يَرَوْنَ و كذلك إِنِّي لَكُما لَمِنَالنَّاصِحِينَ متعلق بما دل عليه النصحالمظهر و التقدير إني ناصح لكما لمنالناصحين و كذلك به في قوله «ما لَيْسَلَكَ بِهِ عِلْمٌ» يتعلق بما يدل عليهقوله علم الظاهر و إن لم يجز أن يعمل فيه والوجه الآخر أن يكون متعلقا بالمستقر و هوالعامل فيه كتعلق الظرف بالمعاني كما تقولليس لك فيه رضا فيكون به في الآية بمنزلةفيه و العلم يراد به العلم المتيقن الذييعلم به الشيء على الحقيقة ليس العلمالذي يعلم به الشيء على ظاهره كالذي فيقوله «فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّمُؤْمِناتٍ» و نحو ما يعلمه الحاكم بشهادةالشاهدين و إقرار المقر بما يدعي و نحو ذلكمما يعلم به العلم الظاهر الذي يسع الحاكمالحكم بالشيء معه «تِلْكَ مِنْ أَنْباءِالْغَيْبِ» تلك مبتدأ و من أنباء الغيبالخبر و «نُوحِيها إِلَيْكَ» خبر ثان و إنشئت كان في موضع الحال أي تلك كائنة منأنباء الغيب موحاة إليك و إن شئت كان تلكمبتدأ و نوحيها الخبر و الجار من صلةنوحيها أي تلك نوحيها إليك من أنباء الغيبو لا يجوز أن يكون من زيادة على تقدير تلكأنباء الغيب لأنها لا تزاد في الموجب ويجوز على قول الأخفش.
ثم حكى سبحانه تمام قصة نوح (ع) فقال «وَنادى نُوحٌ رَبَّهُ» نداء تعظيم و دعاء«فَقالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِيوَ إِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ» معناه يامالكي و خالقي و رازقي وعدتني بتنجية أهليو إن ابني من أهلي و إن وعدك الحق لا خلففيه فنجه إن كان ممن وعدتني بنجاته «وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحاكِمِينَ» في قولك وفعلك «قالَ» الله سبحانه «يا نُوحُإِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ» و قد قيلفي معناه أقوال (أحدها) أنه كان ابنه لصلبهو المعنى أنه ليس من أهلك الذين وعدتكبنجاتهم معك لأن الله سبحانه قد استثنى منأهله الذين وعده أن ينجيهم من أرادإهلاكهم بالغرق فقال إِلَّا مَنْ سَبَقَعَلَيْهِ الْقَوْلُ عن ابن عباس و سعيد بنجبير و الضحاك و عكرمة و اختاره الجبائي (وثانيها) أن المراد بقوله «لَيْسَ مِنْأَهْلِكَ» أنه ليس على دينك فكأن كفرهأخرجه عن أن يكون له أحكام أهله عن جماعةمن المفسرين و هذا كما قال النبي (ع) سلمان منا أهل البيت و إنما أراد على ديننا و روى علي بن مهزيار عن الحسن بن علي الوشاءعن الرضا (ع) قال قال أبو عبد الله (ع) أنالله تعالى قال لنوح «إِنَّهُ لَيْسَ مِنْأَهْلِكَ» لأنه كان مخالفا له و جعل مناتبعه من أهله و يؤيد هذا التأويل أن الله سبحانه قالعلى طريق التعليل «إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُصالِحٍ» فبين أنه إنما خرج عن أحكام أهلهلكفره و سوء عمله و روي عن عكرمة أنه قالكان ابنه و لكنه كان مخالفا له في العمل والنية فمن ثم قيل «إِنَّهُ لَيْسَ مِنْأَهْلِكَ» (و ثالثها) أنه لم يكن ابنه علىالحقيقة و إنما ولد على فراشه فقال