نزل بهم في الوقت المقدور لا يقدر أحد علىصرفه عنهم إذا أراد الله أن يأتيهم به و لايتمكن من إذهابه عنهم إذا أراد الله أنيأتيهم به «وَ حاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِيَسْتَهْزِؤُنَ» أي و نزل بهم الذي كانوايسخرون به من نزول العذاب و يحققونه.
وجه اتصال الآية الأولى بما قبلها أنه لماقال سبحانه «يَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ وَ مايُعْلِنُونَ» قال عقيبه و كيف يخفى علىالله سر هؤلاء و هو يرزقهم و إذا وصل إلى كلواحد رزقه و لم ينسه فليعلم أنه يعلم سره وقوله «وَ يَعْلَمُ مُسْتَقَرَّها وَمُسْتَوْدَعَها» يدل على ما ذكرنا ثم زادهبيانا بقوله «وَ هُوَ الَّذِي خَلَقَالسَّماواتِ» الآية فإن أصل الخلقالتقدير الذي لا يختل بالنقصان و الزيادةو ذلك لا يتم إلا من العالم لذاته.
وَ لَئِنْ أَذَقْنَا الْإِنْسانَ مِنَّارَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْناها مِنْهُإِنَّهُ لَيَؤُسٌ كَفُورٌ (9) وَ لَئِنْأَذَقْناهُ نَعْماءَ بَعْدَ ضَرَّاءَمَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَالسَّيِّئاتُ عَنِّي إِنَّهُ لَفَرِحٌفَخُورٌ (10) إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ لَهُمْمَغْفِرَةٌ وَ أَجْرٌ كَبِيرٌ (11) اللغة الذوق تناول الشيء بالفم لإدراك الطعم وسمى الله سبحانه إحلال اللذات بالإنسانإذاقة لسرعة زوالها تشبيها بما يذاق ثميزول كما قيل:
" أحلام نوم أو كظل زائل" و النزع قلع الشيء عن مكانه و اليئوسفعول من يئس و اليأس القطع بأن الشيءالمتوقع لا يكون و نقيضه الرجاء و النعماءإنعام يظهر أثره على صاحبه و الضراء مضرةتظهر الحال بها لأنهما أخرجتا مخرجالأحوال الظاهرة مثل حمراء و عيناء مع مافيهما من المبالغة و الفرح و السرور منالنظائر و هو انفتاح القلب بما يلتذ به وضده الغم و الصحيح أن الغم السرور من جنسالاعتقادات و ليسا بجنسين من الأعراض و منالناس من قال إنهما جنسان و الفخور الذييكثر فخره و هو التطاول بتعديد المناقب وهي صفة ذم إذا أطلقت لما فيها من التكبرعلى من لا يجوز أن يتكبر عليه.
اللام في «لَئِنْ» لتوطية القسم و ليستللقسم و التقدير و الله لئن أذقنا الإنسانمنا رحمة إنه ليئوس فإنه جواب القسم الذيهيأته اللام إلا أنه مغن عن جواب الشرط وواقع موقعه و مثله قول الشاعر: