قوله «وَ شَدَدْنا أَسْرَهُمْ» قال ابنعباس: الأسر الخلق، و هو من قولهم:
أسر هذا الرجل فأحسن أسره، أي: خلق فأحسنخلقه، أي: شد بعضه على بعض أحسن الشد.
و قال ابن زيد: الأسر القوة، و قوله «خدبأسره» أي: بشده قبل أن يحل، ثم كثر حتى جاءبمعنى خذ جميعه، قال الأخطل:
و أصل الأسر الشد، و منه قتب مأسور، أي:مشدود، و منه الأسير، لأنهم كانوا يشدونهبالقيد.
و قوله «فَمَنْ شاءَ اتَّخَذَ إِلىرَبِّهِ سَبِيلًا» معناه: من شاء اتخذ الىرضا ربه طريقا، بأن يعمل بطاعته و ينتهي عنمعصيته، و ذلك يدل على أنه قادر على ذلكقبل أن يفعله، بخلاف ما يقوله المجبرة.
و قوله «ما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ يَشاءَاللَّهُ» أي: و ليس تشاؤون شيئا من العملبطاعته و بما يرضاه و يوصلكم الى ثوابه الاو اللّه يشاؤه و يريده، لأنه يريد من عبادهأن يطيعوه.
و ليس المراد أن يشاء كل ما يشاؤه العبد منالمعاصي و المباحات، لان الحكيم لا يجوزأن يريد القبائح و لا المباحات، لان ذلكصفة نقص و يتعالى اللّه عن ذلك، و قد قالاللّه تعالى «يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُالْيُسْرَ وَ لا يُرِيدُ بِكُمُالْعُسْرَ» «1» و المعصية و الكفر من أعظمالعسر، فكيف يكون اللّه تعالى شائيا «2»له؟ و هل ذلك الا تناقض ظاهر.
(1) سورة البقرة: 185. (2) في التبيان: مشيئا.