و قيل إن الكلام في موضعه من غير تقديم وتأخير و معناه و لئن أصابكم فضل من اللهليقولن هذا المبطئ قول من لا تكون بينه وبين المسلمين مودة أي كأنه لم يعاقدكم علىالإيمان و لم يظهر لكم مودة على حال ياليتني كنت معهم أي يتمنى الغنيمة دون شهودالحرب و ليس هذا من قول المخلصين فقد عدواالتخلف في إحدى الحالتين نقمة من الله وتمنوا الخروج معهم في إحدى الحالتين لأجلالغنيمة و ليس ذلك من أمارات المودة و علىهذا فيكون قوله «كَأَنْ لَمْ تَكُنْبَيْنَكُمْ وَ بَيْنَهُ مَوَدَّةٌ» فيموضع النصب على الحال و قال أبو عليالجبائي أنه حكاية عن المنافقين قالواللذين أقعدوهم عن الجهاد «كَأَنْ لَمْتَكُنْ بَيْنَكُمْ وَ بَيْنَهُمَوَدَّةٌ» أي بين محمد مودة فتخرجوا معهلتأخذوا معه من الغنيمة و إنما قالوا ذلكليبغضوا إليهم رسول الله «يا لَيْتَنِيكُنْتُ مَعَهُمْ» و هذا التمني من قولالمبطئين القاعدين تمنوا أن يكونوا معهمفي تلك الغزوة «فَأَفُوزَ فَوْزاًعَظِيماً» أي أصيب غنيمة عظيمة و آخذ حظاوافرا منها.
فَلْيُقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِالَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَياةَالدُّنْيا بِالْآخِرَةِ وَ مَنْ يُقاتِلْفِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقْتَلْ أَوْيَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراًعَظِيماً (74)
يقال شريت بمعنى بعت و اشتريت بمعنى ابتعتو يشرون يبيعون و قال يزيد ابن مفرغ:
و شريت بردا ليتني من بعد برد كنت هامة و برد اسم غلامه.
«فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ» عطف على«يُقاتِلْ» و جواب الشرط «فَسَوْفَنُؤْتِيهِ».
لما أخبر الله سبحانه في الآية الأولى إنقوما يتأخرون عن القتال أو يبطؤن المؤمنينعنه حث في هذه الآية على القتال فقال«فَلْيُقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ» هذاأمر من الله و ظاهر أمره يقتضي الوجوب أيفليجاهد في سبيل الله أي في طريق دين الله«الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَياةَالدُّنْيا بِالْآخِرَةِ» أي الذين يبيعونالحياة الفانية بالحياة الباقية و يجوزيبيعون الحياة