حکمة المتعالیة فی الأسفار العقلیة الأربعة

صدرالدین محمد بن ابراهیم

جلد 4 -صفحه : 286/ 276
نمايش فراداده

«275»

و أيضا لا شك أن للطبيعة القائمة بمادةالنطفة اقتضاء في الاستكمال و توجهاغريزيا نحو تحصيل الكمال و ليس توجهها واقتضاؤها مبطلا لنفسه و مفسدا لصورته فمنأين حصلت علة الفساد و سبب البطلان للصورةالأولى حتى يحدث الثانية و الطبيعة لايقتضي إلا حفظ صورتها و التوجه إلى غايتهاو كمالها بإمداد من القوى العالية.

فكما أن الصورة الطبيعية كمال للمادةالجسمية فكذا الصورة النباتية كمال و سببغائي للصورة الطبيعية و كذلك الحيوانيةغاية كمالية للنفس النباتية و هلم جرا إلىدرجة العقل المستفاد و ما بعده و في جميعهذه الدرجات و المقامات وحدة موضوع الحركةمحفوظة بواحد بالعموم من الصورة و هو نوعما من الصور المتعاقبة على الاتصاليستحفظه وحدته الاتصالية بواحد بالعدد منالجوهر الفعال المفيض للكمال بعد الكمالحسب تزايد الاستكمال بتوارد الأحوال والاتصال أيضا ضرب من الوحدة الشخصية و إنكان على سبيل التدريج و عدم الاستقرار وهذا و إن كان فيه حيد عن المشهور لكنك تعلمأن العاقل لا يحيد عن المشهور و لا يجاوزما عليه الجمهور ما وجد عنه محيصا.

ثم من نظر في أطوار الإنسان و عجائب نشأتهو عوالمه و رآه كيف تعرج تارة إلى سماءالعقل رقيا و ينزل إلى أرض الطبيعة هويا لميبق له شك في أن له اشتدادا و تضعفا بحسبجوهر ذاته و إني لا أبالي بمخالفة الجمهورو مجاوزة المشهور بل المسافر يفرح بها ويفتخر فإن الجمهور مستقرون ساكنون فيالبلد الذي هو مسقط رءوسهم و أرض ولادتهم وأول منزل وجودهم و إنما يسافر منه و يهاجرالآحاد منهم دون الأعداد.

و أما الذي يكسر سورة استنكارك و استبعادكحيث تقول إنه يلزم الانقلاب في الماهيات والذاتيات فهو أنك إن تحققت و أذعنت ماأسلفناه في أن الوجود هو الأصل فيالموجودية و الوقوع و الماهيات تابعةلأنحاء الوجودات و علمت أن أفراد الوجودبعضها أشد و بعضها أضعف كما أن بعضها أقدممن بعض بالذات لعلمت أن