ليعلموا أن الله يعرف أنهم أشركوا به فيدار الدنيا و أنه لا ينفعهم الكتمان عنمقاتل و قيل إن المشركين كانوا يزعمون أنآلهتهم تشفع لهم عند الله فقيل لهم يومالقيامة «أَيْنَ شُرَكاؤُكُمُ الَّذِينَكُنْتُمْ تَزْعُمُونَ» أنها تشفع لكمتوبيخا لهم و تبكيتا على ما كانوا يدعونهعن أكثر المفسرين و إنما أضاف الشركاءإليهم لأنهم اتخذوها لأنفسهم و معنىتزعمون تكذبون قال ابن عباس و كل زعم فيكتاب الله كذب و في هذه الآية دلالة واضحةعلى بطلان مذهب الجبر و على إثبات المعاد وحشر جميع الخلق.
ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلاَّأَنْ قالُوا وَ اللَّهِ رَبِّنا ما كُنَّامُشْرِكِينَ (23) انْظُرْ كَيْفَ كَذَبُواعَلى أَنْفُسِهِمْ وَ ضَلَّ عَنْهُمْ ماكانُوا يَفْتَرُونَ (24)
قرأ أهل المدينة و أبو عمرو و أبو بكر عنعاصم و خلف «ثُمَّ لَمْ تَكُنْ» بالتاءفتنتهم بالنصب و قرأ ابن كثير و ابن عامر وحفص عن عاصم «ثُمَّ لَمْ تَكُنْ» بالتاءأيضا «فِتْنَتُهُمْ» بالرفع و قرأ حمزة والكسائي و يعقوب ثم لم يكن بالياء فتنتهمبالنصب و قرأ حمزة و الكسائي و خلف و اللهربنا بالنصب و قرأ الباقون بالجر.
من قرأ «تَكُنْ» بالتاء فتنتهم بالنصبفإنه أنث «أَنْ قالُوا» لما كان القولالفتنة في المعنى كما قال فَلَهُ عَشْرُأَمْثالِها فأنث الأمثال لما كانت فيالمعنى الحسنات و مما جاء في الشعر قوللبيد:
فمضى و قدمها و كانت عادة *** منه إذا هيعردت أقدامها
فأنث الأقدام لما كانت العادة في المعنىقال الزجاج و يجوز أن يكون تأويل «إِلَّاأَنْ قالُوا» إلا مقالتهم و من قرأ «لَمْتَكُنْ» بالتاء «فِتْنَتُهُمْ» رفعا أثبتعلامة التأنيث في الفعل المسند إلى الفتنةو الفتنة مؤنثة و على هذه القراءة يكونقوله «إِلَّا أَنْ قالُوا» في موضع نصببكونه خبر كان و من قرأ لم يكن بالياءفتنتهم نصبا فعلى أن قوله «أَنْ قالُوا»اسم كان و الأولى و الأقوى أن يكون فتنتهمنصبا و «أَنْ قالُوا» الاسم لأن أن إذاوصلت لم توصف فأشبهت بامتناع وصفها المضمر