فعلى مذهب المعتزلة من اجتنب الكبائر وواقع الصغائر، فان اللّه يكفر الصغائر عنهو لا يحسن مع اجتناب الكبائر عندهمالمؤاخذة بالصغائر، و متى آخذه بها كانظالما.
و عندنا أنه يحسن من اللّه تعالى أن يؤاخذالعاصي بأي معصية فعلها، و لا يجب عليهإسقاط عقاب معصية لمكان اجتناب ما هو أكبرمنها.
غير أنا نقول: انه تعالى وعد تفضلا منه أنمن اجتنب الكبائر، فانه يكفر عنه ماسواها، بأن يسقط عقابها عنه تفضلا و لوأحده بها لم يكن ظالما، و لم يعين الكبائرالتي إذا اجتنبها كفر ما عداها، لأنه لوفعل ذلك لكان فيه إغراء بما عداها، و ذلكلا يجوز في حكمته تعالى.
و قوله «إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ»معناه: من تركها جانبا «1»، و المواليالمذكور في الاية الورثة.
و المراد بقوله «وَ الَّذِينَ عَقَدَتْأَيْمانُكُمْ» قيل: فيه أقوال: أقواهاأنهم الحلفاء.
و النصيب قيل: فيه قولان، أقواهما أنهنصيب على ما كانوا يتوارثون بالحلف فيالجاهلية، ثم نسخ ذلك بقوله «وَ أُولُواالْأَرْحامِ».
فصل: قوله «وَ اللَّاتِي تَخافُونَنُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضاجِعِ» الاية: 34.
قوله «تخافون» قيل: فيه قولان: أحدهما-تعلمون، لان خوف النشز للعلم بموقفه فلذلكجاز أن يوضع مكان تعلم، كما قال الشاعر:
قال الفراء: معناه ما ظننت، و منه قوله(عليه السلام): أمرت بالسواك حتى خفت أن
(1) في «ن» خائفا. (2) معاني القرآن 1/ 146.