موضع آخر وَ اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ و قوله «وَ ما تُقَدِّمُوالِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ» أي من طاعة وإحسان و عمل صالح «تَجِدُوهُ عِنْدَاللَّهِ» أي تجدوا ثوابه معدا لكم عندالله و قيل معناه تجدوه مكتوبا محفوظا عندالله ليجازيكم به و في هذه الآية دلالة علىأن ثواب الخيرات و الطاعات لا يضيع و لايبطل و لا يحبط لأنه إذا أحبط لا تجدونه وقوله «إِنَّ اللَّهَ بِما تَعْمَلُونَبَصِيرٌ» أي لا يخفى عليه شيء من أعمالكمسيجازيكم على الإحسان بما تستحقونه منالثواب و على الإساءة بما تستحقونه منالعقاب فاعملوا عمل من يستيقن أنه يجازيهعلى ذلك من لا يخفى عليه شيء من عمله و فيهذا دلالة على الوعد و الوعيد و الأمر والزجر و إن كان خبرا عن غير ذلك في اللفظ.
وَ قالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَإِلاَّ مَنْ كانَ هُوداً أَوْ نَصارىتِلْكَ أَمانِيُّهُمْ قُلْ هاتُوابُرْهانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ(111)
في هود ثلاثة أقوال (أحدها) أنه جمع هائدكعائذ و عوذ و عائط و عوط و هو جمع للمذكر والمؤنث على لفظ واحد و الهائد التائبالراجع إلى الحق (و ثانيها) أن يكون مصدرايصلح للواحد و الجمع كما يقال رجل فطر وقوم فطر و رجل صوم و قوم صوم (و ثالثها) أنيكون معناه إلا من كان يهودا فحذفت الياءالزائدة و البرهان و الحجة و الدلالة والبيان بمعنى واحد و هو ما أمكن الاستدلالبه على ما هو دلالة عليه مع قصد فاعله إلىذلك و فرق علي بن عيسى بين الدلالة والبرهان بأن قال الدلالة قد تنبئ عن معنىفقط لا يشهد بمعنى آخر و قد تنبئ عن معنىيشهد بمعنى آخر و البرهان ليس كذلك لأنهبيان عن معنى ينبئ عن معنى آخر و قد نوزع فيهذا الفرق و قيل أنه محض الدعوى.
الإعراب قالوا جملة فعلية و الجنة ظرف مكان ليدخلو إلا هاهنا لنقض النفي و من موصول و هو معصلته مرفوع الموضع بأنه فاعل يدخل و لنيدخل مع ما بعده معمول قالوا و إن حرف شرط وجوابه محذوف و تقديره إن كنتم صادقينفهاتوا برهانكم.
ثم حكى سبحانه نبذا من أقوال اليهود ودعاويهم الباطلة فقال «وَ قالُوا