أسرار الآیات و أنوار البینات

محمد بن ابراهیم بن یحیی الشیرازی

نسخه متنی -صفحه : 186/ 2
نمايش فراداده

مقدمة المصحح

بسم اللّه الرحمن الرحيم الحمد للّه رب العالمين حمدا أزليا بأبديته و أبديا بأزليته حمدا للذي تفرد بالسرمدية و جعل العقل قطرة من قطرات جبروته و النفس شعلة من شعلات ملكوته المتجلي لخلقه بخلقه الظاهر في الآفاق بمظاهر أسمائه و صفاته الذي هو اختفى لفرط نوره الظاهر الباطن في ظهوره و الصلاة و السلام على أنوار خير بريته محمد المصطفى لا سيما وصيه و خليفته علي المرتضى و ذريته من الصلوات أزكاها و من التحيات أنماها. فبعد: لما ختم طبع المجلد الأول من التفسير على القرآن الكريم للفيلسوف الإلهي و الحكيم الرباني حجة الحكماء الإسلاميين و خادم شريعة سيد المرسلين و قرة عيون السالكين محمد المعروف بصدر المتألهين قدس اللّه سره العزيز من قبل هذا في بضعة من الزمان و كان في قصدي أن أشرع في طبع المجلد الثاني من التفسير و لكن طوارق الحدثان و عوائق الزمان كانت تعوقني عن هذا الأمر العظيم حتى يكاد أن لا يمكن طبعها كما لا يخفى على من ورد في هذا المشرع أو يطلع على ما يمضي في المطبع و كان مشوقي في تلك الفترات الماضية و الأزمنة القاضية في تصحيحه و تنقيحه و تصديره على المجلدات الباقية أستاذي الكبير و الحبر المنير السيد جلال الدين الآشتياني مد ظله العالي حتى بلغ الكتاب أجله فبينما أصاب السيد الأستاذ عارضة حتى طالت إلى الآن و منعه عن طبع ذلك السفر النفيس و لكن كلما لا يدرك كله لا يترك كله.

فحينئذ شرعت في طبع واحد من كتبه الشريفة الذي هو قرة عيون أولي الألباب المسمى بأسرار الآيات و أنوار البينات في العلوم القرآنية و العجائب التنزيل الربانية و هي هذا الكتاب الذي انفتح بها باب نزول البركات و تواتر الرشحات و قطرات أمطار الرحمة من بحار خزائن المكاشفات على الدوام على القارئ العزيز إن كان من المؤمنين الموحدين و مرض لقلوب الجاحدين إن كان من المنكرين فيها هدى للمتقين «كما قال و عمي و غشاوة على أبصار المنافقين المتكبرين» يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَ يَهْدِي بِهِ كَثِيراً وَ ما يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفاسِقِينَ. و عندي أربعة نسخ واحدة منها المطبوعة المعروفة التي طبعت في سنة 1319 طبعة حجرية و الثانية و الثالثة نسختان مخطوطتان من متملكاتي و الرابع صورة فتوغرافية لمكتبة المجلس أما النسخة المطبوعة فيها أغلاط و سقطات لا تحصى و يكاد أن لا يستفاد منها و مشوبة بالتصحيفات و التحريفات إلى درجة فظيعة و أن بعض الكلمات و الجمل ممسوحة تماما و بالنسختين المخطوطتين مع الصورة فتوغرافية تم تصحيح الكتاب و إني لا أدعي في طبع هذا التأليف الشريف إلا أن أقول: لا يجد القارئ و المستبصر الخبير فيه غلطا و لا سقطا إلا ما زاغ عنها البصر و لا يغير المعنى المقدر و ذلك فضل اللّه العلي العظيم.

