مجمع البیان فی تفسیر القرآن

الفضل بن الحسن بن الفضل الطبرسی

جلد 4 -صفحه : 438/ 285
نمايش فراداده

إليه «ما يَأْفِكُونَ» ما بمعنى الذي وتقديره تلقف ما يأفكون فيه أي تلقفالمأفوك الذي حل فيه الإفك و مثله وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَ ما تَعْمَلُونَيعني و ما تعملون فيه و «ما كانُوايَعْمَلُونَ» يحتمل أن تكون ما بمعنىالمصدر أي و بطل عملهم و يحتمل أن يكون مابمعنى الذي أي و بطل الحبال و العصي التيعملوا بها السحر و ما إذا كانت بمعنىالمصدر لا تعمل في الفعل كما يعمل إن فيهإذا كانت بمعنى المصدر لأن أن ينقل الفعلنقلين إلى المصدر و إلى الاستقبال و لاينقله ما إلى الاستقبال تقول يعجبني ماتصنع الآن و يعجبني أن تصنع الخير و«هُنالِكَ» دخلت اللام فيه ليدل على بعدالمكان المشار إليه كما دخلت في ذلك لبعدالمشار إليه فههنا لما بعد قليلا و هنالكلما كان أشد بعدا و هو ظرف مبهم و فيه معنىالإشارة كما أن ذا مبهم و إنما دخلت كافالمخاطبة مع بعد الإشارة لتشعر بتأكيدمعنى الإشارة إلى المخاطب ليتنبه على بعدالمشار إليه من المكان. و البعيد أحقبعلامة التنبه من القريب.

المعنى‏‏

ثم أخبر سبحانه عن نفسه فقال «وَأَوْحَيْنا إِلى‏ مُوسى‏» أي ألقيناإليه من وجه لم يشعر به إلا هو «أَنْأَلْقِ عَصاكَ» التي معك «فَإِذا هِيَتَلْقَفُ ما يَأْفِكُونَ» معناه فألقاهافصارت ثعبانا فإذا هي تبتلع ما يكذبون فيهأنها حيات عن مجاهد «فَوَقَعَ» أي ظهر«الْحَقُّ» و هو أمر موسى و صحة نبوته ومعجزاته عن الحسن و مجاهد و قيل وقع الحقبأن صارت العصا حية في الحقيقة «وَ بَطَلَما كانُوا يَعْمَلُونَ» أي بطل تمويهاتهمعن الجبائي و إنما ظهر ذلك لهم لأنهم لمارأوا تلك الآيات الباهرة و المعجزاتالقاهرة في العصا علموا أنه أمر سماوي لايقدر عليه غير الله تعالى فمن تلك الآياتقلب العصا حية و منها أكلها حبالهم و عصيهممع كثرتها و منها فناء حبالهم و عصيهم فيبطنها إما بالتفرق و إما بالفناء عند منجوزه و منها عودها عصا كما كانت من غيرزيادة و لا نقصان و كل من هذه الأمور يعلمكل عاقل أنه لا يدخل تحت مقدور البشرفاعترفوا بالتوحيد و النبوة و صار إسلامهمحجة على فرعون و قومه «فَغُلِبُواهُنالِكَ» أي قهر فرعون و قومه عند ذلكالمجمع و بهت فرعون و خلى سبيل موسى و منتبعه «وَ انْقَلَبُوا صاغِرِينَ» أيانصرفوا أذلاء مقهورين «وَ أُلْقِيَالسَّحَرَةُ ساجِدِينَ» يعني أن السحرةلما شاهدوا تلك الآيات و علموا أنها من عندالله تعالى آمنوا بالله تعالى و بموسى وسجدوا لله ألهمهم الله ذلك و قيل إن موسى وهارون سجدا لله تعالى شكرا له على ظهورالحق فاقتدوا بهما فسجدوا معهما و إنماقال ألقي على ما لم يسم فاعله ليكون فيهمعنى إلقائهم ما رأوا من عظيم آيات اللهبأن دعاهم إلى السجود لله و الخضوع لهعزت‏