مجمع البیان فی تفسیر القرآن

الفضل بن الحسن بن الفضل الطبرسی

جلد 5 -صفحه : 415/ 368
نمايش فراداده

سورة يوسف (12): الآيات 54 الى 57

وَ قالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِأَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي فَلَمَّاكَلَّمَهُ قالَ إِنَّكَ الْيَوْمَلَدَيْنا مَكِينٌ أَمِينٌ (54) قالَاجْعَلْنِي عَلى‏ خَزائِنِ الْأَرْضِإِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ (55) وَ كَذلِكَمَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِيَتَبَوَّأُ مِنْها حَيْثُ يَشاءُنُصِيبُ بِرَحْمَتِنا مَنْ نَشاءُ وَ لانُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (56) وَلَأَجْرُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَآمَنُوا وَ كانُوا يَتَّقُونَ (57)

القراءة

قرأ ابن كثير حيث نشاء بالنون و الباقونبالياء.

الحجة‏‏‏‏

قال أبو علي من قرأ بالياء فيشاء مسند إلىالغائب كما أن يتبوأ كذلك و يقوي ذلك قولهوَ أَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُمِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشاءُ فكما أنقوله نَشاءُ وفق لفعل المتبوئين كذلك قوله«حَيْثُ يَشاءُ» وفق لقوله «يَتَبَوَّأُ»و من قرأ بالنون فإنه على أحد وجهين إما أنيكون أسند المشيئة إليه و هو ليوسف فيالمعنى لأن مشيئته لما كانت بقوته وإقداره عليه جاز أن ينسب إلى الله و إنكانت ليوسف في المعنى كما قال سبحانه وَ مارَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَ لكِنَّاللَّهَ رَمى‏ فأضيف الرمي إلى الله لماكان بقوته و إن كان الرمي للنبي (ص) و الآخرأن يكون الموضع المتبوأ موضع نسك و قربفالمكث فيه قربة إلى الله تعالى فهو يشاؤهو يريده فأما اللام في قوله «مَكَّنَّالِيُوسُفَ» و قوله إِنَّا مَكَّنَّا لَهُفِي الْأَرْضِ فيجوز أن يكون على حد التيفي قوله رَدِفَ لَكُمْ و لِلرُّءْياتَعْبُرُونَ يدل على ذلك قوله وَ لَقَدْمَكَّنَّاهُمْ فِيما إِنْ مَكَّنَّاكُمْفِيهِ و قوله «يَتَبَوَّأُ» في موضع نصبعلى الحال تقديره مكناه متبوأ حيث يشاء وأما قوله «حَيْثُ يَشاءُ» فيحتمل موضعهأمرين أحدهما أن يكون في موضع نصب بأنه ظرفو الآخر أن يكون في موضع نصب بأنه مفعول بهو يدل على جواز هذا الوجه قول الشماخ:


  • و حلاءها عن ذي الأراكة عامر أخو الحضريرضى حيث تكبو النواحز.

  • أخو الحضريرضى حيث تكبو النواحز. أخو الحضريرضى حيث تكبو النواحز.

اللغة‏

الاستخلاص طلب خلوص الشي‏ء من شائبالاشتراك كأنه يريد أن يكون خالصا له و فيحديث سلمان الفارسي (رض) أنه كاتبه أهلهعلى أربعين أوقية خلاص أي ما أخلصته النارمن الذهب و كذلك الخلاصة، و المكين منالمكانة و أصله التمكن في الأمر يقال مكنمكانة فهو مكين إذا كان له قدر و جاه يتمكنبهما مما يروم و التبوء اتخاذ منزل يرجعإليه و أصله من باء يبوء إذا رجع.

المعنى‏‏‏‏

«وَ قالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ»معناه أن الملك لما تبين له أمانة يوسف وبراءته من السوء و علمه أمر بإحضاره فقالائتوني به «أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي» أيأجعله خالصا لنفسي أرجع إليه في تدبيرمملكتي و أعمل على إشارته في مهمات أموري«فَلَمَّا كَلَّمَهُ» هاهنا حذف معناهفلما جاء الرسول يوسف و دعاه خرج من السجنو دخل على الملك و كلمه‏