فی ظلال نهج البلاغة

شرح محمدجواد مغنیه ؛ وثق اصوله و حققه وعلق علیه سامی ‌الغریری

جلد 1 -صفحه : 454/ 288
نمايش فراداده

حتى و لو كان أشح خلق اللّه، و عاش فقيرامعدما عن طيب قلب.. و ان انسدت السبل فيوجهه انتحر و استراح بالموت من ألمه، كماحدث لكثيرين، و اذن فما بال من يؤمن بلقاءربه و عقابه لا يفتدي نفسه بكل عزيز، ويتقي هول جهنم و عذابها، و أدنى شي‏ء منهأشدّ و أقسى من آلام الدنيا مجتمعة ان أنعمالحياة الفانية لا تقاس باليسير اليسير منثواب اللّه، و لا آلامها تقاس بالقليلالخفيف من عذابه. ما بال هذا المؤمن يحرصعلى دنياه مع علمه و يقينه بأنه يترك ماجمع للوارث و الحوادث.

هذا، الى ان اللّه سبحانه كلف يسيرا، وأعطى على القليل كثيرا، و ما أمر ان يخرجالانسان من جميع ما ملك و جمع: ثم يتكففالناس و يصير عالة عليهم، كلا بل أمرهبالعمل لدنياه و آخرته، و أن لا يبغي فيالأرض فسادا، فلا يغدر و لا يمكر، و لايظلم و لا يحتال، و ان يتعاون مع أي انسانيحتاج الى عونه، و خير عند اللّه سبحانه منبذل الملايين ان تهي‏ء للمحتاجين أعمالاتناسب كفاءاتهم حتى يشعروا بقيمتهم و لايحسوا بأنهم عالة على أحد.

و قد تنازل أفراد عن جميع ما يملكون فيسبيل اللّه فنهاهم النبي و زجرهم.. جاءاليه رجل بمثل البيضة من ذهب، و قال له: يارسول اللّه خذها صدقة، فو اللّه لا أملكغيرها، فأعرض النبي صلّى الله عليه وآلهوسلّم عنه، ثم أتاه من بين يديه أعادالقول، فقال له النبي صلّى الله عليه وآلهوسلّم: هاتها مغضبا، فأخذها منه ثم حذفهبها، و قال يأتيني أحدكم بماله لا يملكغيره، و يجلس يتكفف الناس، انما الصدقة عنغنى، خذها لا حاجة لنا فيها.

(و تاللّه لو انماثت إلخ..) أي لو ان إنساناعاش في عمر الدنيا من بدايتها الىنهايتها، و انقطع الى اللّه وحده، و عبدهحتى ذاب قلبه ذوبان الملح في الماء، و سالتعيناه دماء لا دموعا، و ما أبقى لديه منجهد رغبة في ثواب اللّه، و رهبة من عقابه،لو وجد هذا العابد ما كانت عبادته بكمّها وكيفها تعدل شيئا من نعم اللّه و هدايتهللإيمان.

و نتساءل: من أي نوع هذا الاحساس بعظمةالخالق و افضاله و بأي شي‏ء يحد و ما هوأصله و مصدره أما أنا فالذي أتصوره انإحساس علي بعظمة اللّه لا حد له، و السرواضح- فيما أعتقد- و هو انه إحساس طبقالأصل‏