القاسم البلخي (و ثالثها) إن معناه لاتقتلوا أنفسكم بأن تهلكوها بارتكابالآثام و العدوان في أكل المال بالباطل وغيره من المعاصي التي تستحقون بها العذاب(و رابعها) ما روي عن أبي عبد الله (ع) أن معناه لاتخاطروا بنفوسكم في القتال فتقاتلوا من لاتطيقونه «إِنَّ اللَّهَ كانَ بِكُمْ رَحِيماً» أيلم يزل بكم رحيما و كان من رحمته أن حرمعليكم قتل الأنفس و إفساد الأموال «وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ» قيل إن ذلك إشارةإلى أكل الأموال بالباطل و قتل النفس بغيرحق و قيل إشارة إلى المحرمات في هذه السورةمن قوله «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوالا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُواالنِّساءَ كَرْهاً» و قيل إشارة إلى فعلكل ما نهى الله عز و جل عنه من أول السورة وقيل إلى قتل النفس المحرمة خاصة عن عطا«عُدْواناً وَ ظُلْماً» قيل هما واحد وأتي بهما لاختلاف اللفظين كما قال الشاعر:
" و ألفى قولها كذبا و مينا" و قيل العدوان تجاوز ما أمر الله به والظلم أن يأخذه على غير وجه الاستحقاق وقيل إنما قيده بالعدوان و الظلم لأنه أرادبه المستحلين «فَسَوْفَ نُصْلِيهِ ناراً»أي نجعله صلى نار و نحرقه بها «وَ كانَذلِكَ» أي إدخاله النار و تعذيبه فيها«عَلَى اللَّهِ» سبحانه «يَسِيراً» هينالا يمنعه منه مانع و لا يدفعه عنه دافع و لايشفع عنده إلا بإذنه شافع.
إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ماتُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْسَيِّئاتِكُمْ وَ نُدْخِلْكُمْمُدْخَلاً كَرِيماً (31)
قرأ أبو جعفر و نافع مدخلا كريما مفتوحةالميم و قرأ الباقون «مُدْخَلًا» بالضم.
قال أبو علي من قرأ مدخلا يحتمل أن يكونمصدرا و أن يكون مكانا فإن حملته علىالمصدر أضمرت له فعلا دل عليه الفعلالمذكور و تقديره ندخلكم فتدخلون مدخلا وإن حملته على المكان فتقديره ندخلكم مكاناكريما و هذا أشبه هنا لأن المكان قد وصفبالكريم في قوله تعالى «وَ مَقامٍكَرِيمٍ» و من قرأ مدخلا فيجوز فيه أيضا أنيكون مكانا و أن يكون مصدرا.
الاجتناب المباعدة عن الشيء و تركهجانبا و منه الأجنبي و يقال ما يأتينا فلانإلا عن جنابة أي بعد قال علقمة بن عبيدة:
فلا تحرمني نائلا عن جنابة و إني امرؤوسط القباب غريب