حملها و ضيعها لظلمه على نفسه و لجهلهبمبلغ الثواب و العقاب عن أبي مسلم (وثالثها) أنه على وجه التقدير إلا أنه أجريعليه لفظ الواقع لأن الواقع أبلغ منالمقدر. معناه لو كانت السماوات و الأرض والجبال عاقلة ثم عرضت عليها الأمانة و هيوظائف الدين أصولا و فروعا و ما ذكرناه منالأقاويل فيها بما فيها من الوعد و الوعيدعرض تخيير لاستثقلت ذلك مع كبر أجسامها وشدتها و قوتها و لامتنعت من حملها خوفا منالقصور عن أداء حقها ثم حملها الإنسان معضعف جسمه و لم يخف الوعيد لظلمه و جهله وعلى هذا يحمل ما روي عن ابن عباس أنها عرضتعلى نفس السماوات و الأرض فامتنعت منحملها (و رابعها) أن معنى العرض و الإباءليس هو ما يفهم بظاهر الكلام بل المرادتعظيم شأن الأمانة لا مخاطبة الجماد والعرب تقول سألت الربع و خاطبت الدارفامتنعت عن الجواب و إنما هو إخبار عنالحال عبر عنه بذكر الجواب و السؤال و تقولأتى فلان بكذب لا تحمله الجبال و قالسبحانه فَقالَ لَها وَ لِلْأَرْضِائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قالَتاأَتَيْنا طائِعِينَ و خطاب من لا يفهم لايصح و قال الشاعر:
و قال آخر:
فالأمانة على هذا ما أودع الله السماوات والأرض و الجبال من الدلائل على وحدانيته وربوبيته فأظهرتها و الإنسان الكافر كتمهاو جحدها لظلمه و جهله و بالله التوفيق و لميرد بقوله الإنسان جميع الناس بل هو مثلقوله «إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ وإِنَّ الْإِنْسانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ»و فَأَمَّا الْإِنْسانُ إِذا مَاابْتَلاهُ رَبُّهُ و الأنبياء و الأولياءو المؤمنون عن عموم هذه الآية خارجون و لايجوز أن يكون الإنسان محمولا على آدم (ع)لقوله «إِنَّ اللَّهَ اصْطَفى آدَمَ» وكيف يكون من اصطفاه الله من بين خلقهموصوفا بالظلم و الجهل ثم بين سبحانهالغرض الصحيح و الحكمة