وَ هُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَبُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّىإِذا أَقَلَّتْ سَحاباً ثِقالاً سُقْناهُلِبَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَنْزَلْنا بِهِالْماءَ فَأَخْرَجْنا بِهِ مِنْ كُلِّالثَّمَراتِ كَذلِكَ نُخْرِجُالْمَوْتى لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (57)وَ الْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُنَباتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَ الَّذِيخَبُثَ لا يَخْرُجُ إِلاَّ نَكِداًكَذلِكَ نُصَرِّفُ الْآياتِ لِقَوْمٍيَشْكُرُونَ (58)
قرأ ابن كثير الريح واحدة و نشرا مضمومةالنون و الشين و قرأ أهل المدينة و البصرة«الرِّياحَ» جمع نشر بضم النون و الشينحيث كان و قرأ أهل الكوفة غير عاصم الريحنشرا بفتح النون و سكون الشين و قرأ ابنعامر الرياح نشرا بضم النون و سكون الشين وقرأ عاصم «الرِّياحَ بُشْراً» بالباءساكنة الشين و قرأ أبو جعفر إلا نكدا بفتحالكاف و الباقون بالكسر.
قال أبو علي اعلم أن الريح اسم على فعل والعين منه واو فانقلبت في الواحد للكسرفأما في الجمع القليل فصحت لأنه لا شيءفيه يوجب الإعلال أ لا ترى أن الفتحة لاتوجب إعلال هذه الواو في نحو قوم و قولفأما في الجمع الكثير فرياح انقلبت ياءللكسرة التي قبلها و إذا كانت انقلبت فينحو ديمة و ديم و حيلة و حيل فأن تنقلب فيرياح أجدر لوقوع الألف بعدها و الألف تشبهالياء و الياء إذا تأخرت عن الواو أوجب فيهالإعلال و كذلك الألف لتشبهها بها و قديجوز أن يكون الريح على لفظ الواحد و يرادبه الكثرة كقولهم كثر الدرهم و الدينار والشاة و البعير و إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِيخُسْرٍ ثم قال إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وكذلك من قرأ الريح نشرا فأفرد و وصفهبالجمع فإنه حمله على المعنى و قد أجاز أبوالحسن ذلك و قال الشاعر:
و من نصب حمله على المعنى لأن المفرد يرادبه الجمع و هذا وجه قراءة ابن كثير و قول منجمع الريح إذا وصفها بالجمع الذي هو نشراأحسن لأن الحمل على المعنى ليس بكثيركالحمل على اللفظ و أما ما جاء
في الحديث أن النبي (ص) كان يقول إذا هبتريح اللهم اجعلها رياحا و لا تجعلها ريحا
فلأن عامة ما جاء في التنزيل على لفظالرياح للسقيا و الرحمة كقوله تعالى «وَأَرْسَلْنَا الرِّياحَ لَواقِحَ» و«يُرْسِلَ الرِّياحَ مُبَشِّراتٍ» و ماجاء بخلاف ذلك جاء على الإفراد كقوله«فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍعاتِيَةٍ» رِيحٌ فِيها عَذابٌ أَلِيمٌقال