجة أو صورة تمرّ بالقلب أو الفكر، ثمينتهي كل شي‏ء.. أجل، و هي حجة ظاهرة لا تدعلمقصر من عذر.

للمنبر- في البذل و الشعور بالمطلق:

(فو اللّه لو حننتم- الى- عقابه). لو ان رجلايملك آفاق الأرض و السماء، و أصابه ألم لايصبر عليه يلازمه في ليله و نهاره، و لميجد لتسكينه أو تخفيفه حيلة، لو حدث هذالسخت نفسه بكل ما يملك من أجل شفائه وخلاصه‏