فتوحات المکیة فی معرفة الأسرار المالکیة و الملکیة

ابی عبد الله محمد بن علی الحاتمی الطائی المعروف بابن عربی

جلد 2 -صفحه : 694/ 94
نمايش فراداده

عمل بها من حيث عقله و من عمل بها من حيثعقله قد لا يعمل بها من حيث شرعه فالعاملبها من حيث عقله ينسبها إلى هياكل منورة أوعقول مجردة عن المواد لا بد من ذلك والعامل بها من حيث شرعه ينسبها إلى اللهسبحانه و ينسبها من حيث آثارها و ما تنظرإليه لوضع الوسائط بينك و بينها إلىالهياكل النورية و العقول المجردة عنالمواد و أما العامة فلا يعرفونها إلا للهخاصة أو للأسباب القريبة المعتادةالمحسوسة خاصة لا يعلمون غير هذا

الوقوف مع الرب على قدم العبودية المحضة

و ما رأيت و لا سمعت عن أحد من المقربينأنه وقف مع ربه على قدم العبودة المحضةفالملأ الأعلى يقول أَ تَجْعَلُ فِيها منيُفْسِدُ فِيها و المصطفون من البشريقولون رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا ويقولون رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِمن الْكافِرِينَ دَيَّاراً و يقولون إن تهلك هذه العصابة لن تعبد فيالأرض من بعد اليوم‏ و هذا كله لغلب الغيرة عليهم و استعجاللكون الإنسان خلق عجولا فهي حركة طبيعيةأظهرت حكمها في الوقت فانحجب عن صاحبها منالعبودة بقدر استصحاب مثل هذا الحكملصاحبها

نور العبودية على السواء من نورالربوبية

و كل ما كان يقدح في مقام ما و يرمي به ذلكالمقام فإن صاحب ذلك المقام لم يتصف في تلكالحال بالكمال الذي يستحقه و إن كان منالكمل فنور العبودية على السواء من نورالربوبية فإنه من أثره و على قدر ما يقدحفي العبودية يقدح في الربوبية و إن كان مثلهذا القدح لا يقدح و لا يؤثر في السعادةالطبيعية و لكن يؤثر في السعادة العلمية وأعم الدرجات في ذلك درجتان درجة العجلةالتي خلق الإنسان عليها و درجة الغفلةالتي جبل الإنسان عليها و لو لا إن الملأالأعلى له جزء في الطبيعة و مدخل من حيثهيكله النوري ما وصفهم الحق بالخصام فيقوله ما كانَ لِي من عِلْمٍ بِالْمَلَإِالْأَعْلى‏ إِذْ يَخْتَصِمُونَ و لايختصم الملأ الأعلى إلا من حيث المظهرالطبيعي الذي يظهر فيه كظهور جبريل فيصورة دحية و كذلك ظهورهم في الهياكلالنورية المادية و هي هذه الأنوار التيتدركها الحواس فإنها لا تدركها إلا فيمواد طبيعية عنصرية و أما إذا تجردت عن هذهالهياكل فلا خصام و لا نزاع إذ لا تركيب ومهما قلت اثنان كان وقوع الخصام لَوْ كانَفِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا الله لَفَسَدَتا

الوحدة من جميع الوجوه هي الكمال الذي لايقبل النقص و لا الزيادة

فالوحدة من جميع الوجوه هو الكمال الذي لايقبل النقص و لا الزيادة فانظر من حيث هيلا من حيث الموحد بها فإن كانت عين الموحدبها فهي نفسها و إن لم تكن عين الموحد بهافهو تركيب فما هو مقصودنا و لا مطلب الرجالو لهذا اختلفت أحكام الأسماء الإلهية منحيث هي أسماء فأين المنتقم و الشديدالعقاب و القاهر من الرحيم و الغافر واللطيف فالمنتقم يطلب وقوع الانتقام منالمنتقم منه و الرحيم يطلب رفع الانتقامعنه و كل ينظر في الشي‏ء بحسب حكم حقيقتهفلا بد من المنازعة لظهور السلطان فمن نظرإلى الأسماء الإلهية قال بالنزاع الإلهي ولهذا قال تعالى لنبيه وَ جادِلْهُمْبِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فأمره بالجدالالذي تطلبه الأسماء الإلهية و هو قولهبِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ كما ورد في الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه‏ فإذا جادل بالإحسان جادل كأنه يرى ربه ولا يرى ربه مجادلا إلا إذا رآه من حيث ماتطلبه الأسماء الإلهية من التضاد فاعلمذلك‏

حجابا الغفلة و العجلة

و ما منعني من تحصيل هذا المقام إلاالغفلة لا غير فليس بيني و بينه أ الغفلة وهو حجاب لا يرفع و أما حجاب العجلة فأرجوبحمد الله أنه قد ارتفع عني و أما حجابالغفلة فمن المحال رفعه دائما مع وجودالتركيب حيث كان في المعاني أو في الأجسامو لو ارتفع هذا الحجاب لبطل سر الربوبية فيحق هذا الشخص و هو الذي أشار إليه سهل بنعبد الله أو من كان يقوله إن للربوبية سرالو ظهر لبطلت الربوبية لكنه ممكن الحصولبالنظر إلى نفسه و لكن لا أدري هل تقتضيالذات تحصيله و ظهوره في الوجود أم لا غيرأني أعلم أنه ما وقع و مع هذا فلا أقطع يأسيمن تحصيله مع علمي باستحالة ذلك و ينبغيللناصح نفسه أن يقارب هذا المقام جهدالاستطاعة و أما القائلون بالتشبهبالحضرة الإلهية جهد الطاقة و هو التخلقبالأسماء إنه عين المطلوب و الكمال فهوصحيح في باب السلوك لا في عين الحصول و أمافي عين الحصول فلا تشبه بل هو عين الحق والشي‏ء لا يشبه نفسه فأعلى المظاهر مظاهرالجمع و هو عين التفريق‏

(السؤال السابع و الثمانون) ما يقتضي الحقمن الموحدين‏

الجواب أن لا مزاحمة

هو الظاهر من حيث المظاهر و هو الباطن منحيث الهوية

و ذلك أن الله لما تسمى بالظاهر و الباطننفى المزاحمة إذ الظاهر لا يزاحم الباطن والباطن لا يزاحم الظاهر و إنما المزاحمةأن يكون ظاهران أو باطنان فهو الظاهر منحيث المظاهر و هو الباطن من حيث الهويةفالمظاهر متعددة من حيث أعيانها لا منحيث‏