و الاحتراقات و وجود حرف التاء المعجمةباثنتين من فوقها من الحروف و له منالمنازل منزلة القلب الأثير ركن النار وهذه الأركان وجودها قبل وجود هذه الأفلاكمن حيث ما تقول سماوات لا من حيث ما هيأفلاك و هو متصل بالهواء و الهواء حار رطبفبما في الهواء من الرطوبة إذا اتصل بهذاالأثير أثر فيه لتحركه اشتعالا في بعضأجزاء الهواء الرطبة فبدت الكواكب ذواتالأذناب و ذلك لسرعة اندفاعها تظهر في رأىالعين تلك الأذناب
و إذا أردت تحقيق هذا فانظر إلى شرر النارإذا ضرب الهواء النار بالمروحة و غيرهايتطاير منها شرر أمثال الخيوط في رأىالعين ثم تنطفئ كذلك هذه الكواكب و جعلهاالله من زمان بعث رسول الله صلّى الله عليهوسلّم رُجُوماً لِلشَّياطِينِ فإنالشياطين و هم كفار الجن لهم عروج إلىالسماء الدنيا يسترقون السمع أي ما تقولهالملائكة في السماء و تتحدث به مما أوحىالله به فيها فإذا سلك الشيطان أرسل اللهعليه شِهاباً رَصَداً ثاقبا و لهذا يعطيذلك الضوء العظيم الذي تراه و يبقى ذلكالضوء في أثره طريقا و رأيت مرة طريقه قدبقي ضوؤه ساعة و أزيد من ساعة و أنابالطواف رأيته أنا و جماعة الطائفينبالكعبة و تعجب الناس من ذلك و ما رأينا قطليلة أكثر منها ذوات أذناب الليل كله إلىأن أصبح حتى كانت تلك الكواكب لكثرتها وتداخل بعضها على بعض كما يتداخل شرر النارتحول بين أبصارنا و بين رؤية الكواكبفقلنا ما هذا إلا لأمر عظيم فبعد قليل وصلإلينا أن اليمن ظهر فيه حادث في ذلك الوقتالذي رأينا هذا و جاءتهم الريح بتراب شبيهالتوتياء كثير إلى أن عم أرضهم و علا علىالأرض إلى حد الركب و خاف الناس و أظلمعليهم الجو بحيث إن كانوا يمشون في الطرقفي النهار بالسرج و حال تراكم الغمامبينهم و بين نور الشمس و كانوا يسمعون فيالبحر بزبيد دويا عظيما و ذلك في سنةستمائة أو تسع و تسعين و خمسمائة الشك منيفإني ما قيدته حين رأيت ذلك و ما قيدته فيهذا المكان إلا في سنة سبع و عشرين وستمائة و لذلك أصابني الشك لبعد الوقتلكنه معروف عند الخاص و العام من أهلالحجاز و اليمن و رأينا في تلك السنة عجائبكثيرة و في تلك السنة حل الوباء بالطائفحتى ما بقي فيها ساكن حل بهم من أول رجب إلىأول رمضان سنة تسع و تسعين و خمسمائة عنتحقيق و كان الطاعون الذي نزل بهم إذا كانتعلامته في أبدانهم ما يتجاوزون خمسة أيامحتى يهلك فمن جاز خمسة أيام لم يهلك وامتلأت مكة بأهل الطائف و بقيت ديارهممفتحة أبوابها و أقمشتهم و دوابهم فيمراعيها فكان الغريب في تلك المدة إذا مربأرضهم فتناول شيئا من طعامهم أو قماشهمأو دوابهم إذ لم يكن هناك حافظ يحفظه أصابهالطاعون من ساعته و إذا مر و لم يتناولشيئا سلم فحمى الله أموالهم في تلك المدةلمن بقي منهم و لمن ورثهم و تابوا و ورثواالبنات في تلك السنة و سكنت الفتن التيكانت بينهم فلما نجاهم الله من ذلك و رفعهعنهم و استمر لهم الأمان عادوا إلى ماكانوا عليه من الإدبار و هذه الكواكب ذواتالأذناب ما تحدث في الأثير و إنما يحدث منهفي الهواء تشعله فهو على الحقيقة هواءمحترق لا مشتعل هذا هو الأثير فهوكالصواعق فإنها أهوية محترقة لا شعلة فيهافما تمر بشيء إلا أثرت فيه و لا يحدث فيهذا الركن شيء سوى ما ذكرناه إلا أنه فينفس الأمر ملك كريم له تسبيح خاص و سلطانقوي و السماء الدنيا في غاية من البرودة لولا أن الله حال بيننا و بين برد هذه السماءبهذه النار التي بين الهواء و بين السماءما كان حيوان و لا نبات و لا معدن في الأرضلشدة البرد فسخن الله عالم الأرض و الماء والهواء بما ترميه الكواكب من الشعاعات إلىالأرض بوساطة هذا الأثير فسخن العالمفتسري فيه الحياة و ذلك بتقدير العزيزالعليم لا إله إلا هو رب كل شيء و مليكه
و توجهه على إيجاد ما يظهر في ركن الهواء وله من الحروف حرف الزاي و من المنازل منزلةالشولة قال الله تعالى فَسَخَّرْنا لَهُالرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخاءًحَيْثُ أَصابَ فجعلها مأمورة يعلمنا أنهاتعقل و لا يسمى الهواء ريحا إلا إذا تحرك وتموج فإن اشتدت حركته كان زعزعا و إن لمتشتد كان رخاء أي ريحا لينة و الريح ذو روحيعقل كسائر أجسام العالم و هبوبه تسبيحهتسري به الجواري و يطفئ السرج و يشعلالنيران و يحرك المياه و الأشجار و يموجالبحار و يزلزل الأرض و يلعب بالأغصان ويزجي السحاب
و هو ركن أقوى من الماء و الماء أقوى منالنار و النار أقوى من الحديد و الحديدأقوى من الجبال و الجبال أقوى من