جعفر عن آبائه عن علي (عليهم السلام) قال:«في الرجل أفاض الى البيت فغلبته عيناهحتى أصبح، قال: لا بأس عليه، و يستغفر اللهو لا يعود».
أقول: و الكلام في هذه الأخبار يقع في جملةمن المواضع.
أن ما تضمنه صحيح معاوية بن عمار الأول وكذا صحيح صفوان و صحيح علي بن جعفر و صحيحجميل بن دراج من وجوب الدم على من بات بمكةأو غير منى فهو مقطوع به في كلام الأصحاب(رضوان الله تعالى عليهم) و أسنده فيالمنتهى إلى علمائنا مؤذنا بدعوى الإجماععليه الا أن ما دلت عليه صحيحة العيص بنالقاسم و مثلها صحيحة سعيد بن يسار من أنهليس عليه شيء لا يخلو من مدافعة.
و حملهما الشيخ على من بات بمكة مشغولابالدعاء و المناسك بها أو على من خرج منمنى بعد انتصاف الليل، و لا بأس به.
و يمكن أيضا حملهما على الجاهل و إن كانإطلاق كلامهم يقتضي عدم الفرق بين العامدو الجاهل، و في بعض الحواشي المنسوبة إلىشيخنا الشهيد أن الجاهل لا شيء عليه، وهو جيد، لما عرفته في تضاعيف الأبحاثالمتقدمة و الأحاديث المتكررة من معذوريةالجاهل.
و لا يبعد أيضا بل لعله الأقرب حملهما علىالتقية لأن مذهب أبي حنيفة أنه لو تركالمبيت لا شيء عليه، و للشافعي قول بأنهإذا ترك المبيت ليلة واحدة فعليه مد، و فيقول آخر درهم.
و يشير الى ذلك أيضا قوله (عليه السلام) فيصحيحة صفوان:
«سألني بعضهم عن رجل بات ليلة من لياليمنى بمكة، فقلت: لا ادري» فإنه من المعلومأن السائل من هؤلاء، و عدوله عن جوابه إنماهو لما ذكرناه.