سبحانه «لَخَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ» مع عظمهما و كثرة أجزائهما ووقوفهما بغير عمد و جريان الفلك و الكواكبمن غير سبب «أَكْبَرُ» أي أعظم و أهول فيالنفس «مِنْ خَلْقِ النَّاسِ» و إن كانخلق الناس عظيما بما فيه من الحياة والحواس المهيأة لأنواع مختلفة منالإدراكات «وَ لكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِلا يَعْلَمُونَ» لعدولهم عن الفكر فيه والاستدلال على صحته و المعنى أنهم إذاأقروا بأن الله تعالى خلق السماء و الأرضفكيف أنكروا قدرته على إحياء الموتى ولكنهم أعرضوا عن التدبر فحلوا محل الجاهلالذي لا يعلم شيئا «وَ ما يَسْتَوِيالْأَعْمى وَ الْبَصِيرُ» أي لا يستويمن أهمل نفسه و من تفكر فعرف الحق شبه الذيلا يتفكر في الدلائل بالأعمى و الذي يستدلبها بالبصير «وَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَ لَاالْمُسِيءُ» أي و ما يستوي المؤمنونالصالحون و لا الكافر الفاسق في الكرامة والإهانة و الهدى و الضلال «قَلِيلًا ماتَتَذَكَّرُونَ» يجوز أن تكون ما مزيدة ويجوز أن تكون مصدرية فيكون تقديره قليلاتذكرهم أي قل نظرهم فيما ينبغي أن ينظروافيه مما دعوا إليه «إِنَّ السَّاعَةَ»يعني القيامة «لَآتِيَةٌ» أي جائية واقعة«لا رَيْبَ فِيها» أي لا شك في مجيئها «وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لايُؤْمِنُونَ» أي لا يصدقون بذلك لجهلهمبالله تعالى و شكهم في إخباره «وَ قالَرَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ»يعني إذا اقتضت المصلحة إجابتكم و كل منيسأل الله شيئا و يدعوه فلا بد أن يشترطالمصلحة في ذلك إما لفظا أو إضمارا و إلاكان قبيحا لأنه ربما كان داعيا بما يكونفيه مفسدة و لا يشترط انتفاؤها فيكونقبيحا و قيل معناه وحدوني و اعبدوني أثبكمعن ابن عباس و يدل عليه قول النبي (ص) الدعاء هو العبادة و لما عبر عن العبادة بالدعاء جعل الإثابةاستجابة ليتجانس اللفظ «إِنَّ الَّذِينَيَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي» و دعائي«سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرِينَ» أيصاغرين ذليلين و في الآية دلالة على عظمقدر الدعاء عند الله تعالى و على فضلالانقطاع إليه و قد روى معاوية بن عمار قال قلت لأبي عبدالله (ع) جعلني الله فداك ما تقول في رجليندخلا المسجد جميعا كان أحدهما أكثر صلاة والآخر دعاء فأيهما أفضل قال كل حسن قلت قدعلمت و لكن أيهما أفضل قال أكثرهما دعاء أما تسمع قول الله تعالى «ادْعُونِيأَسْتَجِبْ لَكُمْ» إلى آخر الآية و قالهي العبادة الكبرى و روى زرارة عن أبي جعفر (ع) في هذه الآية قالهو الدعاء و أفضل العبادة الدعاء و روى حنان بن سدير عن أبيه قال قلت لأبيجعفر أي العبادة أفضل قال ما من شيء أحبإلى الله من أن يسأل و يطلب ما عنده و ماأحد أبغض إلى الله عز و جل ممن يستكبر عنعبادته و لا يسأل ما عنده.