مجمع البیان فی تفسیر القرآن

الفضل بن الحسن بن الفضل الطبرسی

جلد 4 -صفحه : 438/ 427
نمايش فراداده

سورة الأنفال (8): الآيات 62 الى 63

وَ إِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَفَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ هُوَ الَّذِيأَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ (62) وَ أَلَّفَ بَيْنَقُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ ما فِيالْأَرْضِ جَمِيعاً ما أَلَّفْتَ بَيْنَقُلُوبِهِمْ وَ لكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَبَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (63)

اللغة‏‏

الخدع و الخديعة إظهار المحبوب في الأمرمع إبطان المكروه و التأييد التمكين منالفعل على أتم ما يصح فيه و الأيد القوة والتأليف الجمع على تشاكل و اختلف فيالتأليف فأثبته بعضهم معنى و نفاه بعضهم والصحيح أنه معنى يحل محلين و لا يحصل منفعلنا إلا متولدا.

المعنى‏‏

ثم خاطب الله سبحانه نبيه (ص) فقال «وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ» معناهو إن يرد الذين يطلبون منك الصلح أن يخدعوكفي الصلح بأن يقصدوا بالتماس الصلح دفعأصحابك و الكف عن القتال حتى يقووافيبدءوكم بالقتال من غير استعداد منكم«فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ» أي فإن الذييتولى كفايتك الله «هُوَ الَّذِيأَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ» أي هو الذي قواكبالنصر من عنده و أيدك بالمؤمنين الذينينصرونك على أعدائك «وَ أَلَّفَ بَيْنَقُلُوبِهِمْ» و أراد بتأليف القلوب ما كانبين الأوس و الخزرج من المعاداة و القتالفإنه لم يكن حيان من العرب بينهما منالعداوة مثل ما كان بين هذين الحيين فألفالله بين قلوبهم حتى صاروا متوارينمتحابين ببركة نبينا (ص) و قيل أراد كلمتحابين في الله عن مجاهد «لَوْأَنْفَقْتَ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ماأَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ» أي لميمكنك جمع قلوبهم على الألفة و إزالةضغائن الجاهلية «وَ لكِنَّ اللَّهَأَلَّفَ بَيْنَهُمْ» بأن لطف لهم بحسنتدبيره و بالإسلام الذي هداهم إليه«إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ» لا يمتنع عليهشي‏ء يريد فعله و لا يفعل إلا ما تقتضيهالحكمة قال الزجاج و هذا من الآيات العظامو ذلك أن النبي (ص) بعث إلى قوم أنفتهمشديدة بحيث لو لطم الرجل من قبيلة لطمةقاتل عنه قبيلته فألف الإيمان بين قلوبهمحتى قاتل الرجل أباه و أخاه و ابنه فأعلمالله سبحانه أن هذا ما تولاه منهم إلا هو.