خارج و لها حياة عرضية و ما في الآخرةأرواح هي بعينها صور معلقة قائمة بذاتهاحياتها نفس ذاتها و هي مع وحدتها الشخصيةمتكثرة الصور و الإنسان إذا انقطع عنالدنيا و تجرد عن لباس هذا الأدنى و كشف عنبصره هذا الغطاء كانت قوته الإدراكية قدرةو علمه عينا و غيبه شهادة و سره معاينةفيصير مبصرا لنتائج أعماله و أفكارهمشاهدا لآثار حركاته و أفعاله قارئالصحيفة أعماله و لوح كتابه مطلعا على حسابحسناته و سيئاته كما في قوله تعالى وَكُلَّ إِنسانٍ أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ فِيعُنُقِهِ وَ نُخْرِجُ لَهُ يَوْمَالْقِيامَةِ كِتاباً يَلْقاهُمَنْشُوراً اقْرَأْ كِتابَكَ كَفىبِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباًو مما يدل على أن الإنسان الكائن في دارالآخرة غير متكون من مادة طبيعية بل منصورة نفسانية إدراكية قوله تعالى: أَيَطْمَعُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْيُدْخَلَ جَنَّةَ نَعِيمٍ كَلَّا إِنَّاخَلَقْناهُمْ مِمَّا يَعْلَمُونَ فعلم أنالمرء متكون في القيامة من معلومه ومعتقده فإن كان علمه من باب الشهوات والأماني و إلا هواء الفاسدة يكون من أهلالنار محترقا بنار الجحيم و يكون كتابه فيالسجين و إن كانت معلوماته من باب الأمورالقدسية و معرفة اللّه و عالم ملكوته وكتبه و رسله و سائر المعارف الحقة مع صفاءذاته من الأمراض و الأغشية و الظلماتفيكون لا محالة من أهل الملكوت الأعلى ويكون نفسه ككتاب الأبرار «لَفِيعِلِّيِّينَ وَ ما أَدْراكَ ماعِلِّيُّونَ كِتابٌ مَرْقُومٌيَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ» و للآيةتأويل آخر هو أيضا صحيح و بالجملة فقد ظهرأن كل واحد من أفراد الناس يتكون من مادةالنيات و الاعتقادات كما يتكون في الدنيامن مواد النطفة و الأغذية.