يقتضي الدعاء إليه و الله تعالى ما دعاأحدا إلى معصيته لكنه نهى عنها و ذمفاعليها و قد قال سبحانه «وَ زَيَّنَلَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ» و لاخلاف أن المراد بذلك الكفر و المعاصي و فيذلك دلالة على أن المراد به في الآية تزيينأعمال الطاعة «ثُمَّ إِلى رَبِّهِمْمَرْجِعُهُمْ» أي مصيرهم«فَيُنَبِّئُهُمْ بِما كانُوايَعْمَلُونَ» أي بأعمالهم من الخير و الشرنهى الله سبحانه في هذه الآية عن سبالأصنام لئلا يؤدي ذلك إلى سبه فإذا كانسبحانه لا يريد ما ربما يكون سببا إلى سبهفلأن لا يريد سبب نفسه أولى و أجدر و أيضاإذا لم يرد سب الأصنام إذا كان زيادة فيكفر الكافرين فلأن لا يريد كفرهم أحرىفبطل قول المجبرة.
وَ أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَأَيْمانِهِمْ لَئِنْ جاءَتْهُمْ آيَةٌلَيُؤْمِنُنَّ بِها قُلْ إِنَّمَاالْآياتُ عِنْدَ اللَّهِ وَ مايُشْعِرُكُمْ أَنَّها إِذا جاءَتْ لايُؤْمِنُونَ (109) وَ نُقَلِّبُأَفْئِدَتَهُمْ وَ أَبْصارَهُمْ كَمالَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيانِهِمْيَعْمَهُونَ (110)
قرأ ابن كثير و أهل البصرة و أبو بكر عنعاصم و نصير عن الكسائي و خلف إنها بكسرالألف و قرأ الباقون «أَنَّها» بفتح الألفو قرأ ابن عامر و حمزة لا تؤمنون بالتاء والباقون «لا يُؤْمِنُونَ» بالياء و فيالشواذ و يذرهم بالياء و الجزم قراءةالأعمش.
قال أبو علي «وَ ما يُشْعِرُكُمْ» ما فيهاستفهام و فاعل «يُشْعِرُكُمْ» ضمير ما ولا يجوز أن يكون نفيا لأن الفعل فيه يبقىبلا فاعل فإن قلت يكون ما نفيا و يكون فاعل«يُشْعِرُكُمْ» ضمير اسم الله تعالى قيلذلك لا يصح لأن التقدير يصير و ما يشعركمالله انتفاء إيمانهم و هذا لا يستقيم لأنالله قد أعلمنا أنهم لا يؤمنون بقوله «وَلَوْ أَنَّنا نَزَّلْنا» الآية و إذا فسدأن يكون ما للنفي ثبت أنها للاستفهامفيكون اسما فيصير في الفعل ضميره و يكونالمعنى و ما يدريكم إيمانهم إذا جاءت فحذفالمفعول و حذف المفعول كثير ثم قال إنهم لايؤمنون مع مجيء الآية فمن كسر الهمزةفإنه استأنف على القطع بأنهم لا يؤمنون ومن فتح الهمزة جاز أن يكون «يُشْعِرُكُمْ»منقولا من شعرت الشيء و شعرت به مثلدريته و دريت به في أنه يتعدى مرة بحرف