مجمع البیان فی تفسیر القرآن

الفضل بن الحسن بن الفضل الطبرسی

جلد 8 -صفحه : 409/ 205
نمايش فراداده

حِزْبَهُ» أي أتباعه و أولياءه و أصحابه«لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحابِ السَّعِيرِ»أي النار المسعرة و المعنى أنه لا سلطان لهعلى المؤمنين و لكنه يدعو أتباعه إلى مايستحقون به النار ثم بين سبحانه حال منأجابه و حال من خالفه فقال «الَّذِينَكَفَرُوا لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ» جزاءعلى كفرهم «وَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْمَغْفِرَةٌ» من الله لذنوبهم «وَ أَجْرٌكَبِيرٌ» أي ثواب عظيم ثم قال سبحانهمقررا لهم «أَ فَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُعَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً» يعني الكفارزينت لهم نفوسهم أعمالهم السيئة فتصوروهاحسنة أو زينها الشيطان لهم بأن أمالهم إلىالشبه المضلة و ترك النظر في الأدلة وأغواهم حتى تشاغلوا بما فيه عاجل اللذة وطرح الكلفة و خبر قوله «أَ فَمَنْ زُيِّنَلَهُ سُوءُ عَمَلِهِ» محذوف أي أ هو كمنعلم الحسن و القبيح و عمل بما علم و لم يزينله سوء عمله و قيل تقديره كمن هداه الله وقيل كمن زين له صالح عمله «فَإِنَّاللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ وَ يَهْدِيمَنْ يَشاءُ» مر بيانه «فَلا تَذْهَبْنَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَراتٍ» أي لاتهلك نفسك يا محمد عليهم حسرة و لا يغمكحالهم إذ كفروا و استحقوا العقاب و هو مثلقوله «لَعَلَّكَ باخِعٌ نَفْسَكَ أَلَّايَكُونُوا مُؤْمِنِينَ» و الحسرة شدةالحزن على ما فأت من الأمر «إِنَّ اللَّهَعَلِيمٌ بِما يَصْنَعُونَ» فيجازيهم عليهثم عاد سبحانه إلى ذكر أدلة التوحيد فقال«وَ اللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّياحَفَتُثِيرُ سَحاباً» أي تهيجه و تزعجه منحيث هو «فَسُقْناهُ» أي فسقنا السحاب«إِلى‏ بَلَدٍ مَيِّتٍ» أي قحط و جدب لميمطر فيمطر على ذلك البلد «فَأَحْيَيْنابِهِ» أي بذلك المطر و الماء «الْأَرْضَبَعْدَ مَوْتِها» بأن أنبتنا فيها الزرع والكلأ بعد أن لم يكن «كَذلِكَ النُّشُورُ»أي كما فعل هذا بهذه الأرض الجدبة منإحيائها بالزرع و النبات ينشر الخلائق بعدموتهم و يحشرهم للجزاء من الثواب و العقاب«مَنْ كانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِالْعِزَّةُ جَمِيعاً» اختلف في معناهفقيل المعنى من كان يريد علم العزة و هيالقدرة على القهر و الغلبة لمن هي فإنهالله جميعا عن الفراء و قيل معناه من أرادالعزة فليتعزز بطاعة الله فإن الله تعالىيعزه عن قتادة يعني أن قوله «فَلِلَّهِالْعِزَّةُ جَمِيعاً» معناه الدعاء إلىطاعة من له العزة كما يقال من أراد المالفالمال لفلان أي فليطلبه من عنده يدل علىصحة هذا ما رواه‏ أنس عن النبي (ص) أنه قال أن ربكم يقول كليوم أنا العزيز فمن أراد عز الدارين فليطعالعزيز «إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُالطَّيِّبُ» و الكلم جمع الكلمة يقال هذاكلم و هذه كلم فيذكر و يؤنث و كل جمع ليسبينه و بين واحده إلا الهاء يجوز فيهالتذكير و التأنيث و معنى الصعود هاهناالقبول من صاحبه و الإثابة عليه و كلمايتقبله الله سبحانه من الطاعات يوصفبالرفع و الصعود لأن الملائكة يكتبونأعمال بني آدم و يرفعونها إلى حيث شاء اللهتعالى و هذا كقوله إِنَّ كِتابَالْأَبْرارِ لَفِي عِلِّيِّينَ و قيلمعنى إليه يصعد إلى سمائه و إلى حيث لايملك الحكم‏