و أما شرح حاله و ثقافته و أساتذته و آراؤه الخاصة مضبوطة في كتب السير لا سيما في أوائل مؤلفاته المنيفة التي طبع في هذه الأواخر. و للأستاذ الجليل و الحبر النبيل السيد جلال الدين الآشتياني دام إفاضاته العالية تأليف جمع فيه آراءه و حققها مع شرح حاله و سيرته و للأستاذ الفقيد الشيخ أبي عبد اللّه الزنجاني تغمده اللّه برحمته أيضا كتاب سماه «الفيلسوف الفارسي الكبير» استوعب فيه آراءه مع سيرته من نشوه إلى وفاته و إني اطردت في مقدمة التفسير الكبير لهذا الفيلسوف الإلهي التي طبع قبل ست سنين كل مقال قيل فيه و يليق بمقامه الشريف فمن شاء فليراجع إليه. و للحكيم الإلهي و العالم الرباني علي بن جمشيد النوري قدس اللّه سره القدوسي على هذا الكتاب تعليقات متفرقة و نظرات عالية انتخبنا بعضها و وضعناها في مواضعها. و اعلموا يا إخواني الإلهيين و أخلائي المؤمنين أني ألقيت إليكم الكتاب الكريم و جئتكم بالنبإ العظيم و آتيكم بِشِهابٍ قَبَسٍ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ تعالوا إلى كلمات طيبة إيمانية و تلقوها فإن الإيمان يمان و الحكمة يمانية أوقدت من النفس الرحماني على شجرة مباركة إلهية لا شَرْقِيَّةٍ وَ لا غَرْبِيَّةٍ.


  • قل للأولى فاقوا الورى و تقدموا قدما هلموا شاهدوا المتأخرا

  • قدما هلموا شاهدوا المتأخرا قدما هلموا شاهدوا المتأخرا

و ليست داعيتي على طبع هذا الكتاب المستطاب إلا أن أتشبه بهذا القوم كما قيل: من تشبه بقوم فهو منهم.

  • سالكى را گفت آن پير كهن گفت خوش آيد زبان را بر دوام گر نيم ز ايشان از ايشان گفته‏ام خوشدلم اين قصه از جان گفته‏ام‏

  • چند از مردان حق گوئى سخن‏ تا بگويد حرف مردان را مدام‏ خوشدلم اين قصه از جان گفته‏ام‏ خوشدلم اين قصه از جان گفته‏ام‏

و لعمري هذا الكتاب الذي قال أحد من الحكماء في إطرائه: يقذف بالحق و ينطق بالصدق مشتملا على أصول كافية ينكشف بها رموز الدقائق و يزول بنورها ظلمة الشك و الريب محتويا على قواعد ينجلي بها الأنوار الجلية و مسائل يعلن بها الواردات القلبية من الأصول الحكمية و العلوم الإلهية و الفنون البرهانية و المعالم الدينية و المسالك العرفانية و المعارف الربانية بعبارات لطيفة يفصح عن بدائع الأسرار و كلمات رشيقة تنبئ عن لطائف الأفكار مع ما اندرجت فيها من رموز الفصاحة و فنون البلاغة و لطائف الحكمة و سرائر المعرفة قل من يهتدي إلى رشحة من رشحات زخار بحارها أو يطلع على لمعة من لمعات مطالع أسرارها اللهم إلا الألمعي الفطن الذكي الذي أشرق عقله و تنور قلبه و استنارت سريرته و استضاءت بصيرته مع رياضات علمية و مجاهدات نفسانية و مع أهميته و ندرته و كثرة طالبيه لم يقدر له أن يطبع مرة أخرى و لذا قام بطبعها مجمع الفلسفة الإسلامية (انجمن اسلامى حكمت و فلسفه ايران) و نرجو من اللّه تعالى أن يوفقنا لطبع بقية المجلدات من التفسير الكبير لصاحبنا قدس سره. و الرجاء من قراء هذا السفر النفيس و العاملين عليه لا سيما أولي الألباب و البصائر النافذة الدعوة الحسنى و أن ينظروا في تصحيحه و تنقيحه بعين العناية و الرضا لأن: عين الرضا عن كل عيب كليلة و اللّه ولي الحق و المدافع عن الذين آمنوا وَ هُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ و أنا أحوج خلق اللّه إلى رحمة ربه الباري محمد الخواجوي أحسن اللّه حاله في الأيام و الليالي آمين. و كانت الفراغة عن تحرير هذه المقدمة في ثلث آخر ليلة القدر من شهر رمضان المبارك سنة أربع مائة بعد الألف من الهجرة النبوية على هاجرها آلاف الثناء و التحية. محمد خواجوي