حکمة العرشیة

صدرالدین محمد بن ابراهیم

نسخه متنی -صفحه : 72/ 54
نمايش فراداده

مِنْ أَخِيهِ وَ أُمِّهِ وَ أَبِيهِ وَصاحِبَتِهِ وَ بَنِيهِ لِكُلِّ امْرِئٍمِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ وذلك لأن النفس قد فارقت هذا البدن و خرجتعن الدنيا و كل ما فيها كما قال وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيامَةِفَرْداً فلا يصادف الإنسان أحدا من هذاالعالم و لا شي‏ء إلا نتائج أعماله وأفعاله و صور نياته و لوازم صفاته و ملكاتهو منها أن الملك يومئذ لله و ذلك لأنالروابط المادية و الأسباب الوضعية والعلل المعدة مرتفعة هناك لأن هذه الروابطمختصة بعالم الاتفاقات و الحركات التيمنشؤها الانفعالات المواد و استحالاتهابواسطة الجهات و الأوضاع السماوية كما بينفي مقامه و أما النشأة الثانية فالأسبابهناك ليست إلا ذاتية غير خارجة عن ذاتالشي‏ء و مقوم وجوده و في هذا العالم أيضاالملك لله إذ الكل بإرادته و إيجاده وتدبيره و حكمته إلا أن الوسائط العرضية والعلل المعدة موجوده هاهنا و الاتفاقاتواقعة بقضائه و قدره و منها أن الملك يومئذالحق و أن لا ظلم اليوم لما عرفت من ارتفاعالمصادمات و المعارضات الاتفاقية في ذلكالعالم و منها أن القيامة يوم الجمع لأنالأزمنة و الحركات علة التغاير و التعاقبفي الحدوث و القدم و الأمكنة و الجهات علةالحضور و الغيبة في الوجود و العدم فإذاارتفعا في القيامة ارتفعت الحجب بينالموجودات فيجتمع الخلائق كلهم الأولون والآخرون فهي يوم الجمع لقوله تعالى يَوْمَيَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ و منهاأنها يوم الفصل لأن الدنيا دار اشتباه ومغالطة يتشابه فيها الحق و الباطل و الخيرو الشر يتعانق فيها الخصمان و يتمازج فيهاالمتقابلان و الآخرة دار الفصل و التميز والافتراق فيتفرق المختلفان و يتميزالمتشابهان لقوله تعالى وَ يَوْمَتَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍيَتَفَرَّقُونَ و قوله لِيَمِيزَ اللَّهُالْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ الآية و قولهلِيُحِقَّ الْحَقَّ وَ يُبْطِلَالْباطِلَ و لا منافات بين هذا الفصل و ذلكالجمع بل يقرره و يوجبه كما قال هذا يَوْمُالْفَصْلِ جَمَعْناكُمْ وَالْأَوَّلِينَ و منها أن المتخلصين عنالبرازخ و القبور يتوجهون عند قيام الساعةإلى الحضرة الإلهية بلا تراخ و انتظار كمالغيرهم من المقيدين بالدنيا المأسورين