قال ابن عباس: أتى رسول اللّه نفر من يهود،فيهم أبو ياسر بن أخطب و رافع ابن أبي رافعو غيره، فسألوه عمن يؤمن به من الرسل،فقال: أؤمن باللّه و ما أنزل إلينا و ماأنزل الى ابراهيم و إسماعيل و إسحاق ويعقوب و الأسباط و ما أوتي موسى و عيسى و ماأوتي النبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهمو نحن له مسلمون فلما ذكر عيسى جحدوا نبوتهو قالوا: لا نؤمن بمن آمن به، فأنزل اللّههذه الاية.
فان قيل: كيف قال «وَ أَنَّ أَكْثَرَكُمْفاسِقُونَ» و هم جميعا فساقا؟
قلنا: عنه ثلاثة أجوبة:
أحدها: أنهم خارجون عن أمر اللّه طلباللرئاسة و حسدا على منزلة النبوة.
الثاني: فاسقون بركوب الاهواء.
الثالث: على التلطف للاستدعاء.
فان قيل: كيف يعلم عاقل أن دينا من الأديانحق، فيؤثر الباطل على الحق؟
قلنا: أكثر ما نشاهده كذلك من ذلك أنالإنسان يعلم أن القتل يورده النار فيقتلاما إيثارا لشفاء غيظ أو لاخذ مال، و كمافعل إبليس مع علمه بأن اللّه يدخله الناربمعصيته، فآثر هواه على القربة من اللّه وعمل بما يدخله النار، و هذا ظاهر فيالعادات.
فصل: قوله «هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّمِنْ ذلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِمَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَ غَضِبَعَلَيْهِ وَ جَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَوَ الْخَنازِيرَ وَ عَبَدَ الطَّاغُوتَأُولئِكَ شَرٌّ مَكاناً وَ أَضَلُّ عَنْسَواءِ السَّبِيلِ» الاية: 60.
قرأ حمزة «و عبد الطاغوت» بضم الباء و خفضالتاء، يريد خدم الطاغوت.
قال الفراء: و قرأ أبي و عبد اللّه «وعبدوا الطاغوت» على الجمع. و المعنى
(1) مجاز القرآن 1/ 170.