الحواس منها ما لا لذة لفعلها فيمحسوساتها و لا ألم.
و منها ما يلتذ و يتألم بتوسط المحسوساتفأما التي لا لذة لها و لا ألم فمثل البصرفإنه لا يلتذ بالألوان و لا يتألم بذلك بلالنفس يتألم بذلك و يلتذ و كذا الحال فيالأذن فإن تألمت الأذن من صوت شديد و العينمن لون مفرط كالضوء فليس تألمها من حيثيسمع أو يبصر بل من حيث يلمس فإنه يحدث فيهألم لمسي و كذلك يحدث فيه بزوال ذلك لذةلمسية.
و أما الشم و الذوق فإنهما يتألمان ويلتذان إذا تكيفا بكيفية منافرة أوملائمة.
و أما اللمس فإنه قد يتألم بالكيفيةالملموسة و قد يلتذ بها و قد تلتذ و يتألمبغير توسط كيفية من المحسوس الأول بلبتفرق الاتصال و التيامه انتهى ما قالالشيخ و اعترض عليه بعض شارحي القانون و هوالمسيحي بقوله هذا في غاية الإشكال.
أما أولا فإنه كان يرى و يعتقد أن المدركللمحسوسات الجزئية هي الحواس فمذهبه فيهذا الموضع إما أن يكون هو ذاك أو لا يكونفإن كان الأول فيكون ناقض كلامه في البصر والسمع و إن كان الثاني فيكون قوله في غيرالسمع و البصر قولا فاسدا.
و أما ثانيا فلأن كل واحد من الحواس لهمحسوس خاص يستحيل أن يدركه غيره و بديهةالعقل حاكمة بهذا و حينئذ نقول كيف يتصورأن يقال إن القوة اللامسة الحاصلة فيالأذن و العين هي المدركة للصوت المفرط واللون الموذي.
و أما ثالثا فلأن ذلك مناقض لحدة اللذة والألم فإنه حد اللذة على ما عرفت بأنهاإدراك الملائم من حيث هو ملائم و الملائمللقوة الباصرة إدراك المبصرات الحسية