و كتب أبو بكر إلى خالد أن يلحق بهم، وأمره أن يخلف على العراق المثنى، فوافاهمفي ربيع، و أمد هرقل الروم بباهان، فطلععليهم و قد قدم قدامه الشمامسة و الرهبان والقسيسين (1) يحضونهم (2) على القتال، فوافىقدومهم قدوم خالد، فقاتل خالد باهان، وقاتل الأمراء من يليهم، فهزم باهان، وتتابعت الروم على الهزيمة، فاقتحمواخندقهم. و كان المشركون مائتي ألف و أربعينألفا، منهم ثمانون ألف مقيد، و أربعونألفا مسلسل للموت، و أربعون ألفا مربّطونبالعمائم للموت، و ثمانون ألف فارس، وثمانون ألف راجل. و كان المسلمون سبعة وعشرين ألفا إلى أن قدم خالد في تسعة آلاف،فصاروا ستة و ثلاثين ألفا. و قيل: ستة وأربعين ألفا، فمرض أبو بكر رضي الله عنه، وتوفي قبل الفتح بعشر ليال.
(3) لما اجتمع القوم باليرموك أخذ الرهبانيحرضونهم و ينعون إليهم النصرانية،فخرجوا للقتال في جمادى الآخرة، فقام خالدفي الناس، فقال: اجتمعوا و هلموا فلنتعاورالإمارة، فليكن عليها بعضنا اليوم، والآخر غدا، و الآخر بعد غد، [حتى يتأمركلكم] (4)، و دعوني اليوم ألي أمركم، فإناإن رددنا القوم إلى خندقهم لم نزل نردهم، وإن هزمونا لم نفلح بعدها.
فأمّروه، فخرجت الروم في تعبية لم يرالراءون مثلها، و خرج خالد في ستة و ثلاثينكردوسا (5) إلى أربعين، فجعل القلب كراديس،و أقام فيه أبا عبيدة، و جعل الميمنةكراديس و عليها عمرو بن العاص و فيهاشرحبيل بن حسنة، و جعل الميسرة كراديس وعليها يزيد بن أبي سفيان، و كان على كردوسمن كراديس العراق القعقاع بن عمرو، و علىكردوس مذعور بن عدي، و عياض بن غنم علىكردوس،
(1) في الأصل: «القساقسة». (2) في الأصل: «يحرضونهم، و في الطبرييمغرونهم و يحضضونهم». (3) تاريخ الطبري 3/ 394. (4) ما بين المعقوفتين ساقط من الأصول،أوردناه من الطبري 3/ 396. (5) الكردوس: القطعة العظيمة من الخيل،يقال: كردوس القائد خيلة، أي جعلها كتيبةمنه.