«إنّ هذه الأحاديث أخبار آحاد لاتفيد علماً ولا عملاً، ودعوى التواتر فيهاجزافية لا دليل عليها، ولم يذكر من هذهالروايات شيء في الكتب الأربعة».
أقول: ولكنّ إنكار تواتر هذه الأحاديث لايفيد في الشبهة.
وقوله: «لم يذكر...»:
فيه: إنّ منها ما أخرجه الصدوق في (من لايحضره الفقيه)، فقد جاء فيه في باب فرضالصلاة: «وقال النبي صلّى الله عليه وآلهوسلّم: يكون في هذه الامة كل ما كان في بنيإسرائيل حذو النعل بالنعل، والقذةبالقذة» (1).
لو سلّم تواتر هذه الأحاديث فيالسّند وصحّتها في الدلالة لما ثبت بهاأنّ التحريف قد وقع فيما مضى من الزمن،فلعلّه يقع في المستقبل زيادة ونقيصة.
أقول: ولكن تجويز وقوع ذلك سواء في الماضيأو المستقبل، ينافي ما تقدّم من الأدلّةالقويمة والشواهد الرصينة على امتناعه،لا سيّما وإن الله سبحانه قد وعد وضمن حفظالقرآن إلى يوم القيامة.
إنّ المراد بالمماثلة والمشابهةليس من جميع الوجوه، وإنّما المراد بهاالمماثلة من بعض الوجوه.
أقول: وبهذا الجواب اكتفى السيدالطباطبائي (2) وهو الصحيح، فإنّ كثيراً منالقضايا التي وقعت في الامم السالفة لمتقع في هذه الامة، وبعضها لن يقع أصلاً،ومنها ما سيقع في المستقبل قطعاً.
(1) من لا يحضره الفقيه 1: 203.
(2) الميزان 12: 120.