و قوله «وَ أَعْرِضْ عَنِالْمُشْرِكِينَ» أمر للنبي (عليه السلام)بالاعراض عن المشركين، و لا ينافي ذلكأمره إياه بدعائهم الى الحق و قتالهم علىمخالفته لامرين:
أحدهما: أنه أمره بالاعراض عنهم على وجهالاستجهال لهم فيما اعتقدوا من الاشراكبربهم.
الثاني: قال ابن عباس: نسخ ذلك بقوله«فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ» «1».
فصل: قوله «وَ لَوْ شاءَ اللَّهُ ماأَشْرَكُوا وَ ما جَعَلْناكَ عَلَيْهِمْحَفِيظاً» الاية: 107.
ان قيل: كيف قال تعالى «لَوْ شاءَ اللَّهُما أَشْرَكُوا» و المشيئة لا تتعلق الابفعل يصح حدوثه، و لا تتعلق بألا يكونالشيء؟.
قلنا: التقدير لو شاء اللّه أن يكونوا علىغير الشرك قسرا ما أشركوا، فمتعلق المشيئةمحذوف، فمراد هذه الاية المشيئة حالهمالتي ينافي الشرك قسرا بالاقتطاع عن الشركعجزا أو منعا أو إلجاء، و انما لا يشاءاللّه هذه الحال لأنها تنافي التكليف.
و انما لم يمنع العاصي من المعصية، لأنهانما أتى من قبل نفسه، و اللّه تعالى فعلبه جميع ما فعل بالمطيع من ازاحة العلة،فإذا لم يطع و عصى كانت الحجة عليه، و ربماكان في بقائه لطف للمؤمن فيجب تبقيته.
و ليس لاحد أن يقول: الاية دالة على أنه لميرد هدايتهم، لأنه لو أراد ذلك لاهتدوا، وذلك أنه لو لم يرد أن يهتدوا لم يكونواعصاة بمخالفة الاهتداء، لان العاصي هوالذي خالف ما أريد منه، و لما صح أمرهمأيضا بالاهتداء.
فصل: قوله «وَ لا تَسُبُّوا الَّذِينَيَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِفَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْواً بِغَيْرِعِلْمٍ» الاية: 108.
في الاية دلالة على أن المحق يلزمه الكفعن سب السفهاء الذين يتسرعون
(1) سورة التوبة: 6.